أنهى اللقاء المفاجئ الذي عُقد في بعبدا بين رئيس الجمهورية إميل لحود والبطريرك الماروني نصر الله صفير قطيعة قائمة بينهما منذ 13 شهراً. وقد جاء في خضمّ البحث الجاري في شأن الاستحقاق الرئاسي والخيارات التي يمكن الأطراف السياسية المتنازعة اللجوء إليها إذا ما تعذّر إنجاز هذا الاستحقاق.ورغم تعدد الروايات المنسوبة الى الرجلين عمّا دار في هذا اللقاء الذي دام ساعتين ونصف ساعة وتخلّله غداء، فإن الثابت من النتائج يتلخص في الآتي:
قدم الرئيس لحود مطالعة شاملة ركّزت على أسباب الهجوم الذي يتعرّض له منذ أعوام، عازياً ذلك إلى هدف وحيد يتعلق بتذليل العقبات أمام توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. فاستعاد لحود حيثيات الموضوع منذ القمة العربية في بيروت في آذار 2002، وصولاً إلى ما يحصل في لبنان اليوم، معتبراً أن الوضع الراهن هو المرحلة الرابعة من «مخطّط التوطين». وأكد لحود أن تنازله عن هذه «الثابتة الوطنية» سيفتح أمامه تزكية الجميع في الداخل والخارج، للتمديد والتجديد من دون أي عقبة، تماماً كما حصل سابقاً.
وسأل صفير لحود عن حقيقة نيته إصدار مراسيم من جانب واحد، تعلن اعتبار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة مستقيلة، ويبنى على أساسها المقتضى اللازم دستورياً. فأكد لحّود أنه لم يعلن موقفاً وأن هناك ما نسب إليه، ولكنه ليس في وارد البقاء في موقع الرئاسة ولا في قصر بعبدا لحظة واحدة بعد انتهاء ولايته، كما أنه ليس في وارد تسليم البلاد إلى حكومة يعتبرها غير موجودة. ولذلك فإن إصراره كامل على تأليف حكومة وحدة وطنية فوراً، تمهّد لانتخاب الرئيس المقبل، وتكون مؤهّلة لسد الفراغ في حال حصوله. وأكد أنه يحتفظ لنفسه باتخاذ الإجراءات المناسبة في حال عدم حصول ذلك، من دون إعطاء أي تفاصيل أخرى.
وأعرب صفير عن خشيته من الإقدام على تأليف حكومة ثانية، فلم يتلقفها لحود ولم ينفِها لمحدثه، بل اكتفى بالقول إنه سيقوم بما ينصّ عليه الدستور وإنه يحتفظ لنفسه بالمخرج الذي سيقرّره إذا وصلت البلاد إلى الاستحقاق، وتعذّر التوافق على رئيس جديد. وقد أكد لحود أنه مستعد لتسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية في المهلة الدستورية، مع إصراره على أن حكومة السنيورة غير دستورية وغير ميثاقية.
وتحدث صفير عن وحدة الصف المسيحي وعن ضرورة القيام بدور في الانتخابات الرئاسية من باب توفيقي، وأن يصار الى تأمين نصاب هذه الانتخابات لا تعطيلها. وتبادل الرجلان المجاملة عن دور كل منهما في هذا الاستحقاق، من التأكيد على دور البطريرك كمرجعية معنية مباشرة بانتخاب رئيس الجمهورية، وإعادة الاعتبار إلى رئيس الجمهورية ودوره في الاستحقاق، على أنه معني رئيسي بإجرائه، خلافاً لموقف التجاهل الذي تعبّر عنه قوى 14 آذار.
وأظهر النقاش استمرار الخلاف بينهما في بعض المسائل مثل الموقف من شرعية حكومة السنيورة، وسلاح حزب الله، إلى عدم التئام مجلس النواب، والاعتصام المفتوح في الشارع، وحكومة الوحدة الوطنية، والمحكمة الدولية والاستحقاق الرئاسي في جوانبه الدستورية والقانونية، والمعالجات الاقتصادية، ونتائج حرب تموز، والعلاقات اللبنانية ــــ السورية وتلك التي مع فرنسا والولايات المتحدة.