عـون لولش: الانتخابات النيـابية تفتح باب الإصـلاح نحـو دولة قـادرة تحلّ مشـكلة سلاح المقـاومة
ترك مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش بيروت وخلفه سيل من الأسئلة عن حقيقة ما انتهت إليه جولته. وتركّز الاهتمام السياسي على طبيعة اجتماعه مع العماد ميشال عون ومع قائد الجيش العماد ميشال سليمان، من دون أن يسقط ذلك توجّه الأنظار صوب الأمم المتحدة حيث ينتظر صدور قرار في شأن المحكمة الدولية.
وإذ يتصرف فريق السلطة على أساس أن المحكمة باتت وراءه، مركّزاً على العمل لبلورة خياراته في شأن شخص الرئيس المقبل، فإنّ المعارضة تستعدّ لعقد اجتماع قريب لكلّ فصائلها تتدارس خلاله خطة عملها للمرحلة المقبلة، بما في ذلك إعلان قوى بارزة فيها ملاحظاتها على مشروع المحكمة الدولية.
مسوّدة قرار
ونقل مراسل «الأخبار» في نيويورك نزار عبود عن المندوب الأميركي زلماي خليل زاد قوله لـ«الأخبار» إن الدول الغربية الكبرى الثلاث، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، توصّلت لمسوّدة قرار لإنشاء المحكمة الخاصة بلبنان عبر مجلس الأمن الدولي. وأضاف أن اجتماعاً تشاورياً غير رسمي سيعقد للدول الخمس الدائمة العضوية بهذا الخصوص. لكنه لم يكشف مضمون المسوّدة التي وصفت بأنها مقتضبة، وتتبنّى صيغة نظام المحكمة كما أقرتها الأمانة العامة للأمم المتحدة، وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، والتي رفض رئيس الجمهورية إميل لحود ومجلس النواب إقرارها.
وعلى رغم أن خليل زاد حاول إظهار ثقة وهو يتحدث في أحد الأروقة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن أكثر من مصدر عربي وأجنبي مطلع في نيويورك تحدث عن أن المشروع قد يكون وسيلة ضغط على لبنان لحمل المعارضة على تليين موقفها لمصلحة الموالاة، بإقرار المحكمة طوعياً.
وقال دبلوماسي عربي كبير «إن آليات تنفيذ المحكمة بعد إقرارها في مجلس الامن لن تكون ميسّرة، وهنا يكمن مأزق الدول الكبرى». كما استبعد دبلوماسي غربي ذو صلة أن تتمكن الدول الغربية من الاتفاق على صيغة موحدة مع عدد من الدول الأخرى غير الدائمة العضوية خلال أيام أو أسبوع. وأضاف «إذا شاءت الدول الغربية الثلاث المضيّ إلى التصويت بالغالبية المطلقة، فإنها ستضطر الى تخفيف صيغة القرار إلى حدود قصوى، مما يقوّض الغاية الأساس منه، أي بجعله ملزماً».
وهذه التطورات كانت أمس مدار بحث بين رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري والرئيس السنيورة الذي اتصل برئيس الوزراء لقطري الشيخ حمد بن جاسم مستطلعاً موقف قطر من المحكمة باعتبارها عضواً غير دائم في مجلس الأمن. كما تلقّى السنيورة اتّصالاً من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
عون وولش
وفيما رفض عون الحديث عن فحوى اجتماعه بولش، التقى الأخير مجموعة من الصحافيين ورفض أيضاً التعليق مباشرة على الاجتماع، وقال رداً على ثلاثة أسئلة حول الأمر: توجهوا بالسؤال الى عون نفسه. وحرص ولش، كما السفير فيلتمان، على الإجابة باقتضاب عن أسئلة صحافيين وسياسيين التقوهما ونقلوا عنهما أن الحوار «كان صريحاً مع عون، وقد جرى استعراض عام للأوضاع وظلت الخلافات قائمة على التفاصيل، وخصوصاً لجهة نظرة عون الى حزب الله الذي يبقى حتى إشعار آخر هو عنوان مشكلتنا في لبنان، ومن يصر على العلاقة به يضع نفسه في موضع الخلاف معنا. ونحن كرّرنا لعون موقفنا الذي يحثه على مطالبة الحزب بنزع سلاحه والتخلي عن العلاقة به ما دام للحزب برنامجه غير اللبناني».
ورشح أنّ عون تحدث عن شرح مفصّل منه لورقة التفاهم مع حزب الله، وتطرق تفصيلاً الى موقع الحزب وخطورة عزله واستفراده، وأهمية توفير عناصر الثقة معه، وأن ذلك يتم من خلال بناء دولة قوية وقادرة على تعزيز الثقة، وأن المدخل المنطقي لذلك هو إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
ومع أن القيادي في التيار الوطني الحر جبران باسيل أكد لـ«الأخبار» أنه لم يتم فعلاً التطرق الى تفاصيل الملف الرئاسي، إلا أنه علم أن عون أشار إليه عرضاً من خلاله حديثه عن واقع المجلس النيابي الحالي الذي لا يمكنه انتخاب رئيس في ظل الواقع الراهن. كما تطرق عون الى عرض إجمالي لتصوّره للحل في لبنان، وأشار صراحة الى أنّ الدولة القوية هي التي يمكنها احتكار السلاح وإقامة السلطة المركزية وفق عملية إصلاح سياسية شاملة. وقد قاطع المسؤول الأميركي عون في البند الخاص بحزب الله.
... وبرّي
الى ذلك كشف الرئيس نبيه بري الذي التقى أمس السفير السعودي عبد العزيز خوجة، جانباً من حديثه مع ولش، وقال إن الأخير بادره القول: «لا نريد تكرار تجربة العام 1988 بالإتيان برئيس موالٍ لسوريا»، فرد عليه «ونحن لا نقبل الإتيان برئيس موالٍ للولايات المتحدة الاميركية، بل نريد رئيساً لبنانياً ـــــ لبنانياً يكون على علاقة جيدة وممتازة بدءاً بسوريا الجار الشقيق والأقرب، وأيضاً بالولايات المتحدة الدولة الكبرى التي هناك مصلحة للبنان في أن تكون له علاقة ممتازة معها».
هدنة المئة يوم
من جهة أخرى، حضّت الهيئات الاقتصادية والعمالية القيادات السياسية المتنازعة على الالتزام بهدنة المئة يوم التي كانت قد دعت إليها وتبدأ مطلع حزيران وتنتهي في 10 أيلول المقبل بغية إنجاح موسم الاصطياف. وأعربت عن أملها «أن تتحول هذه الهدنة الموقتة إلى هدنة دائمة تؤسّس لعودة الحوار توصلاً إلى مرحلة من السلام والاستقرار الثابت والنهائي».
وقال رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار «إن الهدنة المطلوبة هي هدنة سياسية ـــــ إعلامية تخلق أجواءً إيجابية تبرّد النفوس المشحونة وتخفض منسوب التوتر وتشجع جميع الافرقاء السياسيين على العودة إلى الحوار، ليؤكدوا ما يجمعهم، وهو أكثر بكثير مما يفرّقهم».