زياد الرحباني
يبدو لنا مَثَلٌ لبناني قديم في غاية البساطة والاقناع، لسهولة صياغته لغوياً وسلاسة ايقاعه موسيقياً، وأعني المثل العامّي القائل: «عيش كتير، بتشوف كتير». أي بالفصحى: «عِشْ 52thiran، تَرَ 25thar».
هذا، وإن كان أعزائي، هذا المثل صحيحاً، برأيكم وبحسب أهلنا على امتداد الأرياف والأطياف اللبنانية الصميمة، كيف تفسّرون ظاهرة سمير جعجع؟ واحدٌ من اثنين: أو ان المثل لا معنى له سوى الوزن والقافية وفوّار انطلياس، أو أنَّ الدكتور سمير، كلّما عاشَ كلّما «شَبشَب».
***

أخبروني فجأةً أنَّ السيد، الاستاذ، سعادة النائب ومعالي الوزير أحمد فتفت، كان يوماً، في طرابلس، في الحزب الشيوعي اللبناني. أولاً: لم أُصدّق اطلاقاً. ثانياً: حينَ ألحّوا لدرجة وصَدّقت، كَرِهتُ حياتي. ثالثاً: المعذرة منه ومنكم. لكِن هل فهمتموني؟ وهل فهمتم الآن، ما معنى البادي أظلم؟
ملاحظة: لم أكره حياتي فقط، فقد كَرهت الحزب الشيوعي أيضاً. وعدت وكَرهت الاتحاد السوفياتي اسبوعاً كاملاً تقريباً.
ـــ أَلَمْ تكره الوزير فتفت في كل ذلك؟
ـــ كلا، الوزير، لا!
ـــ كيف ذلك؟
ـــ شيءٌ يفوق طاقته، شيءٌ أقوى من امكانياتنا الشخصية. لا ذنبَ للفتفت في ذلك ولا جَمَلْ، فسبحانه في ملكه.
***

إنَّ الوضع اللبناني برمَّته لا يُعجِبُ لبنانياً واحداً منّا جميعاً. نُسَلِّمُ جميعاً بذلك رغم اختلاف انتماءاتنا والعقائد والأسباب المُحرِّكة. وهذا الاشمئزاز العام مفهوم جداً، لا حاجة «بْنُوبْ» لِشرح أي من أسبابه أو التفاصيل. فالوضع رغم ضبابيته حيناً وتَعَقُّدِه حيناً آخر، يبقى بعد هذا العمر، غايةً في الاشراق والوضوح. انه جَليٌّ يا أخي، كعين الشمس (كأنَّ للشمس عيوناً، أو كأنه يمكن لنا أن نرى عيوناً في الشمس إن وُجِدَت!). إنه، ورُغمَ الاعتصام والمحكمة الدولية ومزارع شبعا ولبنان وسوريا - فلسطين - اسرائيل - العراق - ورغم تواتر تواصل وتنافر رجال الدين والدنيا والآخرة، ورغم السفارات والتدخل والمواكب، التفجيرات والاغتيالات، الأمن الذاتي والسياحة والهجرة والموسم الزراعي الدامي والخليوي وسعر البنزين وربطة الخبز ووزنها وسعر الحد الأدنى نفسه! وسعر صرف الليرة وصرف العمال والمستخدمين والمتعاقدين (أهونهم)، ورغم اليد العاملة الأجنبية و«فتح الاسلام» و«فتح الانتفاضة»، و«فتح الحسابات» و«فتح المدارس» للمهجرين والتوطين واحتياطي الذهب وبنك المدينة الفاضل والفاضلة. وأخيراً، ورغم بازار الانتخابات الرئاسية المقبلة الذي بدأ، ولَيتَهُ ينتهي فوراً، وبالتالي، المرشحين المتداولة أسماؤهم وجحيم وقرف ورتابة التداول في نِسَب الحظوظ والفولكلور المرافق من «آخر خبر» و«يُقال» والتسريبات و«أسرار الآلهة»، و«أسرار الاليزيه» و«أسرار بكركي»، و«سر الكهنوت» و«كلمات سر السفارات»، ورغم حديث الساعة عن احتمال الحكومتين: خبرٌ واحدٌ أوْحَد مُطمئنٌ وسعيد، على هذا الصعيد، لِلُبنانَ جديد.
مهما حصل، وكائناً من كان هذا الرئيس المقبل، لا يمكن، وبأي شكل من الأشكال ومهما تَعقَّدت، أن يكونَ وليد بك جنبلاط، مثلاً. ناموا وأبوابكم مفتوحة.