غضب شعبي في تشييع عيدو والأكثرية تطلب دعماً عربياً لنشر قوات دوليّة على الحدود مع سورياالتفاصيل) وارتفاع منسوب التوتر السياسي لقادة 14 آذار، ما يفتح الباب أمام مواجهة سياسية داخلية قد تعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل ستة شهور.في هذه الاثناء، طرأت تطوّرات ميدانية وسياسية في الشمال حيث حقق الجيش اللبناني نقاط تقدم في معركة نهر البارد وسط إشارات الى قرب إعلان انتهاء العمليات بانفراط العقد القيادي لمسلحي «فتح الإسلام» على قاعدة أن غالبيتهم قتلى دفنوا، أو مفقودون اختفوا.
الانتخابات والحدود
وذكرت مصادر مطلعة أن فريق 14 آذار باشر الإعداد لخطوات عملية باتجاه إجراء الانتخابات النيابية الفرعية في بيروت والمتن الشمالي خلال أسابيع، على أن يتم ذلك من دون التوقف عند موقف رئيس الجمهورية إميل لحود أو قوى المعارضة، وحتى ولو حصلت مقاطعة سياسية وشعبية لهذه الانتخابات. كما بدأت المشاورات لاختيار المرشحين مثل إقناع الرئيس أمين الجميل أو النائب السابق نسيب لحود بخوض الانتخابات في المتن، ومسؤول قطاع الشباب في تيار «المستقبل» نادر النقيب أو النائب السابق سليم دياب لمقعد بيروت.
وفي نيويورك ذكرت مصادر مطلعة أن فريق 14 آذار تواصل مع الأمانة العامة للأمم المتحدة وأعضاء في مجلس الأمن بغية تحويل البحث في العشرين من الشهر الجاري للوضع في لبنان نحو احتمال تعديل القرار 1701 باتجاه اتخاذ قرار بتوسيع مهمات القوات الدولية نحو نشر آلاف الجنود الدوليين على طول الحدود الشرقية والشمالية للبنان مع سوريا. وتعمل قوى «الأكثرية» على انتزاع دعم عربي لهذا الطلب من خلال اجتماعات مقررة في الجامعة العربية سيحضرها الوزير طارق متري موفداً من فريق 14 آذار.
وأعلن وزير الاعلام إثر اجتماع برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة في السرايا أمس أن مجلس الوزراء سيعقد غداً السبت جلسة عادية يقر خلالها مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ويرسله الى رئيس الجمهورية، حتى إذا لم يوقعه يصبح نافذاً بعد المهلة الدستورية المحددة بخمسة عشر يوماً ويتولى مجلس الوزراء تنفيذه.
لحود والمعارضة
وبينما لم يصدر موقف رسمي عن القصر الجمهوري، قالت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية إن الرئاسة لم يردها أي شيء يتصل بموضوع الانتخابات الفرعية. وأكدت أن الأولوية لدى الرئيس هي إقامة حكومة وحدة وطنية لأنها الكفيلة بحل كل المشكلات العالقة. وأضافت إن الوضع الذي وصلت إليه البلاد بات يتجاوز أمر الانتخابات أو عدمه لأن الوضع العام أصبح مهتزاً سياسياً ومكشوفاً أمنياً، ولذا لا بد من خطوة إنقاذية له من خلال حكومة وحدة وطنية تعالج كل هذه القضايا.
ووجدت أوساط قيادية في المعارضة في خطوة «الأكثرية» دعوة الى قطع كل أشكال التواصل والحوار، بما قد يدفع رئيس الجمهورية الى خطوات من جانبه مثل التسريع بخطوة إعلان استقالة الحكومة الحالية وتأليف حكومة جديدة.
وقالت الأوساط نفسها إن نقاشات بعيدة عن الأضواء بدأت وإن احتمال حصول تسريع في الخطوات الأحادية من جانب فريق 14 آذار في مسألتي الانتخابات والحدود سيدفع بالمعارضة الى الشروع في خطوات مضادة ليس أقلها إعلان قيام حكومة ثانية، وتعطيل المجلس النيابي، وهو الأمر الذي يفتح البلاد على مواجهات لم تكن محسوبة.
