جنبلاط «يفتخر بالنصر» على إسرائيل وحزب الله يتوعد بمحاكمة أي رئيس تنفرد الأكثرية بانتخابه
بدا أمس أن الجميع ينتظرون زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لدمشق غداً برفقة مساعده للشؤون القانونية نيكولا ميشال، الذي نقل إليه نتائج محادثاته في بيروت، التي ركزت على وجوب إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في المؤسسات الدستورية اللبنانية، بديلاً من إقرارها في مجلس الأمن الدولي.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مصدر أميركي وصفته بأنه «رفيع المستوى» قوله إن انتقال المحكمة من بان الى مجلس الأمن «يمثل إخفاقاً سياسياً كبيراً» لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة «لأنه سيلقي على عاتق الإدارة الأميركية مهمة كان يمكن فريق السنيورة توليها في لبنان، بحيث تصبح المحكمة واقعاً من دون تدخل دولي معقد، غير مضمون النتائج».
ورأى المصدر «أن الحكومة اللبنانية تصغي للتدخل الأجنبي أكثر من اللازم، الأمر الذي أوقعها في شلل من القيام بأي مبادرة توصل إلى حلول عملية».
ونقلت الوكالة نفسها عن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ولش قوله «يبدو أنه بسبب التدخل الأجنبي من الخارج، ونتيجة لتردد المعارضة في الداخل، لا يستطيع الدستور اللبناني معالجة هذه المسألة». وأضاف إن «الولايات المتحدة مع غيرها ستجد السبل لإنشاء المحكمة».
وتابعت الوكالة، في تحليل للوضع، «إن حكومة السنيورة طالبت بإقرار المحكمة، فرفض رئيس البرلمان عقد الجلسة، وعليه فإن الطريق المسدود يمثل تهديداً لحكومة السنيورة. وعلى رغم أن الدوائر الغربية تدعم السنيورة وحكومته، أعرب دبلوماسيون غربيون عن خيبة أملهم من فشله في حل هذه العقدة؛ فالولايات المتحدة وأعضاء مجلس الأمن يودون أن تقر المحكمة وفق الأصول الدستورية اللبنانية. لكن عند الضرورة سيشكل عدد من الدبلوماسيين هيئة المحكمة باستقلال تام».
لحود والمحكمة
وفي انتظار تبلور نتائج محادثات بان مع المسؤولين السوريين، يبدو الأفق مسدوداً على المستوى الداخلي، رغم إبداء فريقي الأكثرية والمعارضة الرغبة في العودة الى الحوار، فيما يواصل الرئيس نبيه بري «صومه» عن الكلام بانتظار ما هو آت من تطورات على المستويين الاقليمي والدولي.
أما رئيس الجمهورية العماد إميل لحود فأكد من جهته لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أثناء زيارته للدوحة أمس، «التمسك بضرورة قيام المحكمة الدولية على أسس من العدالة والتجرد لتتمكن من تحقيق الغاية من إنشائها، وهي معرفة الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وإبعادها عن التسييس».
وأوضح لحود أن الملاحظات التي قدمها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومساعده ميشال «هدفت إلى تحصين المحكمة وتمكينها من أداء مهمتها بعيداً عن التشكيك أو الاستهداف». وحذر مجدداً من «أن إقرار نظام المحكمة الدولية على أساس الفصل السابع يعمّق الشرخ بين اللبنانيين ويؤدّي إلى إقحام السياسة في المحكمة، فيما المطلوب إبعاد السياسة عنها، وصولاً إلى معرفة الحقيقة ومعاقبة المجرمين». وأشار لحود إلى أن «كل محاولة تهدف إلى إقامة أمر واقع جديد في منطقة مزارع شبعا لا تكون فيها السيادة اللبنانية كاملة ستلاقي رفضاً لبنانياً واسعاً، لأن لبنان عانى الحلول المؤقتة التي لا تدوم طويلاً».
