اختـلاف الأولويـات مسـتمر بين المـوالاة والمعـارضة وحلّ نهـر البـارد يتأخـر وسـوريا تقفـل معـابر مع لبـنان
تقدم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى خطوة في الشكل أمس، إذ نجح في انتزاع وعد من فريق الأكثرية بمنحه تصوراً واضحاً ومتكاملاً للحل من جانبه، الأمر الذي يتيح له التوصل الى نتيجة مع فريق المعارضة، علماً بأن ما سمعه في اليوم الثاني من جولته أبقاه في دائرة «التبصير» دون أن يكون في وارد الإعلان عن نجاح. وهو لا يزال عند فكرته الاولى بأنه لن يتقدم من تلقاء نفسه بأفكار أو آلية بقدر ما سوف يصوغ من تصورَيْ الفريقين آلية يعتقد أنها مناسبة لإطلاق حوار سريع بين الفريقين يقود سريعاً الى تأليف حكومة وحدة وطنية.
ومع أن موسى والوفد المرافق سمعا أمس مزيداً من المواقف المتناقضة من طرفي النزاع، فهو سيستمع اليوم الى وجهتي نظر أساسيتين من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وزعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون، حيث يفترض أن يؤكدا، بحسب المقربين منهما، موقف المعارضة الراغب في مشاركة حقيقية، وعدم ترك الأمور مفتوحة دون التوصل الى نتائج سريعة.
ونقل موسى الى الرئيس نبيه بري بعض الافكار وحصل على إيضاحات منه عنها، على أن يعود الى الاجتماع به على غداء عمل، يعقبه اجتماعان جديدان مع النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط، وأبلغ بري موسى مجدداً موقف المعارضة وهو أن لا حل للأزمة القائمة إلا بتأليف حكومة وحدة وطنية يتم على أساسها إنجاز الانتخابات الفرعية في المتن وبيروت والاستحقاق الرئاسي.
كذلك طلب بري أن يأتيه موسى بتصوّر موحد للحل من فريق الاكثرية الذي يظهر حتى الآن أنه لم يحسم أمره بعد، إذ بينما كان الحريري يتساءل هل تتوقف التفجيرات والاغتيالات إذا تم تأليف حكومة وحدة وطنية، كان قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع يقول إن طرح حكومة الوحدة الوطنية هو «ضد الوطن».
من جانبه أخذ الرئيس فؤاد السنيورة الوفد العربي الذي التقاه مجدداً أمس الى موضوع الحدود اللبنانية ـــــ السورية حيث عُرضت خلال اللقاء الذي شارك فيه وزير الخارجية بالوكالة طارق متري، «شرائح إلكترونية (سلايدز) عن مراحل وبعض الأجزاء من المعلومات التي توصلت إليها التحقيقات مع عناصر من عصابة «فتح الإسلام» عن النشاطات الإرهابية التي مارسها أفراد هذه العصابة والارتباطات التي حركتهم» وذلك حسبما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.
أما النائب الحريري فطلب من موسى التوسط لدى أركان المعارضة ولا سيما بري ونصر الله وعون للاجتماع به، وأضاف الحريري: إذا كان اللقاء على هذا المستوى غير ممكن الآن، فليتم الحوار على أي مستوى يريدونه، ولكن من المهم الذهاب فوراً الى الحوار ودون شروط مسبقة.
وكان موسى قد زار والوفد المرافق، صباحاً، الرئيس إميل لحود والنائب الحريري ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وقائد الجيش العماد ميشال سليمان، قبل أن يلتقي موسى بري اثر اجتماعه بالنائب الحريري، ثم يلتقي وبقية أعضاء الوفد السنيورة وجنبلاط، ثم تناول العشاء الى مائدة وزير الدفاع الياس المر. وهو سيعقد اليوم مزيداً من الاجتماعات وسط معلومات عن نيته تأجيل سفره الى مساء الجمعة.
