غزة ــ رائد لافيرام الله ــ سامي سعيد

أحكمت حكومة الطوارئ الفلسطينية أمس الطوق على سكان غزة بعدما ألغت جوازات السفر القديمة، فباتت صفة «السجن الكبير» حقيقة الوضع في القطاع الذي بدأ العدّ العكسي فيه نحو الكارثة الإنسانية، ولا سيما أن تسعة أيام تفصل غزة عن نفاد المواد الأساسية.
أفق الأزمة الفلسطينية يزداد إغلاقاً يوماً بعد يوم، وترسخ الفصل السياسي بعد الهجوم العنيف الذي شنّه الرئيس محمود عباس أمس على حركة «حماس»، ووصفها بـ«الظلامية والتكفيرية»، وألغى عمل المجلس التشريعي الذي تحظى «حماس» بالغالبية فيه، في إشارة إلى نيته اعتماد خيار الانتخابات المبكرة، الذي أرجأه أكثر من مرة في فترة «التعايش» بين «فتح» و«حماس» (التفاصيل).
واتهم عباس «حماس» بتنفيذ مخطط إقليمي عبر سيطرتها على قطاع غزة، وقال في كلمة أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن «المخطط المعد سلفاً وتوافقت عليه قيادة حماس في الداخل والخارج مع بعض الأطراف الإقليمية كان أسبق من محاولاتنا لتجنيب شعبنا الويلات والنكبات». وأضاف: «إن السيطرة على قطاع غزة هو مخطط سلخ غزة عن الضفة الغربية وإقامة إمارة أو دويلة ظلامية من لون واحد يسيطر عليها تيار واحد من ميزاته التعصب». وادعى أن «حماس» «استبدلت العلم الفلسطيني بعلمها الفصائلي لإقامة إمارة أو دويلة في غزة»، رافضاً الحوار مع «القتلة والإرهابيين والتكفيريين».
البعد الإقليمي للأزمة، الذي عبّر عنه صراحة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه باتهام إيران، شارك فيه أمس وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، الذي قال إن إيران «شجعت حماس على الانقلاب في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن السياسة الإيرانية «خطر على الأمن القومي المصري».
وفي رد على كلام عباس، قال المتحدث باسم «حماس» أيمن طه إن خطاب الرئيس الفلسطيني «نوع من التهريج وفيه الكثير من الحقائق المقلوبة والتضليل والأكاذيب». وتابع ان عباس «وضع نفسه في مصاف التيار الانقلابي، ولم يتعامل كرئيس للشعب الفلسطيني في هذا الخطاب التوتيري».
ورغم تشديد الرئيس الفلسطيني على منع معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، إلا أن أول قرارات حكومة الطوارئ بإلغاء جوازات السفر القديمة، قيّدت حركة سكان القطاع، الذي أعلنت منظمات الأمم المتحدة أن أمامه ثلاثة أسابيع قبل نفاد الزيت والدقيق منه، ما دفع مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط مارك ويليامز إلى الدعوة إلى فتح المعابر الحدودية للقطاع بهدف تجنب «كارثة إنسانية».
ودخلت إسرائيل مجدّداً على خط الأزمة الفلسطينية لتُفاقم معاناة سكان غزة، فتوغلت قواتها مئات الأمتار قرب معبر بيت حانون (إيريز) واشتبكت مع مقاومين، ما أدى إلى سقوط أربعة شهداء، فيما سقط شهيدان في اعتداء إسرائيلي في الضفة الغربية.