strong>بـرّي متفـائل والحريـري انتقـل إلى الريـاض ومشـاورات مع دمشـق ورايس «تطمئـن» السـنيورة
تتجه الأنظار اليوم إلى الرياض، حيث الحدث الأبرز المتمثل بالقمة السعودية ـ الايرانية، التي وصفت بأنها “قمة الفرصة الاخيرة” لتوفير المناخات المطلوبة لحل الازمة القائمة بين فريقي السلطة والمعارضة، ذلك أن نتيجتها قد تكون حلاً يعيد الأمور إلى نصابها في لبنان، أو جولة جديدة من المواجهة مجهولة العواقب.
الإشارات الأولى إيجابية، أو على الأقل توحي بتفاؤل عبّر عنه زوار رئيس مجلس النواب، الذي يبدو أنه عاود تحريك مبادرته، كما لمّح إليه الانتقال السريع للنائب سعد الحريري من باريس الى الرياض مساء أمس، في خطوة أوحت أن ثمة نتائج عملية ستتبلور خلال لقاء الملك عبد الله والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تستدعي مواكبتها عن قرب.
أما رئيس الجمهورية العماد إميل لحود فقد أبلغ “الأخبار” أنه يتابع باهتمام مجريات المسعى السعودي ـ الإيراني المساعد على حل الازمة اللبنانية وكذلك ما يجري من مساع لتعزيز التضامن العربي وتأمين نجاح القمة العربية المقبلة بحيث تخرج بقرارات تاريخية. وأضاف انه يسجل للملك عبد الله “الجهود الجبارة التي يبذلها من أجل جمع الشمل العربي”.
وتوقع لحود أن تؤدي المساعي الجارية الى تحقيق اختراق في الجدار المسدود، بما يتيح تأليف حكومة وحدة وطنية تخرج لبنان من الازمة التي يمر بها. وكرّر القول إن موقفه الرافض تسليم شؤون البلاد في نهاية ولايته الى حكومة فاقدة شرعيتها الدستورية إذا لم تؤلف حكومة وحدة وطنية من الآن وحتى ذلك التاريخ، ليس موقفاً شخصياً وإنما هو موقف يمليه قسمه الدستوري للحفاظ على الدستور وعلى وحدة الوطن وسلامة أراضيه وذلك لمنع انجرار البلاد في أزمات داخلية أو حرب أهلية إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن. وأضاف “إذا انتهت ولايتي قبل قيام حكومة وحدة وطنية، فإني سأتخذ خطوة قانونية ودستورية لصون وحدة البلاد ومؤسساتها، لكني لن أكشف عن طبيعة هذه الخطوة الآن”.
مبادرة بري
في هذا الوقت، عاود الرئيس بري تحريك مبادرته، المرجح أن تكون نواة الحل المرتقب تبلوره إذا خرجت الادارة الاميركية من “موقع المعرقل أو الممانع لهذا الحل”، حسبما قال مرجع رفيع المستوى لـ“الأخبار”، معرباً في الوقت نفسه عن خشيته من موقف اميركي يمكن ان يؤخر الحل الى ما بعد القمة العربية المقررة في 28 الشهر الجاري.
وعلمت “الأخبار” أن الرئيس بري عكف، إثر عودته من الخارج، على مواكبة المسعى السعودي ـ الايراني بإعادة تحريك مبادرته القائمة على التزامن والتوازي بين المحكمة ذات الطابع الدولي وحكومة الوحدة الوطنية واللجنة السياسية التي كان قد اقترحها لدرس هذين الملفين وعقدت بضعة اجتماعات لهذه الغاية، لأن كثيراً من الاوساط السياسية يعتقد ان مشروع الحل الجاري إعداده لا يخرج عن مضمون هذه المبادرة. وعلم أن بري ينتظر ردوداً معينة على مبادرته خلال الساعات الـ48 المقبلة.
وأعرب بري، أمام زواره، عن ارتياحه الى الأجواء التي ترافق القمة السعودية ــــــ الايرانية، وعن تفاؤله بما يمكن أن ينتج عنها في شأن لبنان والمنطقة. وقال “إن الأجواء تشي بتقدم لن يتأخر إعلانه”، مشيراً الى “أن بعض القوى أرادت استباق هذا التقدم بإعلان مواقف تصعيدية هدفها التشويش على مساعي الحلحلة”.
وعلق بري على كلام البعض عن تغيير تركيبة الجيش وعقيدته قائلاً إن “الجيش اللبناني هو صمام الأمان في البلاد“. وحذر من “محاولات المس به، التي تحصل من حين الى آخر”، مؤكداً “لا يلعبنّ أحد هذه اللعبة، فهو خط أحمر“.
وأضاف بري، رداً على قول البعض إن عدد العسكريين الشيعة في الجيش بات أكبر من بقية الطوائف، “إن هذا الكلام ليس صحيحاً وإن عدد الشيعة هو أقل بـ2700 جندي من طوائف أخرى أساسية”. وتابع “نحن مستعدون للمناقشة في كل المسائل من الأمن الى المحكمة الدولية والحكومة، لكننا لسنا مستعدين للقبول بأي مساس بالجيش تحت أي شعار أو عنوان”.
أما في ما يتعلق بالمحكمة الدولية فقال “طرحنا منذ البداية السؤال الآتي: هل المحكمة وسيلة أم غاية؟ نحن نريد المحكمة وسيلة للوصول الى الحقيقة وكشف المجرمين والقتلة ومعاقبتهم، وبالتالي لا بد من مناقشة بعض بنودها، وخصوصاً أن هناك بعض التناقضات بين نظامها الاساسي والمشروع الحالي كما أن هناك تناقضاً بينه وبين القانون اللبناني، وخاصة لجهة تطرقه الى العفو الخاص والعفو العام”. واستغرب رئيس المجلس بعض المواقف الرافضة تعديل بعض بنود المحكمة قائلاً “إن هذه المواقف هي سبب العلة منذ البداية”.
