الانطلاقة الفعلية لمنتخب لبنان في بطولة دولية كانت عام 1949 عندما شارك في بطولة أوروبا التي استضافتها مصر عامذاك بعد اعتذار الاتحاد السوفياتي عن استضافتها. لكن عملياً يمكن الحديث عن منتخبٍ قوي وحاضر بقوة على الساحة العالمية ابتداءً من اواخر التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة، وذلك بعدما ذهبت الاتحادات المتعاقبة على الاستعانة بمدربٍ اجنبي على رأس الجهاز الفني، فكانت النتائج المشرقة لكرة السلة اللبنانية ومنتخبها الأول بقيادة «المدربين المستوردين»، وهو الامر نفسه الذي ننتظره اليوم من الصربي فاسيلين ماتيتش الذي سيكون قائداً للحملة الجديدة الهادفة للتأهل الى الالعاب الأولمبية المقبلة.عام 2000، قرر الاتحاد اللبناني لكرة السلة التعاقد مع احد افضل المدربين الذين مرّوا على الشرق الاوسط في تلك الفترة: الاميركي أندرو يونغ. هذا الاسم ربما نسيه متابعو المستديرة البرتقالية منذ زمنٍ طويل، لكن الحقيقة انه أسّس لمنتخبٍ قوي فاز ببطولة غرب آسيا عامذاك، لكن من دونه، اذ ان يونغ توفي في بيروت قبل يومٍ واحد فقط على انطلاق البطولة الاقليمية بعد معاناته من المرض.
سريعاً في العام التالي اتجهت البوصلة نحو اميركي آخر هو جون نيومان، وقد قيل وقتذاك إنه لا يملك سيرة ذاتية كبيرة، وهو امر صحيح اذا ما تحدثنا عن اشرافه على منتخبات مثلاً، لكن الرجل نشط على اعلى مستوى في دوري الجامعات في الولايات المتحدة، وحمل منتخبنا الى المركز الثاني في بطولة آسيا، تماماً كما فعل مواطنه بول كافتر خليفة الروسي ايفان إديشكو الذي درّب المنتخب عام 2004.
وكافتر، وبعيداً من شخصيته العصبية التي دفعته الى الاصطدام ببعض اللاعبين، يعدّ احد افضل الاجانب الذين عرفتهم كرة السلة اللبنانية، اذ عمل على كل تفصيل فني وتقني وبدني بهدف تطوير مستوى العناصر التي كانت تحت اشرافه، ولديه الفضل في تطوير اسماء مهمة حالياً، امثال رودريغ عقل وايلي رستم وباسل بوجي. والدليل على العمل الكبير لكافتر كان تأهل منتخب الناشئين الى كأس العالم، الى حلول المنتخب الاول وصيفاً في بطولة آسيا، وتمثيله القارة الصفراء في المونديال عام 2006 حيث فاز على فنزويلا وفرنسا، علماً بأن المباراة الاخيرة كانت بقيادة العراقي قصي حاتم الذي قاد لبنان ايضاً في دورة الألعاب الآسيوية عامذاك.
ومن ولاية كافتر الناجحة الى اخرى مقبولة بقيادة الصربي دراغان راتزا، الذي ابقى لبنان وصيفاً في بطولة آسيا عام 2007، حيث سقط منتخبنا بشكل غير مستحق امام ايران (69-74)، ثم حلّ رابعاً في نسخة 2009، رغم انه كان يملك افضل الاسماء، لكن الخلافات بين اللاعبين أثّرت بشكلٍ سلبي وكبير على مسيرة المنتخب في البطولة القارية.
نتائج مهمة استمرت مع اميركي آخر هو تاب بولدوين، الذي امتلك سيرة ذاتية لافتة قبل وصوله الى لبنان بحيث انه قاد نيوزيلندا الى نصف نهائي مونديال 2002. ومع لبنان فاز على كندا في الحدث العالمي عام 2010، لكن منتخبنا خرج وقتذاك بطريقة غريبة.
ورغم الجهد الذي قام به المدربين المحليين غسان سركيس وفؤاد ابو شقرا في ولايتيهما، فإن الأكيد ان منتخب السلة يحتاج الى مدربٍ اجنبي دونه المحلي، لكون الاجنبي لديه معرفة اكثر على المستوى الدولي، بينما لم يعرف المدرب اللبناني معنى الاحتكاك دولياً. أضف ان المدربين الاجانب الذين اشرفوا على المنتخب برعوا كلاعبين، وهي نقطة مهمة يمكن ان تساعدهم في عملهم وخصوصاً على صعيد تطوير القدرات التقنية للاعبين، فضلاً عن تفضيل المدرب الاجنبي الذي يرفض عادةً الرضوخ للضغوطات التي تُفرض احياناً على المدرب المحلي في عمله، وتحديداً بشأن ضم هذا اللاعب او الاستغناء عن ذاك عند اختيار تشكيلة المنتخب.