غزة ــ رائد لافيالقاهرة ــ خالد محمود رمضان

لم تفلح الغارات الإسرائيلية المتتابعة على قطاع غزة في إعادة توحيد البندقية الفلسطينية، بل كانت سبباً في مزيد من الانقسام، ولا سيما أن الاستهداف الإسرائيلي تركّز خلال الأيام الثلاثة الماضية على مقاومي «حماس»، التي اتهمت صراحة الأجهزة الأمنية وحركة «فتح» بالتنسيق مع قوات الاحتلال، ولجأت في المقابل إلى ما يشبه «الحرب المقدّسة» عبر بث فتاوى ونداءات تحضّ على قتال «الفئة الباغية» (تفاصيل 1-2-3).
وعمدت وسائل إعلام «حماس»، خلال اليومين الماضيين، إلى بث فتاوى لعدد من العلماء الدين، أبرزهم الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين الدكتور محمد سليم العوا، الذي شدّد على «وجوب قتال الفئة الباغية حتى ترجع عن غيها».
وأضاف العوا «إذا اعتُدي على جماعة أو ظلمت أو انتهكت حرماتها وحقوقها أو اتخذت فرقة منافسة من الناحية السياسية القتل والقتال وسيلة للغلبة السياسية بعدما أقصتها الانتخابات الحرة عن الحكم، فهذه جرائم ينبغي أن يعاقب مرتكبوها، وهذا بغي ينبغي أن يقف المسلمون في وجه القائمين به أينما كانوا وسواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين؛ لأننا هنا بصدد عدوان والعدوان يستوي فيه المسلم وغير المسلم»، مشيرا إلى أنه «لا يجوز لأحد اليوم أن يقف على الحياد أو يقول أنا أكف سيفي ولساني وقلمي حتى يظهر لي الحق».
وبثت إذاعة الأقصى فتوى مماثلة للداعية يوسف القرضاوي نفى فيها أن يكون «جميع القتلى في النار». وقال «هناك شهداء سيدخلون الجنة لأنهم على الحق، وآخرون قتلى في النار لأنهم على باطل».
وبث أحد منتديات «حماس» على الانترنت نداء إلى «أنصار السلفية الجهادية» للقتال إلى جانب الحركة. وكذلك شهدت مساجد غزة أمس خلافات خلال صلاة الجمعة، بعدما اعتبر مصلون من «فتح» أن أئمة المساجد يحضّون على القتال مع «حماس».
وحافظت الحركتان على وتيرة الاقتتال بينهما أمس في شوارع غزة، حيث سقط أمس خمسة قتلى جدد.
وعلى وقع الغارات الإسرائيلية، التي أوقعت منذ فجر الجمعة سبعة شهداء، اتهمت «حماس» مجدداً مسؤولين أمنيين فلسطينيين بالتنسيق مع قوات الاحتلال. كما اتهمت عائلات قتلى القوة التنفيذية، التابعة لـ «حماس»، نائب رئيس الوزراء عزام الأحمد وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه بالتحريض على الحركة.
وفي إطار الإعداد لعدوان أشمل على قطاع غزة، اجتمعت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني مع سفراء الدول المعتمدين لدى إسرائيل لوضعهم في أجواء عدوان مرتقب على غزة، وكلفت سفراء إسرائيل في العالم القيام بالمهمة نفسها. وقطعت ليفني الطريق على احتمال نشر قوات دولية في غزة ووضعت شروطاً صعبة، وهو ما فسره دبلوماسيون بأنه رفض مسبق.
وعلمت «الأخبار» أن الرئيس المصري حسني مبارك وجه أمس رسالة عاجلة إلى رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت طالبه خلالها بالوقف الفوري لكل العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصاً في قطاع غزة.
وقالت مصادر وثيقة الصلة بمكتب مبارك، إنه دعا أولمرت إلى ضبط النفس مجدداً وعدم إشعال المزيد من التوتر والامتناع عن مواصلة الهجوم على غزة «لأن ذلك من شأنه إعطاء ذخيرة لقوى التطرف بأن تتحرك لإحباط المساعي الرامية إلى تحقيق السلام واستئناف مسيرة المفاوضات المعطلة منذ سنوات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية».