عــون يعلــن دخــول معركــة المتــن متحالفــاً مـع المــر والطاشنــاق
يواصل الموفد الفرنسي جان كلود كوسران اليوم لقاءاته اللبنانية بحثاً عن كوة تتيح لوزير الخارجية برنار كوشنير تحقيق تقدم أكبر في زيارته المقبلة الى بيروت، التي ستحصل على وقع استنفار سياسي سببه المعركة الانتخابية المرتقبة في المتن الشمالي وبيروت، التي استوجبت استنفاراً من القوى المشاركة فيها ومن معها من حلفاء، وهو الامر الذي سيكون له أثره على الخطاب السياسي للأفرقاء كافة لأنه سيأخذ طابعاً تعبوياً يحتم رفع سقف المواجهات الأمر الذي يهدّد المناخ الحواري.
وقد لاحظ كوسران من لقاءاته أمس أن المناخ الهادئ الذي واكب لقاء سان كلو لم يعد متوافراً بالقدر نفسه، رغم قناعته بأن تطورات استثنائية لم تحصل خلال هذه المدة، وهو أبلغ مسؤولين برفقته أنه «ليس كثير التفاؤل بإمكان تحقيق تقدم قريب» وهذا ما دفع به الى التصريح بأنه لا يتوقع لقاءات لبنانية ـــــ لبنانية خلال فترة وجوده في بيروت. ويغادر كوسران غداً الى باريس لتقديم «تقدير وضع» الى الوزير كوشنير الذي سيقرر سقف توقعاته من زيارته الى بيروت، وخاصة إذا كان سيدعو قادة الصف الأول الى لقاء في السفارة الفرنسية تحت عنوان «استئناف الحوار»، وهو الهدف الفعلي لهذه الزيارة.
لكن المناخ غير التفاؤلي الذي رافق زيارة كوسران يبدو أكثر ارتباطاً بالحسابات الإقليمية، حيث كشفت مصادر مطلعة عن صعوبات جدية تنتظر الاتصالات العربية ــــ العربية خلال المرحلة المقبلة. ونقل عن دبلوماسي عربي بارز قوله: «إن الأولوية اليوم لما يجري في فلسطين ويمكن لأهل لبنان أن ينتظروا قليلاً».
وكان كوسران قد التقى امس تباعاً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، النائب سعد الحريري، العماد ميشال عون، ثم اجتمع على عشاء في قصر الصنوبر مع المشاركين في لقاء «سان كلو» بغياب ممثلي حزب الله الوزير المستقيل محمد فنيش ومسؤول العلاقات الدولية في الحزب نواف الموسوي اللذين يلتقيهما اليوم.
ونفى كوسران أن يكون هناك تعاون بينه وبين الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، لافتاً الى أنه «ذكر أمام السلطات السورية الجهود التي تبذلها فرنسا للمساعدة في إعادة قيام الحوار اللبناني الداخلي».
ولدى سؤاله عمّا سمعه من سوريا في شأن استعدادها لدعم أي حوار لبناني داخلي قال: «إن التصريحات السورية أعطت أجوبة عن هذه المسألة، وعن استعدادها للمساعدة على استعادة الحوار اللبناني الداخلي». وأوضح أنه ذهب إلى سوريا لكي يقدّم نتائج المحادثات والنقاشات في سان كلو. وقال: «لم تكن لي أية مفاوضات مع سوريا، ولم أذهب إلى هناك للتفاوض».
الانتخابات الفرعية
على صعيد الانتخابات الفرعية في المتن، شهدت الرابية حدثين لافتين أمس، تمثل الأول بدعوة الى التوافق حملها المطران بولس مطر من البطريرك الماروني نصر الله صفير الى النائب عون الذي ردّ بأن الظروف هي التي أوجبت المعركة الانتخابية. أما الحدث الثاني فهو إعلان التيار الوطني الحر والنائب ميشال المر وحزب الطاشناق خوض الانتخابات «بالتكافل والتضامن» لمصلحة مرشح التيار كميل خوري.
ورداً على سؤال عن دعوة الحريري إلى تحويل الاستحقاق فرصة للتصويت ضد القتلة، قال عون: «بالتأكيد إن هذه المعركة ضد القتلة، ولكن من هم القتلة؟ هل له علاقة بهم، نعم أم لا؟»، قائلاً: «من غير الممكن أن تبقى قصة التجارة في الموضوع صبحاً وظهراً ومساءً، والقول «أوعا حدا يترشح أو ينتخب» فهو ضد الشهيد وضد دم الشهيد». وأضاف: «يعرفون القتلة وقد يكونون شركاء الحكومة، كل الالتباسات موجودة اليوم في التحقيقات وحتى الحكومة تتجنب نشر أي شيء، فهل يعقل ذلك؟ هناك ارتباط ما ويظهر في الصحف، فمن يقوم بالتسريبات، وعلى الأقل إذا كانت هذه التسريبات غير صحيحة فلتضع لجان التحقيق يدها على الصحف التي تنشر هذه الأخبار ولتوضح هل ما ينشر كاذب أم صحيح. الشبهات تحوم حول الجميع في هذا الأمر، فلا يتاجرنّ أحد بالأمر».
وعلى صعيد جبهة مخيم نهر البارد، سجل قبل ظهر أمس هدوء حذر غير مسبوق على مختلف المحاور، للمرة الأولى منذ اندلاع الاشتباكات في 20 أيار الماضي، إلا أن الوضع الامني سرعان ما تدهور بعد الظهر وتركزت الاشتباكات في عمق المخيم.
وقصفت مدفعية الجيش بعنف مواقع مسلحي فتح الإسلام وتحصيناتهم في محيط جامع محمد علي في الجبهة الغربية للمخيم. كذلك انهمرت القذائف على تخوم المخيم القديم، وفي حي سعسع التحتاني. واستقدم الجيش لهذه الغاية تعزيزات إلى المنطقة، وواصل عمليات تبديل بين القوى العسكرية، كذلك سيطر على المنطقة الساحلية بالنار بعد اشتباكات دارت في المنطقة، وبات يراقب المسلحين عن كثب ويرصد تحركاتهم.
وعصر أمس، أفيد عن سقوط صاروخ في حي بيت طه في المنية، مصدره مواقع المسلحين داخل المخيم، واقتصرت الأضرار على الماديات.
غير أن تطوراً بارزاً وخطيراً حصل بعد عصر أمس، وطرح تساؤلات وهواجس عدة عن حقيقة ما يحصل في مخيم نهر البارد، وذلك بعدما قام مسلحو «فتح الإسلام» بما يشبه الهجوم المضاد على مواقع الجيش عند محور مركز ناجي العلي الطبي، على تخوم الحدود الفاصلة بين المخيم القديم والجديد في المحور الشمالي، حيث أفيد عن إقدام المسلحين على نزع الأعلام اللبنانية عن بعض المواقع في المحور المذكور، الأمر الذي أعقبه حصول اشتباكات عنيفة، أدّت إلى إصابات في صفوف الجيش.