سقطت الرهانات على لقاء أميركي ـــ إيراني في شرم الشيخ يمهّد لتسويات محتملة حول بؤر التوتر المتعددة في المنطقة، وبينها لبنان، وفتح الباب أمام تأويلات مختلفة لأسباب عدم حصوله، وتداعياته، وإن كانت ستصطدم جميعها بلغة المهادنة التي ميزت تصريحات المسؤولين الأميركيين، وفي مقدمهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس.الأكيد، من خلال جميع الروايات التي تسربت، أن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي هو من حرم نظيرته الأميركية «فرصة» الاجتماع به. تأكيد عبرت عنه رايس نفسها بقولها أمس إن هذه «الفرصة لم تتوفّر، وإلّا لكنت استغللتها». حجة متكي في ذلك أن بدء حوار مع واشنطن أمر «ليس سهلاً وسيأخذ وقتاً لأنّ جذور المشكلة قديمة».
صحيح أن الوزير الإيراني أعرب عن استعداد بلاده «الدائم للتعاون والمساعدة في أمن العراق وفي إنهاء احتلاله». استعداد عبر عنه أمس اجتماع عقده خبراء من الجانبين، على غرار ما حدث على هامش مؤتمر الجوار السابق الذي عقد في بغداد في 10 آذار الماضي. لكنه، في المقابل، وجّه كلاماً حادّاً لإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش. نصحها بأن «تحل مشاكلها أولاً» وأن تأخذ العبر من «درس العراق» الذي يفيد بضرورة «تجنّب أيّ مواجهة مع أيّ دولة في المنطقة».
ورغم التودد الذي ميز مقاربة رايس للموضوع الإيراني، فقد كانت حازمة في «كواليس» مؤتمر شرم الشيخ. رسالتها الوحيدة كانت «ادعموا حكومة نوري المالكي وإلا...»، بحسب تعبير مصادر عربية مشاركة لـ«الأخبار». كذلك فقد خاضت معركة ضارية، ومعها الوفد العراقي، للوقوف في وجه محاولات عربية لتضمين البيان الختامي إشارة لانسحاب قوات الاحتلال من العراق. معركة لا شك في أنها فازت بها.
لعل الاختراق الوحيد الذي حققته رايس كان اللقاء الذي جمعها أول من أمس مع نظيرها السوري وليد المعلم. لقاء أثار موجة ردود فعل قاسية في صفوف الديموقراطيين الذين استعادوا حملة الانتقادات التي واجهتها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي عندما زارت دمشق. وسعى المتحدث باسم البيت الأبيض طوني سنو جاهداً إلى التقليل من أهميته وإلى التأكيد على أنه لا يمثّل مؤشراً إلى تغيير في السياسة الأميركية، قبل أن يضطر في النهاية إلى الاعتراف بأنه «حصل نقاش. إنه أمر جيد».
وعلّق وزير الخارجيّة السعوديّ سعود الفيصل على حركة رايس تجاه سوريا وإيران بالقول «تستخدم الدبلوماسيّة في بعض الأحيان من أجل العقاب أو المكافأة»، مضيفاً «يبدو لي ذلك صبيانيّاً جدّاً، ونحن نشعر بالغضب عندما لا يكلّم الناس بعضهم بعضاً» (تفاصيل ص 21).