صفير متحفظ
وعلمت «الأخبار» أن دعوة الأكثرية للحكومة في بيانها أول من أمس الى إجراء الانتخابات الفرعية لم تسبقها اتصالات بالبطريرك الماروني نصر الله صفير، وأن قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع وبعض الشخصيات المارونية الموالية أخذوا على عاتقهم أمر إبلاغ سيد بكركي بذلك. وبالفعل، أجرى جعجع اتصالاً هاتفياً بصفير في الليلة نفسها، وأبلغه أن الحكومة ستعقد اجتماعاً قريباً وتدعو الهيئات الناخبة في دائرتي المتن وبيروت إلى إجراء الانتخابات الفرعية، وإذا تمنّع رئيس الجمهورية عن توقيع المرسوم فستبادر إلى إصداره من دون توقيعه، وذلك على قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات». كما اندرجت زيارة النائب بطرس حرب والنائبين السابقين نسيب لحود ومنصور البون لصفير امس في هذا الإطار.
وأشارت المصادر إلى أن البطريرك الماروني تحفظ على تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية، وأنه يفضل البحث عن وسيلة أخرى لإجراء الانتخابات الفرعية، ليس فقط لعدم دستورية القرار، بل أيضاً لأن صدوره سيثير بالتأكيد معارضة كبيرة لدى القوى التي تناوئ الحكومة وقد يؤدي إلى زيادة منسوب عدم الاستقرار.
الجامعة العربية
الى ذلك، ذكر أكثر من مسؤول عربي شارك في الاجتماع الطارئ الذي عقده مندوبو الدول الأعضاء لدى الجامعة العربية أمس، أنه لم يطرح أحد فكرة القمّة الطارئة، اكتفاءً باجتماع وزراء الخارجية الذي دعا إليه لبنان ودعمته مصر والسعودية.
وستهيمن تطورات الوضع الراهن في لبنان على جدول أعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي تتوقع مصادر عربية أن يكون ساخناً وأن يشهد تجاذبات ومشادات بين سوريا وكل من مصر والسعودية، على خلفية تباين وجهات نظر البلدان الثلاثة حيال كيفية التعامل مع المشهد الراهن في لبنان. ولم يتّضح ما إذا كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيشارك في الاجتماع.
نهر البارد
وكانت الاشتباكات قد تجدّدت بعنف أمس على محاور مخيم نهر البارد. واستخدم خلالها الجيش سلاح المروحيات التي أطلقت صواريخ «لاو» على بعض معاقل «فتح الإسلام» وحققت فيها إصابات مباشرة. وأفيد أن الجيش تسلم من حركة «فتح» الطبيب الخاص لعناصر «فتح الإسلام» عمر أبو مرسى، بعدما سلم نفسه إليها في المخيم. كذلك تسلّم الجيش الشيخ هيثم السعدي، المرشد الروحي لـ«فتح الاسلام»، وذلك عند موقع الجيش في بحنين مع اثنين من أتباعه.
وأزال الجيش الفخاخ والكمائن والعبوات التي سبق للمسلّحين أن نصبوها. وسيطر على عدد كبير من الأبنية، قاطعاً حركة التواصل بين مجموعات حركة «فتح الاسلام»، وسط قصف مدفعي عنيف لمواقعها التي دمرت بأجزاء كبيرة. فيما أطلقت مروحية عسكرية من نوع «غازيل» في السادسة مساءً، صواريخ عدة في اتجاه مواقعها في الجهة الغربية من المخيم. وفي الثامنة ليلاً، تقدم الجيش في اتجاه بعض مواقعها الأساسية ودارت معارك عنيفة بالسلاح الابيض عند تخوم هذه المراكز. وعلم أن وحدات من الجيش سيطرت على عدد من مخازن الأسلحة، ورفعت العلم اللبناني على بناية عوض السيد المقابلة لمجمع «ناجي العلي الطبي».