strong>بري وصفير يرحّبان والحريري يرفض... وإجراءات أمنية في المطار تحسّباً لـ «عمل إرهابي كبير»
هل تفتح مبادرة الرئيس إميل لحود «الإنقاذية»، عبر تأليف حكومة إنقاذ وطني، ثغرة في جدار الأزمة المستعصية؟ وهل تعطي الأكثرية رئيس الجمهورية شرف أن يكون المبادر الى الإنقاذ، وبينها وبينه ما صنع الحدّاد؟ وهل تقتنع الأطراف اللبنانية كافة، موالاة ومعارضة، بأن الأوان آن للخروج من النفق الحالي بعدما بات إقرار المحكمة الدولية تحصيل حاصل، وبعدما تحوّلت «جبهة» نهر البارد «خطوط تماس» جديدة؟ وبعدما بلغت المخاطر الأمنية حد تهديد مرافق حيوية بالتعرّض لعمليات إرهابية؟ أم أن رئيس الجمهورية قام بخطوته هذه على قاعدة «اللهم اشهد أني قد بلّغت»، وذلك قبل أن «أقرر ما يمليه عليّ ضميري والدستور»، كما كرّر مراراً؟
واستطراداً، هل تحظى مبادرة لحود برعاية سعودية ـــ إيرانية، على خلفية اللقاء الأميركي ـــــ الإيراني في «قناة بغداد»، وعلى خلفية الانفتاح الفرنسي الجديد على المعارضة، الذي تجلّى في إعلان باريس استعدادها للقاء مع «حزب الله»، وهو ما ترافق مع معلومات عن احتمال أن يستقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي العماد ميشال عون الموجود في باريس؟
وفي انتظار تبلور أجوبة عن هذه الأسئلة، وعلى رغم رفض رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري «حكومة إنقاذ»، فإن لحود، على أية حال، ضرب «ضربة معلم» بتسويق مبادرته لدى البطريرك الماروني نصر الله صفير بعد زيارته له في بكركي، مفسحاً في المجال أمام فتح الاتصالات العلنية بين بكركي وبعبدا وعين التينة.
وعلمت «الأخبار» أن لحود بادر البطريرك صفير بتكرار أنه لن يسلّم الحكومة الحالية السلطة لأنها غير شرعية وغير دستورية، وسيؤلف ليل 24/ 25 تشرين الثاني حكومة يسلمها صلاحيات رئيس الجمهورية، «ولكن بما أن لديّ احتراماً لك كمرجعية وأدرك حرصك على البلد، وحتى لا تكون هناك حكومتان، فإني أطرح مبادرة لتشكيل حكومة إنقاذ من الطوائف الست تكون مهمتها تبريد الأجواء وإعادة وضع الامور في نصابها الدستوري والميثاقي وتنجز انتخابات رئاسة الجمهورية ضمن التوافق وتصوغ قانون انتخاب يحفظ التمثيل الحقيقي للجميع في لبنان لأن عدم تشكيل حكومة الانقاذ سيؤدي الى التدهور الأمني الذي ستكون نتيجته الاولى التوطين بعد إفراغ المخيمات من سكانها الفلسطينيين وذوبانهم في المناطق اللبنانية كنازحين أولاً وكمقيمين لاحقاً. فإذا كنت ترغب في التوطين فإن طريق نهر البارد هي التي ستؤدي إليه. وإذا لم تكن تريده فعليك أن تبادر الى اتخاذ موقف إنقاذي، والإنقاذ هو عبر حكومة الإنقاذ». فلفته صفير الى أن هذا الموضوع قد يفتح الشهية أمام الحصص والاستيزار، ويأخذ وقتاً، عندها طرح رئيس الجمهورية فكرة حكومة إنقاذ من ستة أشخاص يمثلون الطوائف الست الرئيسية، معتبراً أن «لا مجال للحصص في حكومة كهذه إذ إن كل طائفة ستكون ممثلة بوزير، ومهمتها إنقاذية وتتعاطى في الملفات العالقة، وتهيئة الأجواء لاستحقاق رئاسي هادئ وتعالج الملفات الحساسة، كما أن عمرها لن يطول لأنها تسقط حكماً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وبعدما شرح لحود لصفير الوضع الراهن وأبعاده وخلفياته تبنى الأخير المبادرة، واتصل برئيس مجلس النواب نبيه بري وأبلغه تأييده لها، وتمنى عليه أن يتولى مناقشتها مع المعارضة والحصول على موافقتها، على أن يتولى هو مناقشتها مع الأكثرية.
واتصل لحود ببري مساءً، وأفادت مصادر رسمية أنه تشاور معه في «الأوضاع الدقيقة والخطيرة التي تمر بها البلاد»، وأكد له أنه «لا حل للخروج من الوضع الراهن إلا بتأليف حكومة وحدة وطنية». وأكدت المصادر أن وجهات النظر «كانت متقاربة».
وعلمت «الأخبار» أن هناك استعجالاً للحصول على أجوبة نهائية من أطراف المعارضة والموالاة، في محاولة لاستغلال التعديلات التي أدخلت على قرار المحكمة الدولية بتأخير نفاذه حتى العاشر من حزيران، فإذا سارت الأمور على ما يرام أمكن ابلاغ مجلس الأمن بأن اللبنانيين على مشارف تأليف حكومة وطنية تأخذ على عاتقها إقرار المحكمة عبر المؤسسات الدستورية بعد الأخذ بملاحظات المعارضة التي لا تجوّف المحكمة من الهدف من إنشائها.
