رغم استمرار الاجتماعات في عين التينة، لم يخرج الرئيس نبيه برّي والنائب سعد الحريري عن إطار الكلام العام عن تفاؤل وإمكان التوصّل إلى حلّ قبل القمة العربية. لكنّهما أكّدا، كلّ من زاويته، أنّ الاختراق الأساسيّ لم يحصل. وقال مرجع قيادي في المعارضة إنّ الساعات المقبلة حاسمة لجهة تسلّم رئيس المجلس جواب النائب الحريري على الطرح المتعلّق بالبنود الثلاثة: أوّلاً، لجنة تنجز الملاحظات على المحكمة وتقرّها على التوالي في الحكومة الجديدة، فيوقّعها الرئيس إميل لحود، ثمّ يقرّها المجلس النيابي. ثانياً، توسيع الحكومة من دون تعديل البيان الوزاري، على قاعدة منح المعارضة “الثلث + واحد”. ثالثاً، إقرار الحكومة الجديدة فور تأليفها قانوناً جديداً للانتخابات يحظى بدعم القوى المسيحية التي تؤيد اعتماد القضاء. ولفت مصدر مطلع إلى أن البحث يتعلق بإعلان النوايا الذي يستعجل الطرف الإقليمي صدوره الآن، على أن تترك أمور أخرى للبحث في اللجان المشتركة المفترض تأليفها. لكن بري قال، لمن يهمّه الأمر، إنّ التوافق المبدئي يحتاج إلى ضمانات. وهو أمر فهمه البعض على أن له علاقة بالجانب السعودي الذي يضغط بقوة على الجانبين باتجاه صدور “إعلان نوايا” قبل نهاية الأسبوع، علماً بأن السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة كرر دعمه للحوار وضرورة أن ينجز اللبنانيون تفاهماً مدعوماً من المملكة.
وفي المعلومات أن الحريري لم يقدم أجوبة إيجابية أو سلبية قاطعة، لكن اللقاء الرابع شهد مناقشة مستفيضة حول قانون الانتخابات، انطلاقاً من رسالة بعث بها العماد ميشال عون الى الرئيس بري، تؤكّد أن الموقف من التسوية يرتبط بقوة بإدراج بند قانون الانتخاب في جدول أعمال اللجنة المشتركة التي ستبحث تعديلات المحكمة الدولية وتوسيع الحكومة. وقد أكّد بري للحريري مضمون هذه الرسالة، كما لفته الى أن الأمر لا يتعلق بموقف عون أو المعارضة فقط، وهو ما تفهّمه الحريري الذي عاد وذكر بأنّ البطريرك الماروني نصر الله صفير كان قد أثار معه الأمر من زاوية أن المسيحيين يحتاجون الى ضمانات بشأن طبيعة تمثيلهم السياسي في المرحلة المقبلة.
وإذ أكّدت المصادر وجود تفاهم بين بري والحريري على أهمية قانون الانتخابات، فإنّ رئيس تيار المستقبل حاول ترك الأمر في إطاره السابق الذي يقول بأن على الحكومة الجديدة أن تبادر إلى إقرار قانون للانتخابات في أسرع وقت ممكن. وكان جواب بري أنّ المسيحيين ما عادوا يرتاحون الى الوعود بعد كل ما مرّوا به من تجارب في هذا المجال، وهم بالتالي بحاجة الى ضمانات، وهو الأمر الممكن من خلال ربطه بسلّة الحل.
ورغم تضارب المعلومات حول حقيقة موقف كلّ من بري والحريري من المقترحات “المسيحية” لشكل القانون، إلا أن الرجلين أبديا تفهماً للهواجس التي تقول بضرورة اعتماد آلية اقتراع أو دوائر انتخابية بما يحقق الهدف المركزي من المطالبة المسيحية بتصحيح طريقة التمثيل المسيحي في المجلس النيابي، وهو الأمر الذي جعل المصادر تشير الى ان البحث يتركز على خيارَي القضاء وفق نظام الاقتراع الأكثري، أو “قانون فؤاد بطرس”.
أما في شأن التركيبة الحكومية، فقد حملت المعلومات التي وردت من طرفي الحوار تناقضاً على صعيد التوجهات، إذ ذكرت مصادر مطلعة في فريق 14 آذار أنه لا مجال للموافقة على مطلب الثلث المعطل، وأن هناك حاجة لمشاورات حول صيغة لتسمية الوزير الحادي عشر. لكن المعارضة أكدت في المقابل أنه لا مجال لأي بحث خارج صيغة الثلث الضامن وأن الحريري قدّم مقترحاً بتأليف حكومة من 24 وزيراً يكون فيها للموالاة 13 وزيراً وللمعارضة 8 وزراء و3 محايدين أو مستقلّين، وهو أمر خلافي. لكن المصادر نفسها قالت إن هناك تفاهماً على إبقاء البيان الوزاري من دون اي تعديل، علماً بأن هذه النقطة كانت قد أثيرت في لقاءات النائب الحريري أمس مع النائب وليد جنبلاط، وقبل أيام مع قائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع، لجهة تعديل يسقط المشروعية عن بقاء سلاح المقاومة، إضافة الى طلب آخر من الرئيس فؤاد السنيورة باعتماد النقاط السبع أساساً للبيان الوزاري الجديد. الى ذلك، نقل زوار الحريري عنه أمس «ان الأمور تتجه صوب الحلحلة وصولاً الى الحل الذي بات قريباً، وخصوصاً أنه حصل شيء من التقارب في وجهات النظر وأن الامور التي طرحت حتى الآن تم التوافق عليها، وأن البحث قطع كثيراً من المراحل ودخل في كثير من التفاصيل، وأنّ الفترة الفاصلة عن موعد القمة العربية هي حاسمة ولا بد من ان يظهر شيء قبل القمة».
وكان قد صدر أمس عن المكتب الإعلامي لبري بيان عن حصيلة لقائه الرابع مع الحريري أكد فيه “أن التقدم مستمر لبلوغ الحل”، بينما ناقش الحريري الأمر مع النائب وليد جنبلاط الذي زار لاحقاً الرئيس السنيورة يرافقه الوزيران مروان حمادة وغازي العريضي.