مخـاوف من اسـتمرار تعثـر الحـوار وسـويسرا تجـدّد عرضهـا باستضافته ودمشـق تنتظـر الفيصل
غداة رسالة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، التي طالب فيها بإقرار المحكمة ذات الطابع الدولي بقرار ملزم يتخذه مجلس الامن، دخلت البلاد طوراً جديداً من التصعيد بين الأكثرية والمعارضة في ضوء اجتماعات مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ولش مع قوى 14 آذار، ترافق مع حركة موفدين دوليين في اتجاه لبنان والاتصالات الجارية في أروقة الأمم المتحدة، في ظل توقعات بإقرار المحكمة قبل نهاية الأسبوع الجاري.
ومع وصول ولش الى بيروت بعد ظهر امس في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، أعلن المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد أمس أن مشروع قرار حول إنشاء المحكمة الدولية سيقدم الى مجلس الامن قريباً وربما خلال هذا الاسبوع. وقال «سنبدأ المشاورات ونعتقد أنه سيكون لدينا مشروع قرار ربما قبل نهاية الأسبوع»، وذلك بعدما تلقى المجلس رسالة السنيورة الى بان.
كذلك توقعت مصادر دبلوماسية روسية طرح قرار إنشاء المحكمة في مجلس الأمن على التصويت قبل نهاية الأسبوع. ورأت أن الولايات المتحدة وفرنسا تسعيان لفرض المحكمة بالأصوات المطلقة لأعضاء الـ15 لمجلس الأمن، علماً بأن روسيا والصين لن تستخدما حق الفيتو بالنظر لموافقتهما المبدئية على نظام المحكمة. ورجحت مصادر دبلوماسية عربية أن تمتنعا مع دول أخرى مثل جنوب أفريقيا وقطر عن التصويت.
وكانت الولايات المتحدة قد أكدت طلب السنيورة من الأمم المتحدة إقرار المحكمة في مجلس الأمن. وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، توم كايسي، «إن المحكمة ينبغي أن تنشأ بتفويض كامل، بما فيه الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حتى تستطيع القيام بعملها».
وقد شملت لقاءات ولش كلاً من السنيورة والنائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط والبطريرك الماروني نصر الله صفير، بعدما التقى لدى وصوله في مقر السفارة الاميركية مجموعة من شخصيات 14 آذار، النيابية والسياسية.
وأكد ولش، الذي يلتقي اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري، «أن التزام الولايات المتحدة تجاه لبنان لا يزال راسخاً ودائماً وغير قابل للتفاوض». وأضاف «أن لدى الشعب اللبناني فرصة فريدة في هذا الوقت لتقرير مستقبله بأيديه، بانتخاب رئيس جديد في الوقت المحدد وفقاً للدستور، ومن دون تدخل خارجي». وتابع «للحكومة الجديدة والحكومة الحالية الموجودة حالياً نؤكد أن الولايات المتحدة تقف بجانبهما، لكي لا يتم تقييدهما. يجب أن تكون هناك حكومة واحدة، وهناك حكومة واحدة في هذا البلد».
وتوقع مرجع سياسي أن «يستمر التجاذب بين الأكثرية والمعارضة حتى موعد الاستحقاق الرئاسي»، مشيراً إلى أن «إقرار المحكمة في مجلس الأمن سيضاعف الأزمة الداخلية». وأضاف «من غير المستبعد أن يصب تحرك ولش في اتجاه الفريق الاكثري في هذا الاتجاه، ومن المنتظر أن تبرز خلال الساعات المقبلة نبرة التصعيد في ضوء اجتماعات الدبلوماسي الاميركي مع قوى 14 آذار».
وأشار المرجع نفسه الى ان «موقف بري هو أنه ما دام هناك اعتصام نيابي في المجلس كل ثلاثاء من كل أسبوع، فإنه لن يدعو الى جلسة نيابية عامة، وهو مصر على هذا الموقف تفادياً لتكريس سابقة عقد جلسات نيابية تحت الضغط ومحاولة التضييق على صلاحيات رئيس المجلس».
