فرنجيّة يؤيّد اجراء انتخابات فرعيّة وعون يستعدّ لخوضها في المتن... وبرّي يدعو إلى تفاهم رئاسيّ
تخطو حكومة الرئيس فؤاد السنيورة اليوم خطوة إضافية في اتجاه الإدارة الأحادية للبلاد. ومن المقرّر أن يصدر عنها مرسوم الدعوة إلى إجراء انتخابات نيابية فرعية في بيروت والمتن الشمالي في أقرب وقت ممكن، في الوقت الذي تعقّدت فيه الاتصالات العربية بشأن حلّ الأزمة الحكومية، وتضاربت المعلومات عن مصير لقاء باريس المقرر نهاية الشهر الجاري، وسط أجواء توحي بانفراطه أو تأجيله حتى إشعار آخر. علماً أنّ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وجّه دعوة إلى الرئيس السنيورة لزيارة باريس بعد عشرة أيّام.
في المقابل، حذّر الرئيس إميل لحود فريق الموالاة من القيام بخطوات «غير دستورية»، وأعربت أوساطه عن قناعته بـ«رفض توقيع أي مرسوم يصدر عن هذه الحكومة». أمّا الرئيس نبيه بري فدعا قوى 14 آذار إلى إعلان مطالبها وأهدافها بعد إقرار المحكمة، بينما لاذ حزب الله بالصمت في وقت أكّدت فيه مراجع في التيار الوطني الحر أنّه مستعدّ منذ الآن لخوض الانتخابات الفرعية المقبلة.
وبحسب ما هو مقرر، فإنّ الحكومة ستحيل اليوم مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى الرئيس لحود طالبة توقيعه. وإذا تعذّر الأمر، فستنتظر مرور أسبوعين قبل أن تعدّه نافذاً، وتباشر إجراءات تنفيذه. وفي الوقت نفسه، نشطت القوى المسيحية في 14 آذار في إقناع البطريرك الماروني نصر الله صفير بأنّ القرار لا ينتقص من دور رئاسة الجمهورية. وهو الأمر الذي تولّاه بشكل مركّز قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
وبينما انهمكت قوى في 14 آذار بدرس الملف الانتخابي من زاوية حشر قوى المعارضة بين خياري المشاركة التي تعني اعترافاً بالحكومة، والمقاطعة التي تتيح تزكية مرشّحي حزب الكتائب في المتن و«المستقبل» في بيروت، قالت مراجع بارزة في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» إنّ هناك توجّهاً للتعامل بإيجابية مع موضوع الانتخابات الفرعية، انطلاقاً من أنّ التيار يدعو إلى انتخابات عامة مبكرة. وأكّدت أنّ التيار قرّر خوض هذه المعركة في المتن الشمالي، وأنّ الخطوات الإجرائية تظلّ رهن ما تعلنه الحكومة. وتحدثت هذه المراجع عن بحث اضافي في الجانب الدستوري الذي يتيح إنجاز الانتخابات في أسرع وقت ممكن.
بدوره، أيّد رئيس «تيّار المردة» سليمان فرنجية في مقابلة مع تلفزيون «المنار» مساء أمس، إجراء انتخابات فرعية في بيروت والمتن. ودعا رئيس الجمهورية اميل لحود الى توقيع مراسيم دعوة الهيئات الناخبة على «اعتبار أن الحكومة بحكم المستقيلة وتقوم بتصريف الأعمال التي من ضمنها إجراء الانتخابات»، مشيراً إلى أنه يستطيع إقناع حلفائه في المعارضة بهذا الرأي.
من جانبه، حذّر لحود من «أن نهج التحدي الذي تلجأ إليه الحكومة غير الدستورية وغير الشرعية بدعم وتحريض من بعض أركان الموالاة، من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً ويسبّب تمادياً في خرق الدستور وانتهاك مبادئ اتفاق الطائف، ممّا يدفع البلاد إلى وضع لا يأتلف مع رغبة جميع اللبنانيين في إنهاء الحالات السياسية والأمنية الشاذة، وفي مقدمها الوضع الحكومي المبتور».
برّي: الوطن ينهار
أمّا الرئيس بري فاستغرب سلوك «الأكثرية التي قالت في البداية فلتقرّ المحكمة أولاً ثم يصار إلى تأليف حكومة وحدة وطنية، والآن بعدما أُقرّت المحكمة أعلنت رفضها للحكومة. فالنائب وليد جنبلاط يعلن بالفم الملآن رفضه حكومة الوحدة الوطنية، فيما الدكتور سمير جعجع عاد إلى نغمة 19+ 10 + 1، مع العلم أنّ قوى 14 آذار بدأت بطرح حكومة 17+ 13 وانتهت عند السفير السعودي عبد العزيز خوجة بـ 19+ 11».
