موسى يعدّ تقريره سريعاً والسنيورة زار الفاتكيان و«حزب الله» يحذّر: من دون حكومة وحدة لا انتخابات رئاسية
فيما تنتظر الأوساط السياسية اللبنانية نتائج زيارة الرئيس فؤاد السنيورة الى اوروبا والتقرير المرتقب للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن جهوده الأخيرة في لبنان، ظلّ الاهتمام منصباً على التوجه السياسي لفريق 14 آذار بالتدخل المباشر في عمل القضاء من خلال طلب تجميد أي قرار او خطوة للمحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وذكرت مصادر قانونية وسياسية أن طلب الرد الذي قدمه محامي الادعاء محمد مطر ضد قاضي التحقيق الياس عيد أثار أسئلة مهنية وسياسية من جانب عديدين، من بينهم قانونيون من فريق 14 آذار نفسه، إذ لاحظ هؤلاء أن الخطوة بدت مرتبكة جداً وأن البيان ــــــ الطلب صيغ بلغة سياسية لا تستند الى معطيات يمكن الركون إليها من جانب الجهة القضائية، حتى إن النائب بطرس حرب دعا الى قراءة هذه الخطوة باعتبارها خطوة سياسية، لا شأناً قضائياً مهنياً فقط، وهو الأمر الذي دفع بالمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا الى تأكيد ثقة الجسم القضائي بالمحقق عيد، وأنه يقوم بعمله بصورة جيدة وموثوق فيها.
وبحسب المصادر المتابعة، فإن فريق الادعاء السياسي وضع نفسه الآن في مواجهة مع لجنة التحقيق الدولية، لا في مواجهة القاضي عيد، وخصوصاً بعدما تأكد أن رئيس اللجنة سيرج براميرتس كان قد أبلغ، بصورة رسمية وموثقة، فريق التحقيق اللبناني، ومن ضمنه القاضيان ميرزا وعيد، بكل ما لديه من معلومات ولم يخف أي شيء، وهو حصر الامر المتعلق بالتوقيف أو عدمه بالقضاء اللبناني، وبالتالي لا يمكن ربط إطلاق الموقوفين أو إبقاء توقيفهم بموقف لجنة التحقيق الدولية،
لكن ذلك لم يمنع فريق 14 آذار من ممارسة المزيد من الضغوط المباشرة بقصد إقناع القاضي عيد بالتنحّي طوعاً. وكشفت مصادر مطلعة أن محامياً من فريق 14 آذار تردّد على القاضي عيد خلال الأسبوع الماضي، بصورة يومية، متحدثاً عن «مخاطر إطلاق أي من الموقوفين لأن لذلك تداعيات سياسية وأمنية خطيرة على البلاد»، علماً بأن عيد أبلغ المتصلين به أن قراره «مرتبط بما لديه من معطيات وبما يمليه عليه ضميره».
ولفت مرجع قانوني الى ان طلب الرد أدّى، عملياً، الى تجميد هذا الملف. وأوضح أن الطلب هو طلب رد وليس طلب تنحّ حسبما ذكرت بعض وسائل الاعلام، لافتاً الى أن طلب الرد يعني أن الادعاء يطلب سحب الملف من القاضي عيد. وشدد المرجع على أن الاصول القضائية «تقضي بأن يرفع الطلب الى محكمة الاستئناف»، مشيراً الى ان القاضي جهاد الوادي «في صدد درس الملف المؤلّف من عشرة آلاف صفحة، وهو غير مقيّد بمهلة زمنية، ما يعني أن القضية الآن لدى محكمة الاستئناف، وباتت، تالياً، مجمدة عملياً وليست في يد القاضي عيد».
تقرير موسى
ومن القاهرة نقل مراسل «الأخبار» خالد محمود رمضان عن مساعدين للأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الأخير أوشك على الانتهاء من إعداد تقرير موسع سيرفعه إلى القادة العرب عبر المملكة العربية السعودية رئيسة الدورة الحالية للقمة، عن نتائج الزيارة الاخيرة لوفد الجامعة إلى بيروت. وأوضح هؤلاء أن التقرير السري الذي لن يجري تداوله إعلامياً، يتضمّن وجهة نظر موسى في كل الاتصالات واللقاءات التي أجراها فى لبنان، وطبيعة العراقيل التي واجهت الوساطة العربية.
