كيف بدأت مسيرتك المهنية، وما هي أبرز إنجازاتك؟بدأت مسيرتي المهنية في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1978، بعد تخرجي من لندن حيث حصلت على شهادة في الدراسات العليا في إدارة الأعمال.

عملت لمدة سنتين في شركة مقاولات بدول الخليج، وعام 1980 عدت الى بريطانيا حيث أسست مع أحد الأصدقاء شركة ADICO” Investment Corporation”، وهي شركة خاصة تُعنى بالتجارة المثلثة بين بريطانيا والدول العربية وبعض الدول الأفريقية، انطلاقاً من بريطانيا وخصوصاً في البلدان التي كانت خاضعة للسيطرة الإنكليزية English speaking countries. ومهمة الشركة الأساسية تأمين القروض من خلال المؤسسات والمصارف البريطانية لهذه الدول.
عام 1998 كان مفصلياً في حياتي العملية، فيه أطلقنا أنا والمحامي توفيق معوض شركة OMT في لبنان، وقد توليت رئاسة مجلس إدارتها حتى شهر أيار من عام 2009، حين تركت هذا المنصب وتنازلت عن حصصي في الشركة لمصلحة أولادي.
في عام 2000، توسعت أعمال شركة ADICO لتشمل دول أوروبا الشرقية، وفتحنا مكتباً للشركة في روسيا. وعلى خلاف عمل الشركة في بريطانيا، تنحصر مهمات الشركة في روسيا بقطاعي النفط والغاز، حيث نشكل صلة وصل ونسعى لفتح أسواق جديدة للشركات الروسية العاملة في قطاعي النفط والغاز في بلدان شرق آسيا كإندونسيا، فيتنام، ميانمار، ماليزيا...

حدثنا أكثر عن OMT.
اكتشفت Western Union عن طريق الصدفة. ولم أكن قد سمعت عن هذه الشركة وعن مهماتها من قبل بخاصة أنها كانت لا تزال في بداياتها على الصعيد العالمي. وبحكم عملي في بريطانيا وحاجتي لتحويل الأموال، تم لفت انتباهي الى ما تقدمه هذه الشركة من خدمات.
واعتبرنا الأستاذ معوض وأنا أن هذه الشركة قد يكون لها مستقبل واعد في لبنان وأن مشروعاً كهذا قد ينجح ويلقى استحسان اللبنانيين على الرغم من المخاطر التي ترافق كل مشروع في بداياته، بخاصة لناحية كسب ثقة المواطنين. وهكذا أسسنا شركة OMT عام 1998. وقلة من الناس تعلم أن OMT تعمل تحت سلطة البنك المركزي. والشركة تملك ترخيصين من مصرف لبنان، واحد للتحويلات الخارجية والثاني للتحويلات الداخلية، وهي تخضع لرقابة لجنة الرقابة على المصارف مثلها مثل أي مصرف.
وبهدف تسهيل أمور المواطنين، وسّعت OMT تدريجياً باقة خدماتها لتمكين زبائنها من تسديد فواتير الهاتف ومستحقات المصارف والقطاع الخاص بالإضافة الى تحصيل الأموال لصالح الدولة اللبنانية.

كم عدد موظفي وفروع OMT حتى يومنا هذا؟
كأيّ شركة عند انطلاقتها، بدأت OMT بحجم صغير، بحوالى 7 موظفين وعدد فروع لا يتجاوز 30. وكنا، المحامي توفيق معوض وأنا، نعمل على الأرض في البدايات لا خلف المكاتب كما قد يتخيل البعض، كدليل على التزامنا العمل وسعينا لإنجاح الشركة. بالتالي، بدأت الشركة من الأسفل وارتقت الى الأعلى.
أما في وقتنا الراهن، فقد تجاوزت فروع OMT الـ 900 ومن ضمنها العديد من المصارف التي تقدم خدمات OMT، وتوظف أكثر من 200 شخص.