وأضاف برّي أمام زوّاره: «يقولون الآن إنّ الانتخابات الفرعية هي الحلّ، لكنّهم سيكتشفون لاحقاً، حتى لو جرت هذه الانتخابات، أنّها ليست الحل. فالحل معروف، وهو يكمن في تأليف حكومة الوحدة الوطنية التي هي وحدها القادرة على مواجهة التحديات ومعالجة المشكلات التي تواجه البلاد».
وفي الإطار نفسه، قال بري لـ«الأخبار»: «للأسف، ما زال بعض السياسيين يناقشون في تركيبات 17+ 13 و19+ 10 +1 وغيرها. إنّهم يختلفون على جنس الملائكة فيما أسوار الوطن تنهار». وأضاف: «فلنركّز إذاً اهتمامنا على موضوع رئاسة الجمهورية، عسى أن نصل من خلاله إلى توافق. ولنركّز على هذا الموضوع على طاولة الحوار المقررة في باريس ولننسَ حكومة الوحدة الوطنية»، نافياً علمه بتأجيل لقاء باريس خلافاً لما أعلنه جعجع.
وكان الوفد السياسي والنيابي الذي أوفده برّي إلى النائب سعد الحريري معزياً، قد نقل عن الأخير أنه ينتظر من الرئيس بري «مبادرة وحركة عوّدنا إياها من اجل التوحد والتوافق». لكن مصادر المعارضة ردّت على كلام الحريري هذا، مؤكّدة أنه يسود تيار «المستقبل» قياديون تسيّرهم الغرائز ولا تملكون القدرة على التأثير في الشارع، إذ يعملون على التعبئة والشحن المذهبي بدليل الهتافات والشتائم التي تردّدت اثناء تشييع النائب عيدو، وهذا ما حال دون قيام بري شخصياً بواجب العزاء.
السنيورة ولقاء باريس
وتلقّى الرئيس السنيورة اتصالين من الرئيسين الاميركي جورج بوش والفرنسي نيكولا ساركوزي. وقال متحدث باسم الأخير، إنه أكد «دعمه لرئيس الوزراء اللبناني في جهوده لإعادة بسط سلطة الدولة على مجمل الأراضي»، ودعاه إلى الحضور إلى باريس في 26 حزيران الجاري.
وذكرت مصادر مطلعة أنه بعدما اطاح فريق 14 آذار المبادرة السعودية ــــــ الفرنسية ــــــ الإيرانية لتأليف حكومة وحدة وطنية، وبعدما تعطلت مساعي السفير السعودي عبد العزيز خوجة الذي دعته أوساط معارضة إلى «توضيح الموقف الفعلي من الذي يحصل الآن»، فإنّ الرئيس السنيورة توجّه الى الرئيس الفرنسي طالباً تأجيل اللقاء الحواري المفترض في باريس نهاية هذا الشهر بسبب التطورات الداخلية. لكنّ مصادر مسؤولة في الخارجية الفرنسية نفت طلب الرئيس السنيورة إرجاء اللقاء، واكتفت بذكر اعتراضات قوى لبنانية على توقيته، وخصّت بالذكر سمير جعجع (التفاصيل ص 3). وأيّد جعجع في ذلك الجانب الأميركي الذي طلب من باريس تعديل جدول الأعمال بدءاً بتأجيل اللقاء ووصولاً إلى تعديل لوائح المدعوين واستثناء حزب الله منها خاصة. وهو أمر كان السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان قد أوحى به قبل أيّام.
وقالت المصادر إنّ في باريس أجواء إحباط إزاء صعوبة الوضع الداخلي في لبنان، وإن احتمال تعرّض دبلوماسية برنارد كوشنير لانتكاسة كبرى احتمال قوي.
سوريا والجامعة العربية
وفي ملف العلاقة مع سوريا وموضوع نشر مراقبين على الحدود معها، ذكرت المصادر المعنية أن رئاسة مجلس الوزراء أعدّت ملفاً أمنياً وعسكرياً يشرح حجم عمليات تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان، ويتضمن اعترافات لموقوفين من «فتح الإسلام» أمام الأجهزة الأمنية (لا القضائية) بارتباطهم بالمخابرات السورية، ورفعت نسختين من هذا الملف إلى الأمانة العامة للجامعة العربية والأمانة العامة للأمم المتحدة.