طهران ــ محمّد شمص
«صريحة وواضحة». بهاتين الكلمتين وصف السفير الإيراني في بغداد حسن كاظمي قمّي أمس الجولة الأولى من مباحثات «قناة بغداد»، التي جمعت وفداً من بلاده برئاسته، مع آخر أميركي ترأسه نظيره رايان كروكر، وحضرها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
محادثات بحثت «كيفيّة إرساء الاستقرار في بلاد الرافدين» عبر كبح جماح العنف والسيطرة على المفاصل الأمنيّة في البلاد. ولعل أبرز ما فيها تأكيد الوفد الإيراني لنظيره الأميركي، حسبما أفادت مصادر مطلعة على المحادثات لـ «الأخبار»، أنّ حكومة نوري المالكي «خطّ أحمر» وأنّ طهران لن تقبل بأيّ تغيير فيها، موضحةً أنّ هذه القضية كانت في صلب أهداف الوفد الإيراني وأنّ المساومة عليها تحت أي من الظروف ممنوعة، بحسب تعليمات وزارة خارجيته.
الجميع وصف نتيجة اللقاء بأنّها «إيجابيّة»، برغم تشديد كروكر، خلال مؤتمره الصحافي بعد انتهائه، على أنّه أبلغ الجانب الإيراني بأنّ «نياته المبدئيّة» بشأن مصالح الجار العراقي، لا قيمة لها من دون بلورة واقعيّة، وبرغم التشكيك الإيراني اللامتناهي في مخطّطات الاحتلال بشأن العراق والمنطقة.
المحادثات نجحت بمعنى أنّها أوجدت ثغرة في جدار «عدم الثقة» المتعاظم بين طهران وواشنطن. إلّا أنّ نجاحها، وبحسب مصادر إيرانيّة مطّلعة، مشوب بالحذر والشكوك، وخصوصاً أنّ خطاب التشكيك الإيراني لازمها أمس، عندما جدّد وزير الخارجيّة منوشهر متّكي ربط التقدّم في مسيرة الحوار بـ «اعتراف أميركي» بفشل سياساته في المنطقة ككلّ وفي العراق.
إلّا أنّ المصادر المقرّبة من المحادثات أوضحت لـ«الأخبار» أنّ قبول الإيرانيّين بمحاورة «الشيطان الأكبر» قد يؤسّس لمرحلة جديدة تفتح الباب أمام حوار أكثر جدية في المستقبل يشمل قضايا عديدة في المنطقة، ولا سيّما في لبنان وفلسطين.
أمّا بالنسبة إلى العراق، فإنّ الحوار حقق على أقلّ تقدير رغبة العراقيين الذين كانوا يَرجون حصوله لإيجاد حلّ للأزمة الأمنية، ويتمنّون امتداده ليشمل أفقاً أوسع للعلاقات بين واشنطن وطهران قد يعد بحلّ أكثر جذريّة للمعضلة العراقيّة، على حدّ تعبير المالكي قبيل بدء المحادثات، التي احتضنها مكتبه في «المدينة الخضراء».
ويبدو أنّ الهدنة التي يعد بها الحوار، المتوقّع استكماله في فترة لا تتعدى الشهر بطلب عراقي، ستعطي فرصة لحكومة المالكي ولخطتها الأمنية، علماً بأنّ المفاوضين لم يتفقوا على صيغة مشتركة لمعالجة أمنيّة حاسمة.
(التفاصيل)