أقفل صناعيّو زوق مصبح ـــــ كسروان مساء أمس مصانعهم ومحالهم عند الساعة الثامنة قبل أن يفتح الانفجار أبوابها من جديد بعد حوالى ساعة ونصف الساعة على الإقفال. فتوجّه أصحاب محالّ المدخل الغربي للمدينة الصناعية في زوق مصبح إلى محالّهم ليلاً لتفقد الأضرار، لكن الطوق الأمني الذي فرض سريعاً منع كثيرين من الدخول إلى النقطة المحورية للانفجار، فبدأت التساؤلات من كل صوب: «عرفت شي؟ صرلو شي محلي؟ حدا من العمال كان نايم جوّا؟».حركة سيارات الدفاع المدني التي تخطت الخمس كانت لافتة. وطغى على المتجمهرين في محيط الانفجار العنصر الذكوري مع غياب شبه تام للنساء، لأن المنطقة صناعية لا سكنية. ويقول صاحب أحد المعامل في المنطقة «بالأول فكرنا أنبوب أوكسجين من معمل الأوكسجين الذي استشهد صاحبه، لكن الدوي كان هائلاً ما جعلنا نتأكد أنها عبوة»، ويضيف آخر «يا حرام يا بيار كان عم يعمل حسابات النهار وهلّق بدو يعمل حساباتو مع ربّو».
الوهلة دفعت البعض إلى التوجه إلى مكان الانفجار بملابس النوم والبعض الآخر لإطلاق الشتائم. ويقول شاب وهو يبتسم ساخراً: «ما تفاجأنا كنا ناطرين دورنا بكسروان».
لم يسمح للصحافيين أو أهالي المنطقة بالدخول إلى مكان الانفجار. فتجمع «المتفقدون» أمام فرن يسوع الملك حيث حضر أيضاً عضو تكتل التغيير والإصلاح في كسروان النائب شامل موزايا الذي وصف الحكومة الحالية بـ«حكومة دفن الموتى»، متهماً إياها بالتقصير، وخصوصاً في المجال الأمني.
وكان الانفجار قد وقع عند التاسعة ليلاً واستهدف للمرة الأولى مبنى صناعياً وتجارياً يحوي عشرات المحالّ التجارية والصناعية والكاراجات والمصانع الصغيرة، ومنها مصنع قشّوع للبويا الواقع على مدخل المدينة على بعد أمتار قليلة من مدخل كسروان ـــــ طلعة يسوع الملك.
وأدّى الانفجار الذي استخدمت فيه، على ما يبدو في التحقيق الأولي، سيارة مفخخة أوقفت على مدخل المركز الصناعي، إلى دويّ قويّ تردّد صداه في مناطق كسروان وجبيل والمتن الشمالي. وسارعت سيارات الدفاع المدني والإطفاء الى المنطقة وعملت على إخماد النيران على مدى ساعة، وكذلك سيارات الإسعاف والصليب الأحمر التي نقلت الجرحى الى مستشفى سيدة لبنان في جونية.
وأدى الانفجار إلى مقتل بيار الدهنة داخل محله، وإصابة اثنين من العمال السوريين المقيمين في المركز وثالث لبناني من عناصر الدفاع المدني أصيب نتيجة انفجار إحدى القوارير الملتهبة، كما أدى إلى اشتعال النيران في مخازن لمواد ملتهبة. وتوالت الانفجارات كلما امتدت النيران في المستودعات التابعة للمركز. وأدى الانفجار أيضاً الى اندلاع النيران في سيارات خاصة بالمصانع وبعض الموظفين.
وتفقد مكان الانفجار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد ورئيس قسم المباحث الجنائية الخاصة العقيد منذر الأيوبي يرافقه رئيس مكتب مكافحة الإرهاب النقيب ريمون الحلو، فيما باشرت الأجهزة المختصة التحقيقات الأولية استناداً الى معطيات تحدثت عن استهداف مراكز حيوية اقتصادية وتجارية.
وذكر مصدر أمني رفيع لـ«الأخبار» أن الشبكات التي تم تفكيكها حتى الآن في البقاع والشمال تعدّ «رأس جبل الجليد الارهابي»، إذ تعمل القوى الأمنية على معطيات توافرت لديها بإمكانية استهداف المصالح الأكثر حيوية في البلاد، وليس فقط المناطق الصناعية، التي تعد الخاصرة «الأمنية الرخوة» التي تنخفض فيها الكثافة السكانية، في ظل انهماك السلطات الأمنية بمعارك الشمال وحماية الأماكن والمؤسسات الأكثر حساسية، مما يسهل حركة واضعي المتفجرات في التجمعات الصناعية والتجارية.
وفي سياق متصل، حذّرت مصادر رفيعة من احتمال انكشاف البلد أمنيا بشكل أخطر مما هو عليه الآن، في حال استمرار الانقسام السياسي على ما هو عليه.
(الأخبار)