بحكم عملك في قطاعي النفط والغاز في روسيا ودول شرق آسيا، ومع اكتشاف احتياطات غازية ونفطية كبيرة في لبنان، هل سعيت لجذب الشركات الروسية لاستثمار هذا المجال في لبنان؟
OMT كأحد أولادي وأحبها كأنها من لحمي ودمي وكنت أخصص لها يومياً ما بين 12 و14 ساعة
لقد اتخذت قراراً ألا أعمل في هذا القطاع في لبنان وفي الدول العربية، لكن وبحكم علاقاتي مع الشركات الروسية، طلبت منهم المجيء الى لبنان والقيام بالدراسات اللازمة وقد لبوا الدعوة مشكورين.
ودوري في إطار العلاقات اللبنانية – الروسية، لا ينحصر في مجال النفط والغاز، بل يتعداه الى الجوانب الثقافية والاجتماعية والسياسية. وكانت لي مساهمة كبيرة في إعادة نسج العلاقات اللبنانية – الروسية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.

كيف ترى مستقبل العلاقات بين لبنان وروسيا من الناحية الاقتصادية؟
بإمكان اللبنانيين الاستثمار في أسواق عدة والنجاح، نظراً إلى كفاءتهم وذكائهم وحس المغامرة الذي يتمتعون به. وبالتالي لن يكون من الصعب على اللبناني الذي لم تعص عليه مجاهل أفريقيا وأميركا اللاتينية أن يستثمر وينجح في
روسيا.
والسوق الروسية سوق كبيرة جداً، ومن خلالها يسهل دخول جميع الدول التي كانت تشكل في الماضي الاتحاد السوفياتي أو الواقعة تحت النفوذ الروسي.
ولكن اللبنانيين حتى اليوم لا يزال توجههم غربياً أكثر منه شرقياً من الناحية الاقتصادية، والعلاقات بين لبنان وروسيا لا تزال متواضعة اقتصادياً.
عملت في مجالات عدة في حياتك، ولكن هل من عمل معين يُعتبر الاقرب إلى قلبك؟
أعتبر OMT كأحد أولادي، وأحبها كأنها من لحمي ودمي. فإضافة الى أنني ساهمت في تأسيسها، كنت أخصص لها يومياً ما بين 12 و14 ساعة. وقد رأيتها تنمو وتكبر يوماً بعد يوم على مر السنين. هي من دون أدنى شك الأحب الى قلبي.

أنت مؤمن بشعار " مشاركة السعادة من أجل غد أفضل"، وعملاً بهذا الشعار أسست عام 2005 مؤسسة "الأرض البيضاء" الناشطة في عدد من القطاعات الرئيسة مثل التعليم، الصحة، البيئة والاقتصاد لدعم المجتمعات المحتاجة. هل يمكن أن تحدثنا أكثر عن هذه المؤسسة؟
أطلقت "مؤسسة الأرض البيضاء" عام 2005 كمؤسسة لا تبغي الربح، بهدف دعم وتعزيز النمو المستدام للمناطق اللبنانية. وترتكز مهمة المؤسسة على تأمين سبل عيش منتجة للمواطنين اللبنانيين داخل قراهم، وهي تسعى الى تعزيز التنمية البشرية.
ونحن من الشركات القليلة التي تقتطع من أرباحها للمساهمة في خدمة المجتمع الذي تعتبر نفسها جزءاً منه. ونسعى قدر المستطاع الى خدمة المجتمعات الريفية ومناطق الأطراف لحث الناس على البقاء في مناطقهم والمساهمة في إنمائها.