الى ذلك، أكّد موسى في تصريحات في القاهرة، أمس، أن الأفق في لبنان لم يصل بعد إلى طريق مسدود، ولفت إلى أن هناك جهوداً أخرى ستستمر الجامعة فيها، على المستويات اللبنانية والعربية والإقليمية والدولية. ورأى أن ما يتردد من حديث عن حكومتين في لبنان إنما هو في إطار «التراشق السياسي»، مؤكداً أن هناك قاعدة مفادها «أن كل دولة فيها أكثر من حكومة تغرق».
الى ذلك، أمضى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يومه امس متجولاً بين روما والفاتيكان ومدريد، فقدم تعازيه الى نظيره الاسباني متعهداً جلب المعتدين على قوات «اليونيفيل» الى المحاكمة، كما التقى وزير خارجية الفاتيكان الكاردنيال تارسيسيو بيرتوني، وشدد بيان صدر عن الفاتيكان على إعادة إطلاق الحوار بين مختلف مكوّنات المجتمع اللبناني، مطالباً المجتمع الدولي بدعم مثل هذه الجهود في لبنان والشرق الأوسط.
وفي بيروت، رأى نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن زيارة السنيورة لفرنسا ولقاءاته مع مسؤولين أميركيين «لم تكن مشجعة كما في الظاهر، لأنه طولب بضرورة الوفاء بالتزاماته بعدما قدَّمت الإدارة الأميركية والدول الأخرى كل شيء، ولم تستطع الحكومة الخروج من محنتها والمأزق الذي وضعت لبنان فيه».
ولوّح قاسم لـ«المراهنين» على تضييع الوقت وصولاً الى الاستحقاق الرئاسي بأنه «إذا لم تحلّ مشكلة الحكومة بالمشاركة الحقيقية، فلن تكون هناك انتخابات رئاسة جمهورية مقبلة وفق قاعدة النصف زائداً واحداً، ولا يمكن المعارضة أن تقبل إلا أن تكون شريكة في اختيار الرئيس».
الأمن شمالاً
وفي تطوّر أمني جديد، نفذ الجيش مساء أول من أمس عملية عسكرية واسعة ضد مجموعة من «فتح الإسلام» في المنطقة الواقعة بين بلدتي القلمون وددة في قضاء الكورة، انتهت بمقتل خمسة من المسلحين، أفاد مصدر عسكري أنهم ثلاثة سعوديين وسوري وعراقي. ونفّذ الجيش حملة تمشيط واسعة في المنطقة، فيما ذكرت معلومات أن هذه المجموعة كان الجيش يطاردها بتهمة الاعتداء عليه ومناصرة المسلحين في شقة حي المئتين في طرابس عشية تفجّر أحداث مخيم نهر البارد.
وفي نهر البارد ساد أمس هدوء حذر عند أطراف المخيم، فيما سجّل قصف متقطّع واشتباكات بين الجيش ومسلحي «فتح الإسلام» على المحورين الشرقي والجنوبي، وحاصر الجيش مجموعة من المسلحين حاولت التسلل من شارع الحجل على تخوم المخيم القديم في اتجاه مواقعه المحدثة في داخله، وأفيد عن مقتل ثلاثة من المسلحين في التسلّل.
وعلى صعيد المبادرات أعلن عضو «رابطة علماء فلسطين» الشيخ محمد الحاج ان العنوان الاساسي لمبادرة حل أزمة مخيم نهر البارد هو «ان يأخذ القضاء مجراه مع سيادة القانون»، وأوضح ان استسلام عناصر «فتح الاسلام» جزء من مفردات تتضمّنها المبادرة، لافتاً الى أنه «تم التوافق على تأليف لجنة أمنية مشتركة من الفصائل» وأنه «سيعقد لقاء مع قيادة الجيش لدرس التطوّرات التي توصلت إليها اللجنة السباعية». وقال: «في ما يتعلق بالشأن الفلسطيني الداخلي كل الأمور باتت جاهزة وآمل أن تكون المناقشات إيجابية مع قيادة الجيش لننتقل في اليومين المقبلين الى مرحلة التنفيذ».
وفي عين الحلوة تردد امس أن «عصبة الانصار» اعتقلت اثنين من عناصر «جند الشام» هما ي. س. وأ. ص. على خلفية إلقاء قنبلتين ليل الأربعاء ـــــ الخميس على نقطة عسكرية للجيش أعقبها إطلاق نار، على رغم انتشار القوة الأمنية الفلسطينية بطابعها الإسلامي. وسجل ليلاً استنفار مسلح لـ«جند الشام» في مخيم الطوارئ والمدخل الشمالي لعين الحلوة، وترافق ذلك مع نزوح عشرات العائلات اللبنانية والفلسطينية من المنطقة، فيما نشطت الاتصالات لإعادة الهدوء.