رايس “تطمئن” السنيورة
وتلقى الرئيس فؤاد السنيورة أمس اتصالاً من وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، التي عرضت له، بحسب “الوكالة الوطنية للإعلام”، حصيلة التطورات الجارية في المنطقة من وجهة نظرها ورؤيتها للأحداث والتطورات المقبلة، ولا سيما منها المؤتمر المخصص للبحث في شؤون العراق، ومؤتمر اسلام اباد وما انطوى عليه من نتائج. وأكدت رايس للسنيورة “أن مساعي الحلول المبذولة في المنطقة لن تكون على حساب لبنان”.
وركز رئيس الوزراء، خلال المكالمة الهاتفية، على “ضرورة وضع حد نهائي للخروق الاسرائيلية للسيادة اللبنانية، من اجل الوصول الى تطبيق كامل للقرار 1701 والانتقال الى مرحلة وقف النار، الذي تعوقه الانتهاكات الاسرائيلية في شكل أساسي”، داعياً الى “العودة الى مسار السلام في المنطقة”.
وحذر السنيورة رايس من “خطورة المنطق الذي يتجاهل مطالب السلام العربية”، مشدداً على “أهمية اتفاق مكة، الذي تم برعاية السعودية بين الفلسطينيين، وضرورة السهر على تطبيقة وإنجاح مضامينه”.
وفي هذا السياق، علمت “الأخبار” أنه أثناء لقاء رايس مع النائب وليد جنبلاط والوزير مروان حمادة والنائب السابق غطاس خوري في مقر وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، وردت إليهم المعلومات عن المؤتمر الدولي لأمن العراق والترحيب الفرنسي به، فدار حديث طويل عنه بين المجتمعين في حضور معاوني الوزيرة الأميركية.
وأفادت المعلومات بأن حمادة عبّر عن قلق قوى 14 آذار من “صفقة ما تذهب بإنجازاتها” لمصلحة سوريا وحلفائها، فما كان من رايس إلا أن أكدت “لن تكون هناك أي صفقة على حساب ثورة الأرز”، فاقترح حمادة عليها أن تبلغ هذا التطمين بالهاتف الى السنيورة مباشرة، فكان اتصالها به أمس.
وقد استكمل جنبلاط والوفد المرافق له أمس زيارته الى نيويورك، حيث باشر نشاطه بفطور عمل مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، استمر ساعتين وشارك فيه مبعوث الأمم المتحدة تيري رود لارسن. وتناول اللقاء القرارات الدولية وأهمية قيام المحكمة ذات الطابع الدولي.
ثم كانت اجتماعات مع كل من رئيس الدائرة القانونية في الأمم المتحدة نيكولا ميشال، وهو من الذين صاغوا مشروع المحكمة مع الجانب اللبناني، تلاه اجتماع مع لارسن ومساعده فابري ايدان تناول القرارين 1559 و1701.
واجتمع جنبلاط مع الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون وكبار معاونيه، ومن بينهم ميشال. ثم التقى المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة جان مارك دو لا سبليار، ورئيس مجلس الأمن للشهر الجاري، سفير جمهورية جنوب افريقيا الذي أبلغه ان مجلس الأمن يبحث في إرسال لجنة لتقصي الحقائق في لبنان.
وأفادت “الوكالة الوطنية للإعلام” أن أجواء الاجتماعات “عكست الإجماع على وجوب قيام المحكمة ذات الطابع الدولي كمدخل للسلم الأهلي في لبنان وتثبيت العدالة لا تفجير الأوضاع في لبنان، فضلاً عن أهمية المساعي العربية والمبادرة العربية والقمة العربية المرتقبة لحل الأزمة، كما تناولت الأجواء بحث احتمالات اللجوء مجدداً الى الأمم المتحدة إذا فقد الأمل بحل لبناني من خلال مجلس النواب أو من خلال الحل العربي المقترح”.
شيراك والحريري
وعشية القمة السعودية ــــــ الايرانية، انتقل الحريري من باريس الى الرياض ليواكب مجرياتها ونتائجها، بعدما التقى الرئيس جاك شيراك ونقل عنه حرصه وحرص فرنسا “على عدم إضاعة نتائج مؤتمر باريس 3 في زواريب المشاكل الداخلية اللبنانية وضرورة إقرار المحكمة الدولية في أسرع وقت ممكن”.
وأعرب الحريري عن تفاؤله بـ“التوصل الى حل للأزمة الراهنة في لبنان”، مشيراً الى “وجود مسائل عديدة مطروحة للتوصل الى هذا الحل”، مشيراً الى “أن السعودية ماضية قدماً بالجهود لحل الأزمات التي تشهدها المنطقة”.
وقال الحريري: “تحدثنا عن المحكمة الدولية وأهميتها بالنسبة إلى لبنان والمجتمع الدولي. وتمنى الرئيس شيراك أن يحصل إجماع على هذا الموضوع، وأن يصادق عليه البرلمان اللبناني لكي يبدأ إنشاء المحكمة. وشددنا على أنه في حال عدم حصول هذا الامر، فإن ذلك لا يعني أن المجتمع الدولي تخلى عن مطالبته بتحقيق العدالة، التي هي إنشاء المحكمة الدولية”. وأضاف “علينا نحن اللبنانيين أن ننتهي من المحكمة ونسير بها قدماً، وإلا فإن بعض الاطراف سيضع نفسه أمام إقرارها تحت الفصل السابع”.