تراجع أمس الاهتمام بموضوع المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، المطروح في مجلس الأمن، ليطغى عليه مؤتمر شرم الشيخ، وما يمكن أن تكون له من انعكاسات على الوضع اللبناني.فمن نيويورك، أفاد مراسل «الأخبار» نزار عبود أن وفد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الذي يرأسه محمد شطح إلى واشنطن والأمم المتحدة أُصيب بنكسة كبيرة بدّدت ما علّقه من آمال على المهمة التي ذهب من أجلها الى هناك. وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الأخبار» إن السفير الفرنسي جان مارك دي لا سابليير لم يلقَ تجاوباً لدى مجلس الأمن الدولي يساعده على عرض مشروع القرار المقتضب الذي أعده لإنشاء المحكمة الخاصة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وأضافت إن السفير الفرنسي أبدى حرجاً نتيجة ضغوط يمارسها عليه الرئيس جاك شيراك الساعي الى تأمين إقرار المحكمة قبل مغادرته قصر الإليزيه خلال الأسبوعين المقبلين.
وقد سعى شطح لإقناع سفراء الدول في مجلس الأمن وخارجه بتبني موقف مؤيّد، لكنه لم يلق تجاوباً كافياً حتى من الوفدين البريطاني والبلجيكي، عدا عن أكثر من خمس دول أعضاء في المجلس. وعبّر السفير الروسي عن موقف معارض لاعتماد لبنان على المجلس «في كل صغيرة وكبيرة».
وذكرت المعلومات أن وفد السنيورة أبلغ بعض المسؤولين الدوليين أن إنشاء المحكمة بموجب الفصل السابع «لا يتعارض مع سوابق أخرى مثل محكمة رواندا»، لكنّ ردود فعل الدول جاءت متشككة في صحة هذا الموقف.
وعبّر وفد السنيورة عن فشله من خلال مشادّة مع أحد مكاتب الأمم المتحدة بعد اطّلاع «الأخبار» على ما دار في اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. كذلك كشف عن عدم دراية بالأصول المتبعة في الأمم المتحدة لتوزيع المعلومات، فضلاً عن عدم اطلاع على نظام عمل مجلس الأمن. وقد بدا ذلك من مجرد الطلب من بان حضور جلسة مغلقة للمجلس. فلم يكن في وسعه خرق نظام الأمم المتحدة بالسماح للوفد بحضورها وتسجيل سابقة.
وأفادت المعلومات أن شطح لقي «لوماً شديداً» من الخارجية الأميركية لما وصف بـ«تقصير» حكومة السنيورة في المطالبة في رسائلها بالفصل السابع بشكل لا لبس فيه. فالوفد اللبناني يطالب باتخاذ الإجراء الذي يراه الأعضاء والأمين العام مناسباً لإقرار المحكمة بعد بلوغ المساعي اللبنانية طريقاً مسدوداً. وكرّر مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ولش استياءً كان قد عبّر عنه منذ أسبوعين من أن حكومة السنيورة لا تصغي لنصائحه فقط، بل تعير الأُذن لأطراف أخرى، مثل الأطراف العربية الموصوفة بالاعتدال.
لحود وبري والمعارضة
داخلياً، بدا رئيس الجمهورية العماد إميل لحود مهتماً أمس بتتبّع مجريات مؤتمر شرم الشيخ وما يمكن أن تكون له من انعكاسات على لبنان والمنطقة. وأكد لـ«الأخبار» أنه كان ولا يزال عند رأيه بأن لا حل للأزمة من دون تأليف حكومة وحدة وطنية، وأنه سيلجأ الى خطوة دستورية في حينه إذا انتهت ولايته وظلت الأزمة القائمة بين الموالاة والمعارضة على حالها. وكرر التأكيد أنه لا يمكن أن يسلّم المسؤولية لحكومة السنيورة الفاقدة شرعيتها الدستورية نتيجة خروج ممثلي طائفة كبرى وأساسية منها.
إلى ذلك، خرج زوّار رئيس مجلس النواب نبيه بري امس بانطباع مفاده أنه يعلق أهمية على مؤتمر شرم الشيخ وإمكان خروجه بنتائج من شأنها أن تترك انعكاسات إيجابية على لبنان.
وتحدثت أوساط المعارضة عن أن هناك شيئاً ما يُطبخ ومن غير المستبعد أن يكون بري في جو البحث عما يشيع أجواءً مريحة في البلاد بعد الخضات التي تعرّضت لها أخيراً. وأكدت المصادر أن بري «يحاول الآن جس النبض حول إمكان جعل الاستحقاق الرئاسي منطلقاً لمزيد من التوافق لا الانقسام».
عودة براميرتس
وأمس عاد رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي سيرج براميرتس الى بيروت بعدما أمضى خمسة أيام خارج لبنان، تابع خلالها أعمال فريق التحقيق الذي استمع الاثنين الماضي الى رنا قليلات في البرازيل وضبط إفادتها. وقالت مصادر تواكب عمل لجنة التحقيق إن الفريق عاد بـ«صيد ثمين» من البرازيل، ونجح في الحصول على كثير من المعلومات التي كان الفريق الدولي يرغب في استيضاحها، استناداً الى الربط الذي أجرته اللجنة في آخر تقاريرها بين ملف بنك المدينة وجريمة اغتيال الحريري.
اشتباك
وفي تطور أمني لافت دارت اشتباكات مساء أمس في مخيم نهر البارد بين مسلحين من عشيرة سويدان وآخرين من حركة «فتح الإسلام» أوقعت عدداً من الجرحى نقل أربعة منهم الى مستشفيات عكار. وذكر مرجع أمني أن أحد جرحى «فتح الإسلام» في حال خطرة.