كوشـنير في بيـروت اليـوم وسليمـان «بين خيـارات» 14 آذار لرئاسـة الجمهـورية
بدا أمس أن المتن متجه الى معركة انتخابية ضارية، إلا إذا نجحت المساعي في اللحظة الاخيرة في التوصل الى تسوية يبدو كأن كل الأطراف تحبّذها على رغم المواقف التصعيدية، عبر المراهنة على «ابتداع» مجلس شورى الدولة المخرج بإبطال مرسوم الانتخابات في المتن دون بيروت، علماً بأن المجلس كان قد أفتى الاسبوع الماضي بعدم صلاحيته للنظر في هذه القضية، أو إلغاء الانتخابات بانسحاب كل المرشحين فيها.
في غضون ذلك، يصل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى بيروت اليوم ويلتقي فوراً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ثم يتناول طعام العشاء الى مائدة رئيس مجلس النواب نبيه بري. وعلمت «الأخبار» أن كوشنير سيلتقي قادة الصف الأول من 14 آذار صباح غد في قصر الصنوبر، على ان يلتقي المشاركين في لقاء سان كلو مساءً. فيما لفت كلام لمصدر وزاري أشار الى أن طرح قائد الجيش العماد ميشال سليمان مرشحاً توافقياً لرئاسة الجمهورية، هو من ضمن الخيارات التي تدرسها «14 آذار».
وفيما جُمّدت أمس تحركات «سعاة الخير» بسبب وجود رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في ألمانيا، أعلن الأخير في اتصال مع محطة «او تي في» أن «الموضوع مختلف عما يروّج في الصحف. المطلوب مداواة الأمور المشكو منها، فإذا تم ذلك فأهلاً وسهلاً، ولكن يبدو أنهم لا يستطيعون».
وقالت مصادر مطلعة على موقف البطريركية المارونية لـ«الأخبار» إن البطريرك نصر الله صفير يضغط في اتجاه إلغاء الانتخابات الفرعية في المتن أو تأجيلها وإنه ابلغ جميع الذين راجعوه أنه لا يريد لهذه الانتخابات أن تُجرى في ظل الأجواء المشحونة السائدة.
وفي موازاة هذه الحركة المارونية برز احتمال أن يوفّر مجلس شورى الدولة مخرجاً ما عبر قراره المتوقع صدوره مطلع الأسبوع المقبل كما قالت مصادر وزارة العدل لـ«الأخبار» في الطعن الذي تقدم به مرشح التيار الوطني الحر كميل خوري، وذلك بإلغاء الانتخابات في المتن من دون بيروت، على خلفية تناقض الدعوة إليها مع مضمون المادة 41 من الدستور التي تقول بمهلة الـ60 يوماً لإجراء الانتخابات لدى شغور المركز النيابي، وهو ما ينطبق على حالة النائب بيار الجميل فقط.
وأبدى مصدر مشارك في المفاوضات تفاؤلاً كبيراً بإمكان نجاح وساطة صفير، مشيراً الى «اقتناع متنام لدى بكركي بضرورة إرجاء المعركة، لأنه لا مصلحة للمسيحيين في خوض معركة كسر عظم»، فيما ذكرت مصادر أخرى أن التفاوض بات محصوراً بمسألة واحدة: إلغاء الانتخابات الفرعية في المتن بانسحاب كل المرشحين، بما يحقق المطلب المسيحي العارم الداعي إلى تجنب معركة قاسية بين طرفين مسيحيين قد تكون لها تداعيات غير محمودة، وفي الوقت نفسه، يحقق مطلب تكتل «التغيير والإصلاح» الرافض لتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية.
وفي موازاة ذلك أكد النائب بيار دكاش الذي يتحرك على خط الوساطة أن المساعي مستمرة لعقد اجتماع بين عون والجميل برعاية صفير موضحاً في اتصال مع «الأخبار» أن «المعطيات الإيجابية تتخطّى كثيراً المعطيات السلبيّة، ما يفتح المجال واسعاً أمام التفاؤل»، ومطمئناً الى أن «الأزمة في طريقها الى الحلّ الذي لم تتبلور صيغته النهائية بعد». وهو ما أكده المطران سليم مظلوم لـ«الأخبار» بالقول «لا طرح ثابتاً بعد» وإن الوساطة «لا تزال في إطار استطلاع استعدادات الأطراف لتفادي المعركة». فيما رأى النائب ميشال المر بعد زيارته الرئيس نبيه بري أنه «يجب أن يتبلور شيء يوم الأحد» مؤكداً أنه يشجع المصالحة، لكنه ملتزم بالتحالف مع عون والطاشناق في الانتخابات.