وعلمت «الأخبار» أن لقاءً ثلاثياً قد يعقد بين الرؤساء لحود وبري وفؤاد السنيورة في الأيام القليلة المقبلة إذا تجاوب رئيس الحكومة مع الفكرة، بهدف تأليف حكومة إنقاذ وطني تأخذ على عاتقها حل أزمة نهر البارد وتمهّد للاستحقاق الرئاسي في أجواء هادئة. إلا أن مصادر قريبة من بري أكدت أن رئيس المجلس يشترط قبل أي لقاء كهذا استقالة الرئيس فؤاد السنيورة، وبعدها تبحث كل الأمور من البيان الوزاري للحكومة الجديدة ومضمونه قبل أن يدعو رئيس الجمهورية الى استشارات التكليف ويسمّي في ضوئها من يفوز بتأييد الاكثرية النيابية سواء كان السنيورة أو غيره.
وكان اللقاء بين لحود وصفير والاتصالات التي واكبته بين مواضيع البحث في لقاء عقد بين رئيس الحكومة والسفير المصري حسين ضرار الذي أوضح بعد اللقاء «أن الرئيس السنيورة لا يعرف شيئاً عن هذه المبادرة ولم يتبلغ شيئاً في شأنها بعد».
وفي موقف له من طرح حكومة الإنقاذ التي دعا إليها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الجمعة الماضي، والتي حاكاها موقف رئيس الجمهورية، قال الحريري في حوار ينشره ملحق «نهار الشباب» اليوم إن «هناك من يريد حكومة عاجلة لقطع الطريق على المحكمة الدولية، والدعوات الاخيرة التي سمعنا عنها تصب في هذا الإطار»، معرباً عن خشيته من أن يكون «رمي الكرة باتجاه ما يسمّى حكومة إنقاذ، من دون مضمون سياسي، قفزة جديدة في المجهول، أي محاولة للالتفاف على موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية أيضاً. ونخشى من المطالبة بحكومة تكون بديلاً لانتخابات الرئاسة ولموقع رئاسة الجمهورية. نريد حكومة لا تلغي انتخابات الرئاسة، بل تعمل على إجراء هذه الانتخابات في موعدها الدستوري».
تهديدات إرهابية
هذه التطورات المتسارعة ترافقت مع ورود معلومات أمنية عن «عمل إرهابي كبير» قد يستهدف مطار رفيق الحريري الدولي، وعن إحباط محاولة لاغتيال سفير دولة خليجية في بيروت.
وأوضحت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن الأجهزة الأمنية المختلفة استنفرت منذ أربعة أيام، وأن عشرات من عناصر جهاز أمن المطار انتشروا بلباس مدني في أنحاء المطار إثر ورود تحذير عال عن احتمال تعرض إحدى صالتي الوصول أو المغادرة لعمل إرهابي، عبر عملية انتحارية، أو بواسطة حقيبة متفجرات تصل بالشحن.
كما علمت «الأخبار» أن شخصين غير لبنانيين أوقفا ليل الاثنين ـــــ الثلاثاء قرب منزل سفير دولة خليجية في بيروت، اثر معلومات عن احتمال تعرض السفير للاغتيال، وعثر معهما على كاميرا متطورة. وبمراجعة الصور تبيّن أنها التقطت للمبنى الذي يقيم فيه السفير ولشقته من كل الزوايا. واعترف الموقوفان أ. ح. ج. ور. م. ح. بأنهما يعملان لمصلحة شخص لم تتوافر معلومات كافية عنه بعد.
وكانت القوى الأمنية قد أوقفت أمس في فندق بارك تاور للشقق المفروشة قرب مستشفى رزق في الأشرفية شاباً لبنانياً يدعى أحمد م.، للاشتباه في علاقته بمنظمات إرهابية. وذكرت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن الموقوف مشتبه في أنه كان يقوم بمهمة «ضابط ارتباط» بين حركة «فتح الاسلام» وجهات على علاقة مع تنظيم «القاعدة»، وأنه كان يحمل جواز سفر سعودياً مزوراً. كذلك تمكنت القوى الأمنية من اعتقال شقيقيه. وصادرت القوى الأمنية من الشقة التي كان يستأجرها عدداً من الأقراص المرنة والمدمجة.
نهر البارد
من جهة أخرى، لم يسجل أمس أي تقدم في المساعي الجارية لحل أزمة مخيم نهر البارد فيما سجلت اشتباكات متقطعة سقط خلالها رقيب في الجيش وجريحان مدنيان برصاص مسلحي تنظيم « فتح الإسلام».
وفي ظل هذه الأجواء سعت الفصائل الفلسطينية الى تطوير المبادرة التي تطرحها لعلها تصبح مقبولة لدى الجانب اللبناني و«فتح الاسلام»، وعقدت لهذه الغاية اجتماعاً ضم فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل التحالف الفلسطيني. ولم ينته المجتمعون الى صوغ تصوّر موحد وتقرر أن يعقد اجتماع آخر اليوم للهدف نفسه.