التدليس على الدستور
ومن جهة ثانية، طمأن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في احتفال أقيم في الذكرى الـ29 للأسير سمير القنطار، الى أن لبنان المستقبل «لن يكون على شاكلة 14 شباط لأنه فاشل». وقال، متوجهاً الى الاكثرية، «أمامكم خياران لا ثالث لهما: إما الاتفاق على المشاركة وفق آليات الدستور، وإما إعادة إنتاج السلطة عبر الانتخابات النيابية، وبغير هذين الطريقين لا يوجد حل». وأضاف «إذا كنتم تتوقعون اختيار رئيس بالتدليس على الدستور ومحاولة اختياره بالاكثرية، فهذا يعني أنه لا يوجد رئيس. نعم هو رئيسكم، رئيس الغالبية النيابية التي اختارته وليس رئيساً للبلاد، عندها سنتعامل مع هذا الرئيس المختار إذا أراد أن يحتل رئاسة البلاد كمنتحل للصفة ومغتصب للسلطة وخائن للدستور وسنحوّله على المحاكمة».
«قلق حلفاء سوريا»
الى ذلك، نقلت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» في نشرتها الإخبارية المسائية أمس عن «مصدر حكومي رفيع المستوى» قوله «إن قلقاً كبيراً ينتاب حلفاء سوريا بسبب التقدم الحاصل في معالجة موضوع مزارع شبعا المحتلة، التي يبدو أنها أصبحت أقرب منالاً بينما هم يريدون أن تبقى الأرض محتلة لاستخدامها مبرراً لوجودهم العسكري»، مذكراً بالرسالة التي بعثت بها سوريا إلى الأمم المتحدة، والتي شددت فيها على «أن مشكلة مزارع شبعا لا ينبغي أن تحل بمعزل عن قضية الجولان».
وأشار المصدر الحكومي إلى أنه «لا خطوات سريعة حالياً في اتجاه مجلس الأمن في موضوع المحكمة الدولية، فعلينا أن نترك الأمور تتفاعل استناداً إلى نتائج محادثات ميشال في بيروت ونتائج محادثات بان في سوريا وما ستكوِّنه من قناعات لدى أعضاء مجلس الأمن، ونحن سنواصل في هذا الوقت مدّ يدنا للطرف الآخر، ولا سيما أنه يبقى من مدة العقد العادي الأول لمجلس النواب شهر وعشرة أيام، قد تحصل خلالها العديد من التطورات، وعلينا أن نأخذ الأمور بقليل من الحكمة».
وأعلن المصدر الحكومي أنه «لا مؤشرات حالياً إلى رغبة في استعادة الحوار رغم أننا طرحنا موضوع حكومة وحدة وطنية بصيغة 17-13 بعدما رفضوا صيغة 19-10-1، ولكننا شددنا على أن هذه الحكومة يجب أن تتبنى سياسة نابعة من النقاط التي توافقنا عليها في جلسات الحوار، ومن النقاط السبع التي أُقرت بالإجماع، فحكومة الوحدة الوطنية لا تتم إلا باتفاق سياسي». وتابع «يتهموننا باحتلال السرايا، ونحن نتساءل مع كل المواطنين ماذا يحتلون هم؟ إن هذه الحكومة صمدت بالدرجة الأولى بفعل الدعم الشعبي والنيابي والسياسي اللبناني، ومن ثم بالدعم العربي والدولي، حتى بات الجميع يدركون على مر الأيام أن هذه الحكومة تمثل تطلعات اللبنانيين». وختم «على من يقولون إننا نحتل السرايا، فعليهم إحضار قوة لإزالة هذا الاحتلال».
جنبلاط والخلاف
أما النائب وليد جنبلاط فقد جدد من جهته، خلال جولته أمس في عاليه، على «التمسك بالأرض، وعدم إفراغ المناطق»، معتبراً أن الأرض هي بمثابة «الكرامة والوجود». وأضاف «ان ملف المهجرين سيبدأ قريباً في كفرمتى»، معتبراً «أن الدولة مشلولة، وأن هذا الشلل بدأ مع العدوان الاسرائيلي نتيجة سوء الحسابات وتحت شعار: لو كنت أعلم».
ورفض جنبلاط الوصف الذي أطلقه بعض الإعلام بأنه أحد «أعداء الطائفة الشيعية». وقال «إن الخلاف سياسي على المبادئ، ولا سيما على الدولة التي يجب ان تكون دولة الجميع، دولة الجيش ودولة الطائف ودولة الاستقلال». وأضاف «لا أحد يحلم بتجريد المقاومة من سلاحها»، مكرراً الدعوة إلى «استيعاب السلاح ضمن مؤسسة الجيش والدولة». وتابع إن «المقاومة هزمت إسرائيل»، وهذا الأمر «معترف به عالمياً»، مشيرا إلى أنه «للمرة الأولى نستطيع أن نفتخر بأننا صمدنا وهزمنا إسرائيل».