strong>نصر اللّه يطلق برنامج «وعد» للإعمار والسنيورة يعرقله بـ«القوانين» ويحمّل المتضرّرين مسؤوليّة التأخير في صرف التعويضات
بينما يتجه الوضع السياسي إلى مزيد من التأزم، انفجرت امس قنبلة التعويضات المفترضة لأبناء المناطق المتضررة من العدوان الاسرائيلي. ورغم الصمت العام الطويل لأبناء الضاحية والجنوب إزاء التأخر غير المسبوق في معالجة آثار العدوان، تقدم الرئيس فؤاد السنيورة خطوة «غير حكيمة» ستنعكس مزيداً من العرقلة. وبرّر البطء في إتمام الملفات باتهام المتضررين أنفسهم بالمسؤولية عن مخالفات قانونية تاريخية. كما شنّ حملة سياسية على حزب الله وقراره دعم برنامج شركة «وعد» الإعماري للضاحية الجنوبية، وقال كلاماً في الأرقام والسياسة والاجتماع أحدث ردة فعل سلبية لدى جمهور هذه المناطق، ممّا فتح الباب أمام سجال يتوقع أن يطول في ظل إصرار الحكومة على منع آلية التواصل بين غالبية المتضررين وشركة «وعد» التي ستحصل من حزب الله على نحو 150 مليون دولار إضافية على التعويضات المفترضة لإنجاز إعمار اكثر من 250 مبنى ومؤسسة في الضاحية وحدها.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» إن المشكلة كانت قد بدأت قبل بعض الوقت، وتحديداً عندما أُشعرت المملكة العربية السعودية بأن المبالغ التي رصدتها لدعم الإعمار ما زالت في حساب خاص يُمنع التصرف به إلا بتوقيع من الرئيس السنيورة نفسه، الأمر الذي استدعى سؤالاً من السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة الى رئيس الحكومة عما تم إنجازه، ثم حصلت مراجعات سياسية وأهلية مع السنيورة بشأن برنامج الكشوفات.
وتبين لاحقاً أن الرئيس السنيورة أجرى مراجعة مع وزارة المهجرين والهيئة العليا للإغاثة ومجلس الجنوب وشركة «خطيب وعلمي» المكلفة التدقيق في الكشوفات، ولم يعمد الى خطوات إضافية وفق مقترحات تسهل صرف أكثر من خمسين في المئة من الأموال بعد انتهاء أعمال الكشوفات، ما دفع بالرئيس نبيه بري الى إثارة الأمر مع النائب سعد الحريري خلال جلسات الحوار الأخيرة بينهما، وحصل من الأخير على وعد لم ينفَّذ منه شيء. ومن المفترض أن يتناول الرئيس بري الأمر خلال لقاء مع تجمّع شبابي يلتقيه اليوم ويقول كلاماً آخر في الاوضاع السياسية الداخلية.
وتبيّن أن الإحصاء الذي قامت به الهيئات العاملة بإشراف الرئيس السنيورة شمل في الضاحية وحدها 25 ألف متضرر من أصل 35 ألف كشف موثق لدى وزارة المهجرين وشركات التدقيق الخاصة، علماً بأن برنامج «الترميم» الذي قام به حزب الله أنجز حتى الآن إعادة إعمار وإصلاح كل الابنية المتضررة، إضافة الى برنامج «الإيواء» الذي شمل أكثر من خمسين ألف عائلة تلقت من حزب الله مبالغ تتراوح بين 8 و12 ألف دولار.
نصر الله والسنيورة
وكان السنيورة قد رد أمس على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن وجود قرار بمعاقبة الناس منذ الايام الاولى لحرب تموز، وسعى الى تبرير التأخير في إنجاز ملفات إعادة الإعمار في الضاحية الجنوبية وكثير من قرى الجنوب والبقاع بوجود «عقبات تقنية». ولمّح الى مخالفات بناء كثيرة وتعديات على الأملاك العامة والخاصة... إلا أنه أقر في سياق عرضه للإنجازات بأن التعويضات المدفوعة في الضاحية الجنوبية لم تتجاوز 15,4 مليار ليرة من أصل 62 ملياراً مستحقة لنحو 2848 وحدة سكنية متضررة.
وقال السنيورة إن مؤسسة «وعد» التي أعلن نصر الله تأسيسها لتتولى عملية إعادة الإعمار، لن تنفق من أموال الحزب «الطاهرة»، وإنما من أموال اللبنانيين التي ستدفعها الحكومة كتعويضات... وأعلن أن آلية دفع التعويضات التي ستعتمدها الحكومة «تمنع على أي متضرر تفويض طرف ثان بقبض التعويضات المخصصة له، حتى ولو كان هذا التفويض قانونياً».
وكان نصر الله قد أعلن في حديث لتلفزيون «العالم» أول من امس أنه كان من المفترض أن تبدأ مؤسسة «وعد» عملها في أواخر الشهر الحالي، إلا أن حكومة السنيورة تعرقل عبر قرارها بعدم صرف التعويضات. وقال «ان الحكومة تملك المال وتعرقل وصوله للناس، وهي ألغت الوكالة من أجل عدم تمكين حزب الله من قبض التعويضات والمباشرة بالإعمار». وتابع «إن هناك قراراً بمعاقبة الناس على خيارهم السياسي منذ زمن الحرب، والدليل أنه بعد ثمانية أشهر لم تتحرك الحكومة». وأضاف «هذا العمل ثأري لأنّ كل المشروع الذي بُنيت الحرب عليه قد فشل، فهم لم يكونوا سعداء بالنصر ولم يعترفوا به».
أما السنيورة فقال إن الهيئات المعنية أحصت وجود «25 ألف وحدة سكنية في الضاحية إما مدمرة بالكامل وإما متضررة جزئياً»، مذكراً بأن طرحه السابق لإعادة إعمار الضاحية بإشراف الحكومة «لقي اعتراضاً شديداً» في إشارة الى موقف حزب الله. وأوضح أن الآلية الجديدة التي ستعتمد لدفع المستحقات لأهالي الضاحية «لتيسير امورهم»، تقوم على وضع المبلغ المخصص للبناية الواحدة في حساب منفصل في مصرف لبنان على أن يسحب صاحب العلاقة شخصياً حصته منه عند إبرازه المستندات، «ولا نقبل الوكالات». وأعلن أن الحكومة سددت 318 مليون دولار من أصل 707 ملايين دولار تلقاها لبنان فعلياً من الجهات المانحة، علماً بأن مجموع المبالغ الموعودة لدعم جهود إعادة الإعمار تصل الى 1.3 مليار دولار.
وبلغت حصة التعويضات عن المساكن المتضررة 181 مليون دولار، وتم إنفاق 54 مليون دولار على البنى التحتية و42 مليون دولار على النازحين المدنيين جراء الحرب.