واشنطن ــ محمد دلبح
فتحت زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى دمشق ولقاؤها أمس الرئيس السوري بشار الأسد، نافذة جديدة في جدار العزلة الدولية المفروضة على سوريا، حتى داخل الإدارة الأميركية نفسها، رغم دأب البيت الأبيض على انتقاد خطوتها هذه.
وقالت مصادر مطلعة في واشنطن، لـ“الأخبار” أمس، إن عدداً من المسؤولين في مكافحة الإرهاب في وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين يدعمون الجهود الدبلوماسية لتحسين العلاقات مع سوريا باعتبارها ضرورية لاستقرار المنطقة، وخصوصاً في لبنان، ويولون في هذا المجال أهمية كبيرة لاستمالة نظام الرئيس الأسد إلى معسكر الولايات المتحدة.
كما أعربت صحيفة “لوس أنجليس تايمز” أمس عن تأييدها لزيارة بيلوسي. وكتبت في تعليق لها: “حان الوقت ليتولى أحدهم في الولايات المتحدة كسر الجليد”.
وكشف مصادر أخرى، لـ“الأخبار”، أن البيت الأبيض يتعرض أيضاً لضغوط التيار المتطرف، الذي يقوده نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، بضرورة انتهاج سياسة متشددة تجاه دمشق.
وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن النصائح الخاصة التي يتلقاها البيت الأبيض لتشديد موقفه تجاه سوريا لا تقتصر فقط على مستشاري البيت الأبيض، بل تمتد لتشمل حكومات وأنظمة عربية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أردنيين، لم تفصح عن هويتهم، قولهم إن الملك الأردني عبد الله الثاني نصح البيت الأبيض بعدم تطبيع العلاقات مع النظام الحاكم في دمشق.
وفي هذا السياق، انتقد المتحدث باسم البيت الأبيض غوردون جوندرو أمس زيارة بيلوسي إلى سوريا، رافضاً اعتبار أن التباحث مع دمشق يسهم في التوصل إلى السلام في الشرق الأوسط. وقال: “للأسف إن هذا الطريق مليء بضحايا حماس وحزب الله، وضحايا الإرهابيين الذين يعبرون الحدود السورية للدخول إلى العراق. كما هو مليء بالضحايا الذين يناضلون من أجل الديموقراطية في لبنان، وبناشطي حقوق الإنسان الذين يكافحون من أجل الحرية والديموقراطية في سوريا”.
وأضاف جوندرو: “من المؤسف أنها قامت (بيلوسي) بشكل منفرد بهذه الزيارة التي نعتبر أنها لا يمكن أن تكون إلا غير مجدية”. غير أنه أشار إلى أن الإدارة الأميركية ستستمع “إلى ما لديها لدى عودتها من الشرق الأوسط”.
وكانت بيلوسي قد أكدت، بعد لقائها الرئيس السوري، استعداد الأسد لاستئناف مباحثات السلام مع إسرائيل. وأشارت إلى أن “اللقاء مع الرئيس الأسد مثّل مناسبة لنقل رسالة من (رئيس الوزراء الإسرائيلي) إيهود أولمرت تؤكد استعداده لاستئناف مسيرة السلام”.
إلا أن مكتب أولمرت نفى “الرسالة”، وجدد شرط “وقف دعم الإرهاب” قبل بدء مفاوضات سلام.
وذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن الأسد أكد أن زيارة بيلوسي تحمل “رسالة حوار وسلام”، وشدد على حرص دمشق على السلام.
إلى ذلك، بدت تأثيرات زيارة بيلوسي أكثر وضوحاً في أوروبا، حيث شدد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، على هدفه الرامي إلى إشراك سوريا في مساعي إحلال السلام في الشرق الأوسط. وقال، في تصريحات تنشرها صحيفة “تاغز شبيغل” التي تصدر اليوم: “نحتاج إلى جميع جيران إسرائيل من أجل إحلال السلام الدائم والاستقرار”.