من جهته، أكد رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري أن الانتخابات الفرعية ستجرى في الخامس من آب المقبل، مشدداً على «وجوب التحسب لمعركة بيروت»، وقال: «على الجميع أن يكونوا جاهزين للمعركة وخوضها». ورأى الحريري خلال استقباله وفداً من عائلات بيروت، في حضور مرشح تيار «المستقبل» محمد الأمين عيتاني «أن الحكومة خط أحمر» مؤكداً «أن انتخابات رئاسة الجمهورية ستحصل في موعدها الدستوري، على رغم كل التهويل والتخويف من إمكان عدم إجرائها»، لافتاً الى أن الكلام على «أن انتخابات الرئاسة لن تحصل في موعدها والتهويل بقيام حكومة ثانية، وبأن الوصاية السورية عائدة الى لبنان، لم يعد ينفع».
زيارة كوشنير
وقالت الخارجية الفرنسية أمس إن كوشنير سيلتقي مختلف القوى السياسية اللبنانية التي جمعها مؤتمر سان كلو الأخير وإن محادثاته ستشمل «حزب الله».
وقال مصدر وزاري في قوى 14 آذار لـ«الأخبار» إنه لا إشارات إلى أن الجانب الفرنسي سيتمكن من تحقيق اختراق في جدار الأزمة يجمع قادة الصف الأول في الموالاة والمعارضة الى طاولة الحوار خلال زيارة كوشنير. وأشار الى أن طرح قائد الجيش مرشحاً توافقياً «من ضمن الخيارات التي تدرسها قوى 14 آذار».
وسيزور كوشنير القاهرة الأحد للقاء نظيريه المصري أحمد أبو الغيط والسعودي الأمير سعود الفيصل والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. وقال أبو الغيط إن المحادثات ستتركز على الجهود التي تبذلها باريس من أجل تسوية الأزمة اللبنانية بالتنسيق مع الجهود العربية المبذولة في هذا الإطار.
بري و«المثالثة»
من جهة أخرى، علق بري عمّا يثار حول المثالثة، فقال: «تطالعنا بعض وسائل الإعلام إضافة إلى طلاقة ألسنة بعض السياسيين بأن موضوع المثالثة موضع بحث جدي، ووصل التجرؤ إلى القول إن الإخوة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية طرحوا هذا الموضوع كأنه موضوع شيعي»، مؤكداً «أننا متمسكون بالطائف لا بالطائفية كما يفعل غيرنا الذي يرفع عنوان الطائف ليمارس الطائفية»، آملاً أن «يؤمن جميع اللبنانيين بأننا مثلهم ليس أقل، متمسكون بالدستور وبالطائف، وأننا وإن كنا نسعى لأي تطوير فهو نحو المجتمع المدني لا نحو التثليث والتربيع والتخميس. فكفى ذرائع للتهرّب من المشاركة في الحياة السياسية».
مخيم البارد
وعلى جبهة مخيم نهر البارد كان اللافت أمس اعلان رئيس لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني خليل مكاوي أنه «عندما تنتهي حالة الإرهاب خلال أيام، سيعاد بناء المخيم، وسيكون أمنه في عهدة الدولة اللبنانية لا في عهدة تنظيمات فلسطينية مسلحة كما كانت الحال سابقاً».
وعلقت قيادة «تحالف القوى الفلسطينية» على كلام مكاوي ببيان أشارت فيه إلى أنه «يحاور فريقاً فلسطينياً محدداً وينسّق معه، متجاهلاً تحالف القوى الفلسطينية الذي يضم ثمانية فصائل فلسطينية، لذا إن أيّ كلام يصدر عن لجنة الحوار لا يلزمنا بشيء». ورأت «أن موقفه يخالف مقررات مؤتمر الحوار الوطني اللبناني التي تنصّ على تنظيم السلاح داخل المخيمات لا نزعه».
وميدانياً، تراجعت حدّة الاشتباكات أمس في المخيم وشهد المحوران الشمالي والشمالي ـــــ الشرقي اشتباكات متقطعة، وقصفاً مدفعياً من مرابض الجيش على أحياء المهجرين والدامون والبروة والمغاربة، ومحيط مركز ناجي الطبي، ومحيط مجمع مدارس الأونروا، إضافة إلى اشتباكات عند المحورين الغربي والجنوبي، وتابع الجيش تقدمه البطيء والملموس، وسجل خروقاً نسبية على مختلف المحاور.