زياد الرحباني
إن حجم التدابير الأمنيّة حول مواقع سكن قادة 14 آذار، على توسّع. كنّا نلاحظ في البداية، وهذه للمراقبين أو من هم بهذه الصفة دون علم وخبر بالضرورة، لا للداخلية ولا لمجلس الأمن المركزي أو أمن الدولة ـ أن تلك التدابير تُعَزّز إجمالاً على أثر تصريح حاد، عقب موقف متقدم، كما يسمّى بينهم، مبتهجين. أما اليوم، فقد لاحظ المراقبون أن تيك التدابير راحت تتنوّع وتتوسّع على مساحات أكبر، فتغمر عدداً أكبر من المواطنين المجاورين لهم، بلطفها وبالحرص على رؤوسهم رغم الأنوف، (إنهم يجزّئون الوجوه أيضاً) وذلك حتّى بدون تسجيل أي تصريح أو موقف سابق. إن قرار رفع مستوى الأسلاك والمكعّبات والدشم أصبح نذيراً بتصريح آتٍ ربما، لرؤيا موعودة بين بزمار والأرز لاحقاً. أصبح بعضهم، وهو أبلغهُمْ، أشدقهُمْ، أشلبهُمْ و«أضربهُمْ»، يزنّر ويسكِّر، يُسيّج ويُعرّج، يُفكّك ويُسمّك، لمجرد فكرة راودته ولم يصرّح بها بعد ولا حتى فكّر! لقد اعتمدوا الاستباقية الأميركية الجديدة منذ ما بعد 11 أيلول و14 آذار. وهل بوش وفريقه أعزّ منهم؟
في المحصّلة، إنهم يعانون بلا شك، بل ويتألمون. فبعضهم يضطرّ، في معظم الأحيان وبعد كل هذه التدابير الأمنية، لأن يترك منزله بكل تحصيناته ويسافر لفترة، وجمعها فترات. أليست تلك سخرية القدر، وتحديداً القدر الوطنيّ الأبيّ الحرّ؟ أعجب أحياناً لقادة مثلهم، متبصّرين، متنوّرين، وقّادي الذكاء، ثاقبي الرؤية، كيف لا يفكّرون بالحل السهل جداً وهم يعرفونه. الحل الذي يكمن في وقف هذه التصريحات والامتناع عن هذه المواقف، ولنتيجة أكثر فعالية وديمومة: اعتزال السياسة. هذا ما كان يقول به دوماً الرفيق الأعلى وليد بك جنبلاط. فمنذ سنين وهو يهدّد بذلك، فماذا ينتظر؟ لست أدري.


***


ـ مضى وقت طويل على آخر لقاء بيننا، طمّنّي ما آخر أخبارك؟
ـ واللَّهِ، لا بأس.
ـ وماذا تفعل؟
ـ إنّي أشجّع المواطنين على الاكتئاب في سندات الخزينة!
ـ وهل تجاوبوا؟
ـ كلا!
ـ لماذا برأيك؟
ـ لأنهم مكتئبون.