في ظل جمود سياسي يصيب كل شيء في البلاد، واصل فريق 14 آذار خطواته باتجاه الأمم المتحدة بهدف تسريع إقرار مشروع المحكمة الدولية، وسط نقاش مستمر بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي حول كيفية إعداد توافق على ما هو معروض من الجانب اللبناني. في هذا الوقت، طفا إلى السطح اقتراح لافت، نسبته مصادر مطلعة الى نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر، يفيد بتأليف حكومة عسكرية، برئاسة قائد الجيش العماد ميشال سليمان، تتولى فرض حالة طوارئ قبل الإعداد لخطوات سياسية، أبرزها انتخابات نيابية تليها انتخابات رئاسية وحكومة وحدة وطنية. ولم يتسنّ لـ«الأخبار» الحصول على تعليق مباشر من الوزير المر الموجود خارج البلاد لتمضية عطلة الأعياد مع عائلته.
ومع أن مصدراً رفيع المستوى، غير مدني، قال إن «الجيش وقائده ليسا في وارد هذا الأمر»، فإن مقربين من الرئيس إميل لحود نفوا تأييده لاقتراح كهذا، مشيرين إلى أنه «يفضل اللجوء الى خيارات ذات طابع سياسي من شأنها إعادة تفعيل جميع المؤسسات الدستورية بما يتناسب وميثاق العيش المشترك وحماية السلم الأهلي وتحييد لبنان عن أي عواصف قد تهب مجدداً على المنطقة».
المحكمة بين بيروت والخارج
بادر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أمس الى توجيه مذكرة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تدعم مضمون مذكرة الأكثرية النيابية المرفوعة إليه. وقد سلم السنيورة إلى ممثل بان في بيروت، غير بيدرسن، المذكرة التي تضمنت عريضة نيابية نقلها إليه بعد ظهر أمس نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري. وكانت هذه العريضة قد وجهت إلى بان وتطالبه باتخاذ الإجراءات المناسبة لإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
لكن السنيورة زاد على هذه العريضة النيابية «رسالة يتطابق مضمونها مع مضمون الرسالتين السابقتين، اللتين سبق أن أرسلتهما الحكومة الى الأمين العام للأمم المتحدة، حول هذا الموضوع»، حسبما أفاد بيان وزعه المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة، الذي «كان قد تداول في مضمون هذه المذكرة مع الوزراء الأربعة عشر الذين شاركوا في الاجتماع الوزاري الذي عقد ليل أمس في السرايا الحكومية». كما أبلغ السنيورة قراره الى ملك الأردن عبد الله الثاني ورئيس الوزراء المصري أحمد نظيف، الذي بحث معه برنامج زيارة قريبة الى مصر.
وقال أحد الوزراء، ممن شاركوا في هذا الاجتماع، لـ«الأخبار»، إن الرسالة «تعرض بالتفصيل واقع ما سمّاه رفض المعارضة الإفصاح عن ملاحظاتها، كما أعلن (الأمين العام لحزب الله) السيد حسن نصر الله أول من امس الأحد، ورفض مناقشة نظامها واستحالة إقرارها وفق الآلية الدستورية، التي يشكل المجلس النيابي إحدى مراحلها الأساسية، في ضوء تعطيل المجلس النيابي واستمرار إقفاله أمام النواب، على رغم بدء الدورة العادية للمجلس، مع تأكيد الحكومة استمرار العمل لإقرار النظام والاتفاق المشترك عبر المؤسسات الدستورية إذا سمحت الظروف بذلك».
وأضاف الوزير نفسه «إن الوزراء أجمعوا على تكليف الرئيس السنيورة توجيه الرسالة وتضمينها الواقع المستجد، التزاماً بالتعهد الذي قطعه الأمين العام للأمم المتحدة بالاستمرار في إطلاعه على التطورات عبر رسائل يبعث بها إليه».
ونُقل عن مرجع كبير قوله أمام زواره أمس إن «خطوة السنيورة، كخطوة الاكثرية النيابية، تضرب عرض الحائط بالدستور والقوانين اللبنانية التي تشدد على إقرار المحكمة وفق الاطر القانونية والدستورية المرعية الإجراء». واستغرب المرجع نفسه «صمت القيادات السياسية المارونية عن هذه السابقة التي تطيح صلاحية رئيس الجمهورية وتحدث عرفاً قد يؤدي في المستقبل إلى إشكالات؛ فما هو حاصل اليوم هو أن صلاحيات رئيس الجمهورية قد أُطيحت أو عُطلت لكن الرئيس باق حتى نهاية ولايته».
وفي هذا السياق، أعلن مساعد الرئيس الروسي سيرغي بريخودكو، تعليقاً على الوضع في لبنان، «أن إقرار التفاعل بين القوى السياسية يجب أن يستجيب لاهتمامات جميع الأطراف المعنية». وأضاف «نحن مع التحقيق غير المتحيّز والحيادي في ظروف الاغتيال»، مشيراً إلى أن موسكو أعلنت مراراً موقفها هذا، ومشدداً على أن «هذا الموقف غير قابل للتغيير». وأوضح أن موسكو مستعدة «للتعامل مع جميع الأطراف المعنية سواء مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي أو الدول الأخرى».
أما المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فرحان الحق، فقال من جهته إن «الجميع ينتظر نتائج المفاوضات الخاصة التي تجريها السعودية» للتوصل الى تفاهم لبناني في شأن المحكمة، مشيراً الى أن «الجميع في انتظار نتائج زيارة النائب سعد الحريري للرياض».
وتحدثت مصادر في نيويورك عن أن هناك اتصالات إضافية قد تنتظر نتائج زيارة الامين العام للأمم المتحدة إلى دمشق في 25 نيسان الجاري.
وفي نيويورك أيضاً، قال المساعد القانوني لبان، نيكولا ميشال، لـ«الأخبار»، إن المنظمة الدولية مستعدة لأن تدرس جميع «الملاحظات» على المحكمة الدولية، مشيراً إلى أن الاتهامات التي يتعرض لها نظامها «مجحفة». وأضاف أن «النص» الخاص بها «بريء»، مشدداً على أن الأمم المتحدة «لا تريد أن تسيطر على لبنان».