المعلّم يطلب محكمة على أساس القانون السوري ويهدّد بإقفال الحدود مع لبنان إذا نشرت قوات دولية عليها
ظل الوضع السياسي متأرجحاً أمس بين التوقعات المتفائلة والمتشائمة إزاء مستقبل الأزمة بين السلطة والمعارضة، اللتين تلاقتا في مواقفهما على انحسار موجة التفاؤل باقتراب الحل للأزمة المستحكمة بينهما، وتولد لدى الأوساط المتابعة اقتناع بأن قطار الحل لن ينطلق قبل مؤتمر بغداد المقرر السبت المقبل.
في هذا الوقت، شهدت “جبهة” المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري موقفاً سورياً عبّر عنه وزير الخارجية وليد المعلم بقوله إن نظامها بني على أساس القانون اللبناني وانه “إذا أرادت الأمم المتحدة شيئاً من سوريا، فعليها أن تتكلم مع سوريا ويجب أن يبنى نظام المحكمة على القانون السوري”، مشدداً على ضرورة أن تكون المحكمة “بعيدة عن التسييس”.
وكان الحدث البارز أمس توجه السفير السعودي عبد العزيز خوجة فجراً الى الرياض ليعود منها ليلاً، وذلك بعد اللقاءات التي عقدها مع الرؤساء إميل لحود ونبيه بري وفؤاد السنيورة، الذي أعلن “أن هناك مساعي جدية للخلاص من المأزق الذي نمر به، ولكن ليست هناك مبادرات واضحة”. وينتظر أن تكون لخوجة اليوم جولة جديدة من الاتصالات وتردد أنه التقى بري لدى عودته ليلاً.
وكان رئيس مجلس النواب قد التقى أمس السفيرين الأميركي والفرنسي جيفري فيلتمان وبرنار إيمييه، وظل على تفاؤله متوقعاً تبلور حلول خلال أيام، لكنه أبدى حذره من “محاولات البعض التشويش على مساعي الحلحلة”. وقالت أوساطه لـ“الأخبار”، إن من يراقب ردة فعل بعض قوى الأكثرية على الأجواء التفاؤلية التي أشاعتها القمة السعودية الإيرانية يكتشف أن هذا البعض لا يريد لأحد أن يتفاءل ولا يريد أن ينخرط في التفاهم اللبناني اللبناني”.
وعلمت “الأخبار” أن السعودية ستطلب من النائب سعد الحريري الموجود في الرياض اتخاذ موقف حاسم إزاء بنود الحل المطروح (الذي نشرته “الأخبار” الاثنين الماضي)، حيث إنها ستتولى توفير كل الضمانات المطلوبة للفريقين المتنازعين، سواء لجهة تأليف حكومة وحدة وطنية وعدم حصول أي فراغ دستوري، أو لجهة أن تكون المحكمة الدولية جنائية وبعيدة عن التسييس.
وفي غضون ذلك، شاع امس أن السعودية طلبت من الرئيس لحود ان يكون السنيورة في عداد الوفد اللبناني الى القمة العربية وأنه لم يعط جواباً على هذا الطلب لأنه يعتبر الحكومة “غير دستورية”. وإذ رفضت أوساط رسمية الخوض في هذا الأمر، أكدت في المقابل أن الجانب السعودي ربما أبدى رغبة في ذهاب لبنان الى القمة بوفد موحد. وأضافت انه إذا توافر حل للأزمة قبل موعد القمة فلن تعود هناك أي مشكلة في هذا الصدد.
موسى ولاريجاني
إلى ذلك وفيما أشار الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى أنّ المشاورات ما زالت جارية لتذليل العقبات أمام حلول الأزمة اللبنانية، وقال إنه قد يزور بيروت في أي وقت، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، بعد لقائه رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل في طهران، “إن إيران تواصل مساعيها وجهودها بعيداً عن الأضواء ووسائل الاعلام، من أجل إنجاح اتفاق مكة وإيجاد حلول للأزمة اللبنانية”.
ورداً على سؤال هل تؤدي إيران الدور الثاني فيما السعودية هي صاحبة الدور الاول في موضوعي فلسطين ولبنان، قال لاريجاني “إن السعودية قد تبدو هي في الظاهر لكن باطن القضية إيران. وأضاف “ان لكل نشاط سياسي ظاهراً وباطناً، ونحن لا نعتني بالظاهر، بل ما يعنينا هو الباطن، وهناك مساع وجهود واتصالات متواصلة مع المسؤولين في السعودية في شأن الملفين اللبناني والفلسطيني”.
سوريا والمحكمة والحدود
قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البلجيكي كاريل دي غوشت، “لماذا يريدون رقابة دولية على الحدود بين سوريا ولبنان؟ هذا دليل على أن هناك توجهاً غربياً لدفع البلدين لأن يكونا في حالة حرب”. وذكر بما كان قاله قبل أشهر لنظيره الفنلندي اركي تيوميوجا وهو ان “سوريا ستغلق حدودها مع لبنان” إذا تم هذا الانتشار. ونفى “كل الشائعات” عن تهريب أسلحة الى لبنان عبر الحدود السورية، ووصفها بأنها “غير صحيحة”.
ومن جهته، قال دي غوشت إن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع رد “سلباً” على طلبه نشر قوة دولية بين سوريا ولبنان. وأضاف ان “وجود السلاح في لبنان يبعث على القلق، وبلجيكا التي تشارك في اليونيفيل وفي عمليات نزع الألغام في لبنان لها مصلحة في إرساء السلام فيه”.
وفي موضوع المحكمة الدولية، أعرب دي غوشت عن “خيبة أمله” حيال موقف دمشق، موضحاً أنها “لا تنوي تسليم متهمين (سوريين) مفترضين للمحكمة الدولية وتؤكد أنهم سيحاكمون في سوريا”. ولفت الى أن هذا الموقف “يناقض القانون الدولي”.
وعلق المعلم على كلام الوزير البلجيكي، فقال “أستغرب لماذا يستنتج زميلي وزير الخارجية البلجيكي وما زال (القاضي البلجيكي سيرج) براميرتس قيد إجراء التحقيقات”. وأضاف إن “سوريا حددت موقفها (من المحكمة) برسالة الى مجلس الأمن، نحن لم نكن طرفاً في مداولات قانونية لوضع النظام الأساسي لهذه المحكمة لأن الأمم المتحدة رأت أن هذا يخص اللبنانيين وحدهم وأنها تقوم على القانون اللبناني”. وتابع “إذا أرادت الأمم المتحدة شيئاً من سوريا فعليها أن تتكلم مع سوريا ويجب أن يبنى نظام المحكمة على القانون السوري”. وشدد المعلم على ضرورة أن تكون المحكمة “بعيدة عن التسييس والانتقام ومستندة إلى أدلة قاطعة وملموسة”.
وعن نزع سلاح “حزب الله”، قال المعلم “هذا شأن لبناني وننصح بعدم الضغط على لبنان لئلا ينفجر الوضع” فيه.