هل "مؤسسة الأرض البيضاء" جسر عبور للسياسة؟
بداية ينبغي التوضيح أنه ليس بالضرورة أن يكون كل رجل أعمال ناجح، سياسياً ناجحاً. وحين دخلت معترك العمل الاجتماعي، لم يتبادر الى ذهني قط كيفية توظيف خدماتي الاجتماعية في السياسة.
وعملي الاجتماعي دليل وفاء وحب لمنطقتي وأهلي، وهي المنطقة التي عانت الأمرين جراء الاحتلال الإسرائيلي وإهمال الدولة. فنشاطي الاجتماعي التزام أدبي، معنوي، وأخلاقي تجاه هذه المنطقة التي حضنتني وتجاه وطني. وسواء نجحت في السياسة أم لم أنجح فلن أتوقف عن خدمة الناس ومشاركة ما أنعم علي الله معهم.

السياسة في لبنان تخسر، ودخولك المعترك السياسي قد تكون له سيئات أكثر من الحسنات، ألا يخيفك هذا الموضوع؟ وكيف ترى نفسك كسياسي؟
من يريد أن يدخل الشأن العام عليه أن يتحمل تبعات خياراته، وقد يكون لذلك انعكاسات إيجابية أو سلبية. لكنني شخصياً مرتاح البال، ومحصن نفسي، لأنني سأتّبع في السياسة الأسلوب نفسه الذي اتبعته كرجل أعمال، وهي ممارسة تنطلق من ثلاثة أمور أساسية لا مهادنة ولا مساومة عليها وهي: الأخلاق، الصدق، والعدل. وحين اتخذت قراراً بدخول الحقل السياسي استقلت من منصبي بالشركة كي لا يقال إن أمل أبو زيد يستغل عمله ويوظفه في السياسة.

لو أتيحت لك فرصة اتخاذ قرار واحد تعتقد أنه يخدم لبنان، ما القرار الذي قد تتخذه؟
سأختار قانون انتخاب عادلاً يؤمن المساواة بين اللبنانيين ويحقق العدالة والشراكة الحقيقية لأن قانون الانتخاب هو أساس تكوين السلطة.

ما هي نظرتك الى الاقتصاد اللبناني في المرحلة المقبلة؟
احتمالات الاستثمار في لبنان كبيرة جداً. وعلى الرغم مما يشكله وجود إسرائيل من خطر دائم على لبنان، والفوضى التي تشهدها المنطقة وانتشار الإرهاب، إلا أن لبنان يبقى من الدول الأكثر استقراراً في المنطقة حالياً والأكثر جذباً للمستثمرين.
والثروة النفطية والغازية التي يمتلكها لبنان قد تشكل عامل جذب ضخم للمستثمرين ورؤوس الأموال في حال أزيلت جميع العقبات السياسية، وتم تطوير القوانين اللبنانية بما يشعر الشركات الأجنبية بالأمان وبأن القانون يحميها خصوصاً أن الكثير من قوانيننا تعود للحقبة العثمانية ولا تزال المنازعات القضائية تأخذ سنوات لكي تحل. كما يجب تطوير البنية التحتية من إنترنت واتصالات وطرقات كي تكون على قدر طموحات الشركات العالمية.
لكن وللأسف، وبالإضافة الى المناكفات السياسية التي تعرقل التقدم في هذا القطاع فإن هنالك ضغوطاً تقوم بها بعض الدول الإقليمية والتي لا يناسبها دخول لبنان عالم النفط والغاز.
وأشدد على أهمية دعم وتطوير القطاعات الإنتاجية وعدم الاتكال فقط على الاقتصاد الريعي.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟
من الناحية السياسية، طرحت نفسي كمرشح للانتخابات النيابية عن منطقة جزين، وقد اكون أحد الأشخاص الذين قد يسميهم العماد ميشال عون ضمن لائحة التيار الوطني الحر في جزين.
أما من الناحية الاقتصادية، وإذا دخلت المعترك السياسي، فأنا وكما سبق وذكرت سأفصل بين المجالين، ولن تعود للأعمال أولوية بالنسبة لي، فأولادي ومجموعة الشباب والصبايا الذين يشكلون طاقم العمل يملكون من الكفاءة ما يمكّنهم من إكمال المسيرة
بنجاح.