وكان الرئيس إميل لحود قد بعث امس برسالة إلى بان كي مون حذّر فيها من أن تحرك مجلس الأمن الدولي لإنشاء المحكمة، وفق ما طالب به السنيورة، قد يزعزع استقرار لبنان مجدداً. وقال إن أي تحرك أحادي للمجلس لإنشاء المحكمة يمثّل «تجاوزاً للآلية الدستورية التي تم تجاهلها تماماً» في لبنان. وأضاف إن ذلك «زاد في التوجس من تسييسها أو استعمالها لأغراض سياسية تشلّ قدرتها نهائياً على النتاج القضائي المرجو منها.. وهذا ما يهدّد بأوخم العواقب على استقرار البلاد والسلم الأهلي». ورأى أن السنيورة «توسل المغالطات والتمويه على الحقائق لزجّ مجلس الأمن في ما يخرج عن أهدافه ودوره ومهماته كأعلى سلطة سياسية في منظمة الأمم المتحدة.. والسعي إلى نصرة فريق من اللبنانيين على فريق آخر من خلال الشرعية الدولية».
مبادرة سويسرية
وقال مسؤولون التقوا الموفد الرئاسي السويسري ديدييه بفيرتر انه جدّد، في خلال لقاءاته مع الرؤساء لحود وبري والسنيورة، «طرح اقتراح سابق لحكومته باستضافة اللبنانيين الى طاولة حوار من أجل حل أزمتهم، وأنه حاول استمزاج رأي هؤلاء المسؤولين في مدى استعدادهم لقبول هذا الاقتراح والجلوس الى طاولة الحوار. وكان ردهم بدورهم استيضاح هل المطلوب انعقاد طاولة الحوار خارج لبنان ومن دون أي غطاء عربي ودولي لإنجاح الحوار أم يقتصر الامر على اللبنانيين فقط، وخصوصاً أن نجاح تجربة مؤتمري جنيف ولوزان عامي 1983 و1984اقترن بدعم أميركي غير معلن ودعم سوري وسعودي من خلال جلوس ممثلين لدمشق والرياض الى طاولة الحوار كمراقبين».
وأضاف المسؤولون للموفد السويسري إن «مجرد الحوار للحوار في لبنان يمكن حصوله ولكنه لا يؤدّي الى نتيجة إذا لم يحظ بدعم عربي ودولي».
وعلمت «الأخبار» أن الموفد السويسري، الذي استهل محادثاته بلقاء مع الرئيس لحود، أبلغه أنه يزوره بناءً على «توصية ما» بوجوب أن يبدأ جولته بزيارة رئيس الجمهورية، مؤكداً أن بلاده تقترح استضافة مؤتمر حوار لبناني لبناني في مدينة لوزان في حضور الرئيس اللبناني. وقد نصحه لحود بأن يكمل جولته على بقية الرؤساء والقادة السياسيين على أن يلتقيا في ختامها مجدداً لجوجلة الافكار والنتائج وتحديد الموقف من الاقتراح السويسري في ضوئها.
السعودية وإيران
الى ذلك، لفتت الأنظار جولة السفير الإيراني محمد رضا شيباني على الرئيس بري والنائب سعد الحريري. وعلمت «الأخبار» أن هذين اللقاءين يندرجان في إطار المبادرة السعودية الإيرانية للمساعدة على حل الأزمة.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» وجود مسعى سعودي إيراني غير متبلور بعد حيال الاستحقاق الرئاسي. وقالت «حتى الآن هناك أفكار لتحرك، ولكن ليست هناك صيغة أو بنود للخطوات الواجب اتخاذها في هذا الصدد». وبررت مصادر عربية عدم قيام وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بزيارة دمشق حتى الآن بانشغالات طارئة من بينها وفاة أحد أمراء العائلة الحاكمة في السعودية.