غداة صدور قرار مجلس الأمن القاضي بإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في لبنان بموجب الفصل السابع، سجّلت ردود فعل عربية ودولية تراوحت بين الترحيب المطلق بـ «انتصار العدالة» وبين اعتباره «متسرعاً».فقد رحّب الاتحاد الأوروبي بالقرار الذي «يرسل إشارة مهمة من المجتمع الدولي، مفادها أنه لا يتعيّن أن تمرّ الهجمات والاغتيالات ذات الدافع السياسي في لبنان من دون عقاب»، داعياً اللبنانيين الى «تسوية الأزمة السياسية الداخلية بالحوار».
ورحّب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بإنشاء المحكمة، واصفاً إياه بأنه «انتصار العدالة على الإفلات من العقاب». ورأت بريطانيا، في بيان أصدرته وزيرة خارجيتها مارغريت بيكيت، أن مجلس الأمن «برهن دعمه لحكومة لبنان وتمسكه بالتزاماته»، آملة أن تكون جميع الأطراف في لبنان «قادرة الآن على التحرك إلى الأمام، من أجل إنشاء حكومة ذات قاعدة عريضة قادرة على اتخاذ القرارات على قاعدة الإجماع».
ورأت روسيا أن تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار إنشاء المحكمة كان «متسرعاً، ومن شأنه أن يعمّق الانقسامات في لبنان». ونقلت وكالة أنباء نوفوستي عن بيان لدائرة الإعلام والصحافة في وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو امتنعت عن التصويت على القرار «لأن التسرع يمكن أن يعقّد الوضع في هذا البلد».
ومن القاهرة، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى «عدم النظر الى قرار مجلس الأمن على أنه انتصار لفريق من اللبنانيين على حساب فريق آخر»، معتبراً أن التعامل مع هذا القرار «يجب أن ينطلق من الإجماع اللبناني على إقامة المحكمة ومحاسبة مرتكبي الجريمة الشنعاء، وكذلك من الإجماع العربي والدولي القائم على تأييد هذه المحكمة وكشف حقيقة مثل هذه الاغتيالات المدانة».
وحيّا وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط «مواقف الحكومة اللبنانية والأكثرية المناهضة لسوريا»، مبدياً ارتياحه لتصريحات الرئيس فؤاد السنيورة المشيرة الى «عدم توظيف المحكمة سياسياً»، ولمواقف الموالاة «الحريصة على التعامل مع الفترة المقبلة بمنطق الحوار ولمّ الشمل».
في المقابل، وجّهت الصحف الرسمية السورية جملة انتقادات للقرار 1757، ورأت صحيفة «تشرين» أن القرار «أميركي ــــــ إسرائيلي بامتياز، ولا يمكن النظر إليه أنه تعبير عن الإرادة الدولية»، مؤكّدة أن «العدالة لا تتحقق بهذه الطريقة غير المسبوقة»، وأن «الوضع اللبــــناني لا يحتـــــمل مثل هذا القرار الذي قد تكون له انعكاسات خطيرة على الوحدة الوطنية».
وفي ليبيا، تفرّدت صحيفة «الجماهيرية» الرسمية بتوجيه الانتقاد لقرار مجلس الأمن، وتساءلت: «لماذا لم تُنشأ محكمة دولية في ظروف وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ومقتل نحو مليون عراقي؟ وماذا لو أن طائرة إسرائيلية وجّهت صاروخاً لسيارة الحريري، هل سنجد كل هذا الاستنفار لمجلس الأمن ونسمع بمحكمة دولية ذات طبيعة خاصة تحت البند السابع؟».
من جهة أخرى، أعلنت هولندا أنها ليست مهتمة باستضافة المحكمة. وقال روبرت ديكر المتحدث باسم وزارة الخارجية «اننا نشعر بأن عبء المحاكم الدولية ينبغي توزيعه بالتساوي»، لافتاً الى أن «هولندا استضافت العديد من المحاكم، وأنها لم تتسلّم طلباً من الأمم المتحدة أو لبنان في هذا الشأن.