الأمم المتحدة {تدرس} مذكّرة الأكثرية وإيطاليا تستعدّ لإطلاق {مبادرة} وشيراك يضغط على موسكو لتمرير المحكمة
سعى الرئيس نبيه بري أمس إلى امتصاص التوتر الذي أثارته مذكرة الأكثرية إلى الأمم المتحدة، معتبراً أنها “لا تسمن ولا تغني من جوع”. لكنه أكد في الوقت نفسه قناعته بعدم جدوى استمرار الحوار على الأراضي اللبنانية، مناشداً الملك السعودي عبد الله “السعي الحثيث” لإنهاء الأزمة “مهما كلف الأمر”، ومطالباً باستضافة “أركان طاولة الحوار” في الرياض لهذه الغاية.
ورغم اتهامه أركان الأكثرية بالسعي إلى “التحكم” بالبلد، وتأكيده “وجود تسلح وتموضع سلاح”، شدد على أن المعارضة “لديها قرار بعدم الصراع”، وأن الشعب اللبناني لا يمكن أن يخوض غمار الاقتتال الأهلي مجدداً. في المقابل، كان حرص بري على التأكيد أن مطالبة المعارضة “بالشراكة” لا تأتي من “ضعف”، فحتى “إسرائيل لم تقدر علينا”.
لكن أخطر ما كشفه بري هو أن “إسرائيل تقدمت بأكثر من طلب الى الولايات المتحدة وفرنسا للانقضاض على لبنان مرة أخرى وفي مدة غير بعيدة”.
كذلك كشف بري، في حوار متلفز مساء أمس، أن لقاءً كان مقرراً بينه وبين النائب سعد الحريري مساء أول من أمس، لكن حالت دونه وعكة صحية ألمّت به. وقال إن مذكرة نواب الأكثرية لم تفاجئه “لأن الخطة من الأساس هي أن تقر المحكمة في الأمم المتحدة، لأن هناك استهدافات حقيقية، وللناس الحق في أن يخافوا”.
وأعلن بري أنه تلقى، خلال المقابلة، اتصالاً هاتفياً من السفير السعودي عبد العزيز خوجة تمنى عليه أن يُعلن نقلاً عنه شخصياً أنه “لم يكن على علم أو في جو رفع المذكرة النيابية الى الأمم المتحدة على الإطلاق”.
وكشف بري أنه كان قد توصل الى اتفاق مع الحريري على كل القضايا “ما عدا موضوع الحكومة”، التي “بدأنا نتحدث بأسماء” الوزراء فيها، مشيراً الى أن هناك “صقوراً” في الأكثرية “لا تريد الحل”.
موقف الأكثرية
وعكست مواقف عدد من أعضاء فريق الاكثرية أمس وجود توجه لدى الحكومة لإرسال مذكرة ثانية الى الأمم المتحدة ليستند إليها مجلس الأمن لإقرار مشروع المحكمة. وفي هذا الإطار، كشف وزير الاتصالات مروان حمادة عن مذكرة ستصدر عن الحكومة لتواكب مذكرة الأكثرية النيابية، مشدداً على أن هذه المذكرة “لا تعطل الحوار اللبناني”. وقال “إن مجلس الأمن، لكي يقر الآن المحكمة في غياب إبرام المعاهدة، لا بد من أن يستند الى الفصل السابع وقد يكون ذلك من خلال المادة 41 منه”.
لكن مصادر قريبة من الرئيس فؤاد السنيورة نفت، لـ“الأخبار”، وجود توجه لإرسال مذكرة من هذا النوع الى الأمم المتحدة، مذكرة بأن رئيس الحكومة كان قد بعث بمذكرتين الى المنظمة الدولية بهذا الشأن.
المصافحات الرنانة
وكان النائب وليد جنبلاط قد علق في وقت سابق أمس على المصافحات التي حصلت بين نواب من الأكثرية وآخرين من نواب المعارضة لدى احتشادهم اول من أمس في المجلس النيابي قائلاً “كنّا في غنى عن هذه الحفلة من المصافحات الرنانة على طريقة القبضايات وعملاء النظام السوري وأتباع الجمهورية الإسلامية بناة دولة حزب الله في مواجهة دولة الطائف. كنا في غنى عن تلك القبلات التافهة مع الذين نتهمهم بالشراكة المعنوية وربما التقنية في سلسلة الجرائم التي حصدت خيرة الساسة والمثقفين والإعلاميين والأبرياء مع أولئك الذين يعطّلون مسار المحكمة والعدالة”.
الموقف الدولي
وقالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة ميشيل مونتاس أمس إن الأمانة العامة تلقت مذكرة الـ70، وهي “تعكف على دراستها”. وأضافت “إن الأمين العام (بان كي مون) لا يزال قلقاً بشأن المأزق السياسي في لبنان ويعرب عن أمله أن تتخذ المؤسسات اللبنانية المعنية الخطوات الضرورية بموجب الدستور للتوصل الى اتفاق”.
وكشفت مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك قرر القيام بحملة دبلوماسية في اتجاه القيادة الروسية لضمان إمرار ملف المحكمة على هامش الجلسة التي يعقدها مجلس الأمن الدولي للبحث في تقرير بان يوم السبت المقبل حول القرار 1701 في محاولة للإسراع في بت هذا الملف كما وعد شيراك قبل نهاية ولايته الرئاسية.
وقالت المصادر إن شيراك اتصل شخصياً بالقيادة الروسية لضمان موافقتها على البت عاجلاً بالنظام الداخلي للمحكمة وفق البند السادس ورفض إدخال أي تعديلات على المشروع بالصيغة التي تم الاتفاق عليها سابقاً بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة من دون إقراره عبر المؤسسات الدستورية. وأشارت الى أن شيراك أبلغ مسؤولين لبنانيين بأنه سيطلب الى الجانب الروسي الامتناع عن التصويت على الأقل في هذه الجلسة.
وأعلن مساعد الناطق باسم الخارجية الفرنسية دوني سيمونو أن فرنسا “أخذت علماً” بمذكرة الأكثرية.
أما وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما فقال من جهته إن بلاده “تسعى إلى إطلاق مبادرة سياسية” لحل الأزمة اللبنانية، معتبراً أن “الاتصال والحوار بين السعودية وإيران يكتسبان أهمية خاصة، لما لهما من نفوذ كبير على القوى السياسية اللبنانية”. وقال إنه تحدث مع مجموعة اتصال أوروبية بشأن الوضع في لبنان، وإن “اللقاء الأول بين عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة سيعقد غداً (الجمعة) في لندن لبحث الأبعاد المختلفة للقرار 1701”. ورأى أن القرار الدولي الرقم 1701 “يتطلب جملة من الأمور التي لم تتحقق بعد، ما قد يؤدّي إلى وضع صعب، بالنسبة لليونيفيل، ولذلك “سارعنا إلى العمل السياسي”.