strong>داليما يشجّع على تسوية داخلية وحركة فرنسية ـ سعودية لتوسيع الحكومة بدل استقالتها بعد 10 حزيران
وسط استمرار المراوحة في الجهود السياسية الخاصة بأزمة نهر البارد، جرت اتصالات كثيفة أمس لمنع انهيار الاتفاق على ضبط الوضع في عين الحلوة، حيث جرى العمل على حلحلة بعض العقد الصغيرة التي تخص الانتشار الأمني لمجموعات إسلامية من المخيم على الخط الفاصل عن مواقع الجيش اللبناني. لكن التوافق الفلسطيني لم ينسحب على مشكلة نهر البارد، التي تنتظر محاولة جديدة يقودها الداعية فتحي يكن مع قائد الجيش العماد ميشال سليمان اليوم، للتوصل الى آلية تسهل حلاً سياسياً للأزمة.
إلا أن السجال في طريقة عمل الجيش في المخيم كان ما يزال محل متابعة سياسية، وذكر مصدر أمني رفيع المستوى أن الاجتماع الوزاري ـــــ الأمني الأخير حسم الأمر لمصلحة ترك الخطوات الميدانية الى الجيش وحده من دون أي تدخل، مضيفاً أن الحديث يدور عن حسم لا رجعة عنه، ولكن التفاصيل تتطلب عملاً أمنياً وعسكرياً يقدره الجيش وحده في ظل قرار باستقدام المزيد من الدعم العسكري له. وأشار المصدر نفسه إلى أن طائرات دعم من فرنسا والولايات المتحدة والإمارات والأردن تصل تباعاً محمّلة بالذخائر والعتاد.
وكان العماد سليمان أبلغ اجتماعاً أول من أمس بضرورة توفير الدعم المادي والمعنوي للجيش، مؤكداً أن «ما يجري حتى الآن ليس سوى عمليات جراحية موضعية لا بد منها»، وأن الجيش لا يمكنه «السكوت عما ارتكب بحقه من جرائم، ولكنه يتابع الأمر يوماً بيوم وهو ليس مضطراً لأن يضع مهلة زمنية لحسم الموقف». ونقل عن العماد سليمان قوله «إن الجيش لن يتراجع قبل حسم الموقف وهو يفضّل الحلول السياسية على العسكرية، ذلك أن هذه الجماعة المسلحة تشكل خطراً جدياً على وضع الدولة ككل، لا على هيبة الجيش فقط».
مبادرة يكن
وبينما لوحظ سعي لإعادة تنشيط بعض القوى الإسلامية من جانب فريق 14 آذار على خلفية حسابات سياسية ضيقة، علمت «الأخبار» أن مبادرة رئيس جبهة العمل الإسلامي التي سيعرضها اليوم على قائد الجيش تدعو الى:
«وقف إطلاق النار من الطرفين، ثم حل تنظيم فتح الإسلام واختفاء كوادره الرئيسية بطريقة من الطرق خارج لبنان، ثم تتسلّم أمن المخيم القوى الاسلامية الفلسطينية، وضمان تسريع عودة المهجرين وإعادة إعمار المخيم، ومنع بناء منازل للنازحين خارج المخيم خشية أن يساعد ذلك على فرض التوطين، والتفاهم على صياغة جديدة لوضع المخيمات الفلسطينية ككل، منعاً لتكرار ما حصل في البارد».
وساطة عصبة الأنصار!
في هذا الوقت، برز تطوّر لافت تمثل في عرض «عصبة الأنصار» الموجودة قيادتها في عين الحلوة على جهات عسكرية وأمنية رسمية القيام بمهمة وساطة عاجلة ومكثفة مع «فتح الإسلام» للتوصل الى حل سريع، على قاعدة أن ما قدّمته من تجربة ناجحة قي عين الحلوة يتيح لها القيام بالمهمة نفسها في نهر البارد، وأن المعلومات المتوافرة لديها تفيد بصعوبة الحسم العسكري خلال وقت قصير، وأن الوضع العام يتيح التوصل الى اتفاق سريع.
أما لجنة المتابعة التي شكلت أول من أمس بين فصائل فلسطينية من داخل منظمة التحرير الفلسطينية وخارجها، فقد عقدت امس اجتماعها الأول برئاسة ممثل حركة «حماس» في لبنان أسامة حمدان، بسبب سفر رئيسها عباس زكي. وجرى التداول في إمكان التعجيل بخطوات سياسية لمنع الانفجار الأكبر والقيام بجهود خاصة لمنع تمدد المواجهات الى أماكن مختلفة، وذلك وسط معلومات لدى بعض الفصائل «عن نية فريق 14 آذار فتح ملف السلاح الفلسطيني في كل لبنان في ضوء ما يجري في نهر البارد».
الوضع السياسي الداخلي
ووسط إشارات إلى جهود جديدة للسفير السعودي عبد العزيز خوجة والسفير الفرنسي برنار إيمييه مع فريق 14 آذار لإقناعه بالسير في موضوع حكومة الوحدة، وتوسيع الحكومة الحالية بدل تغييرها بعد العاشر من حزيران الجاري، الموعد النهائي الذي حدده القرار الدولي الرقم 1757 لإقرار المحكمة عبر المؤسسات الدستورية اللبنانية، حثّ وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما، الذي التقى الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، «على العمل من أجل الوصول إلى اتفاق يكون قادراً على الخروج بلبنان من الركود السياسي والمؤسساتي».
واستبق داليما زيارته إلى لبنان بإعلانه من دمشق أنه يحمل «عناصر مشجّعة ومفيدة» إلى المسؤولين اللبنانيين، من شأنها أن تساهم في إيجاد الحلول للأزمة التي يعيشها لبنان، مشدداً على ضرورة تشجيع الحوار بين الأطراف اللبنانيين.
وعلمت «الأخبار» أن محادثات داليما مع بري تركّزت على ثلاث نقاط: حكومة الوحدة الوطنية، وانتخاب رئيس الجمهورية وقانون الانتخاب. وقد شرح رئيس المجلس للوزير الإيطالي الجهود التي بذلها من أجل الخروج من الوضع الراهن وكيف جرى نسفها نتيجة للمواقف المتضاربة بين قادة الأكثرية. وأعلن بري استعداد المعارضة للبحث في مسألة توسيع الحكومة الحالية، أو مناقشة تأليف حكومة جديدة، على أن تسبقها استقالة السنيورة.
كما أبلغ بري داليما بأنه سبق أن أعلن عن موعد لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لافتاً إلى استحالة الوصول إلى ذلك من دون توافق سياسي مدخله حكومة وحدة وطنية. وفي ما يتعلق بقانون الانتخاب، أوضح بري أنه أقنع المعارضة بالنزول عند رغبة البطريرك الماروني نصر الله صفير في اعتماد القضاء دائرة انتخابية، خلافاً لقناعاته، وحرصاً منه على عدم تعميق الغربة لدى الإخوان المسيحيين.
وذكرت المعلومات أن وزير الخارجية الإيطالي أعرب عن تفهّمه لما طرحه بري ووعد ببذل ما في وسعه للمساعدة في هذا المجال.
وكان داليما قد استبق زيارته لبيروت بزيارة دمشق حيث التقى كلاً من الرئيس بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم. وأبلغ مصدر سوري مطّلع «الأخبار» أنه تم الاتفاق بين الجانبين السوري والإيطالي على «العمل معاً، كلّ من جانبه، لحثّ الأطراف اللبنانية على معاودة الحوار في ما بينها للخروج من الأزمة الراهنة».