وكان موسى قد تحدث في تصريحات عدة عن لقاءاته وقال رداً على سؤال عما إذا كانت الأولوية هي لحسم النزاع حول الحكومة أو الاتفاق على رئيس جمهورية جديد: «هل من أحد وضع هذه قبل تلك. من الممكن التفاوض على كل هذه الامور في الوقت نفسه لأن الوقت يدهم لبنان ولا داعي لترتيب الاولويات. وقت ترتيب الأولويات كان ممكناً لو كان أمامنا سنة أو أكثر أما الآن فأمامنا ثلاثة الى اربعة اشهر».
مخيم البارد
وسط تعثر المبادرات لحل أزمة مخيم نهر البارد، استمرت المعارك على عنفها وشدتها، لليوم الثاني والثلاثين على التوالي، وتركزت في المناطق الواقعة على التخوم الفاصلة بين المخيّمين الجديد والقديم، إضافةً الى توسّع رقعة الاشتباكات باتجاه وسط المخيم القديم والمدخل الجنوبي. وأعلن ضابط في الجيش أنّ «كل مواقع فتح الإسلام في المخيم الجديد سقطت ويمكن أن نقول إن المعارك انتهت في تلك المواقع»، من دون أن يفصح عن مصير المقاتلين مكتفياً بالقول إنه «لم تبق مقاومة في المخيم الجديد».
ومع هذه التطورات الميدانية، بدا واضحاً أن أي حل لا يتضمّن تلبية شروط الجيش لوقف المعركة لن يبصر النور، وأبرز هذه الشروط تسليم العناصر التي اعتدت على الجيش، الأمر الذي ترفضه «فتح ـــــ الإسلام» حتى الآن. وقد عزز هذا الانطباع اجتماع وفد «رابطة علماء فلسطين» بمدير المخابرات في الجيش العميد جورج خوري الذي وُضع «في صورة الاتفاق الذي توصّلنا إليه مع حركة «فتح الإسلام»، وسيرفع نصّ هذا الاتفاق إلى قيادة الجيش، التي ستطّلع عليه قبل أن تعطي ردّاً نهائياً بخصوصه»، حسبما قال مندوب رابطة علماء فلسطين الشيخ محمد الحاج.
كذلك سجل تطور آخر يوحي بـ«انفراط» عقد اللجنة السباعية الفلسطينية، التي لم تعقد أيّ اجتماع لها منذ أيّام، كما ألغي اللقاء الذي كان متوقعاً بينها وبين رابطة العلماء، بسبب رفض ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وأحد أعضاء اللجنة عبّاس زكي، الالتقاء بممثل حركة «حماس»، بعد القرار الذي اتخذته حركة «فتح» بقطع كلّ الاتصالات بـ«حماس»، إثر التطوّرات التي شهدها قطاع غزة أخيراً.
إقفال الحدود السورية
فجأة ودون سابق إنذار أغلقت السلطات الحدودية السورية معبر الجوسية الرسمي على الحدود البرية اللبنانية ـــــ السورية بين حمص والقاع أمام جميع المارة من سيارات وأفراد وآليات سورية ولبنانية، بعد أن كانت منذ بداية أحداث مخيم نهر البارد قد أغلقت معبري العبودية والعريضة لأسباب عدة أهمها منع تسلل عناصر فتح الإسلام أو من ينتمي إلى الحركات الإرهابية المسلحة من أراضيها وإليها.
ومع هذا التدبير الجديد لا يبقى بين البلدين سوى معبر المصنع الذي تناقلت مصادر أمنية عند نقطتي الجمارك السورية واللبنانية أنه سيغلق في الساعات الأربع والعشرين المقبلة لتبدأ من جديد أزمة إغلاق الحدود بين البلدين، التي عاشت تجربة مريرة قبل سنتين دفعت بالرئيس فؤاد السنيورة آنذاك إلى تفعيل الوساطات العربية والدولية لفتح المعابر وتسيير قوافل الشاحنات والبرادات التي كانت متوقفة تنتظر أمر المرور.