دخل الوضع الداخلي في سباق بين تأمين عودة الحوار بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري وبين التحضير للقمة العربية المقررة في 28 الجاري في الرياض، وتأليف الوفد اللبناني إليها.وحتى ساعة متأخرة من مساء أمس، لم ينعقد لقاء كان منتظراً بين الرئيس بري والحريري في عين التينة، فيما استغرب بري حديث فريق 14 آذار عن ورقة كانت قد أعدّتها وحمّلتها للحريري إلى اجتماعاته معه. ونقل زواره عنه أنه لا علم له إلا بالورقة التي اتفق عليها مع الحريري وأعلنها في مؤتمره الصحافي وظل موضوع حكومة الـ19 + 11 هو النقطة العالقة فيها. وأضاف بري انه لم يفقد الأمل بإمكان التوصل الى حل قبل القمة “إذا صفت النيات” مشيراً الى أن الأيام الخمسة الفاصلة عن موعد القمة كافية لإنجاز هذه الخطوة. ورأى أن الاتفاق يحصل بمجرد أن تعلن الأكثرية موافقتها على حكومة الـ19 + 11 وعندها ينتقل الجميع الى الرياض لتتويج الحل برعاية القيادة السعودية.
وقالت مصادر المعارضة إن الاتفاق إذا تأخر الى ما بعد القمة فإن الامور ستكون اكثر صعوبة وتعقيداً بعدها لأن هذا الحوار سيجري بوتيرة جديدة وأولويات مختلفة عما هي عليه الآن. واعتبرت أن الكرة باتت في ملعب السلطة التي عليها الإدراك أن بري لن يدعو الى جلسة نيابية في غياب التوافق، وأن المعارضة لن تقبل بأقل من الثلث الضامن في الحكومة، واتهمت النائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع بعرقلة الحلول، مشيرة الى أن الجانب السعودي موافق على حكومة الـ19 + 11.
وقال مصدر قيادي في المعارضة إن الرياض مستاءة من جنبلاط “لكنها لا تزال تتوقع حصول اتفاق لبناني”. ولوحظ أن السفير السعودي عبد العزيز خوجة بدأ يرفع وتيرة الكتمان الذي يحيط باتصالاته واجتماعاته مع قادة الطرفين المتنازعين. وعلم أنه التقى امس عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب أكرم شهيب.
وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد اثر زيارته رئيس الجمهورية إميل لحود “إن أقصى التنازلات الممكنة قدمناها. أولاً لقد تجنبنا الخوض في الانتخابات النيابية المبكرة ووضعناها جانباً. وأكدنا جدية وجود ملاحظات أساسية على نظام المحكمة تدرس حين يقبل الطرف الآخر بمشاركتنا. أما حين لا يعترف بشراكتنا فلمن نقدم هذه الملاحظات”.
وفيما كانت الاتصالات ناشطة لمعاودة الحوار بين بري والحريري، هاجم السنيورة المعارضة واتهمها بأنها تحاول “تشريع توجهات انقلابية تطيح قيمنا الديموقراطية عبر وسائل رفضناها سابقاً ونكرر اليوم أننا لن نخضع لها”. وقال “إن الظروف التي يمر بها لبنان بالغة الخطورة والأهمية وقد بات الخروج من الأزمة يتطلب جهداً كبيراً لتجاوز ما حصل وما يحصل”. وأضاف “إن التطورات بيّنت أن البعض كان يمارس سياسة بوجهين: وجه القبول بالنظام الديموقراطي ووجه التلطي خلف الخيار الديموقراطي، ولكن في اللحظة التي لم يعد ينفع فيها التلطي والاختباء والمواربة كانت القطيعة الداخلية بالخروج على المؤسسات ورفض الحوار واعتباره خديعة لا طائل من ورائها”.
القمة والوفد إليها
الى ذلك بدأ التحضير للمشاركة في القمة العربية يتصدر الاهتمات وقالت مصادر مطلعة لـ“الأخبار” إن رئيس الجمهورية يتريث في تشكيل الوفد معوّلاً على أن ينتهي الحوار بين بري والحريري الى اتفاق فيعمل عندها الى تشكيل وفد موحد يكون الرئيس فؤاد السنيورة في عداده بعد زوال الأسباب الدستورية التي تمنعه من اصطحابه. وإذا لم يحصل هذا الاتفاق فإن لحود سيبقى رافضاً مشاركة السنيورة في الوفد الذي سيضم في عداده الوزيرين المستقيلين فوزي صلوخ ويعقوب الصراف، فيما السنيورة الذي تلقى دعوة ملكية سعودية سيحضر القمة بصفة “ضيف” ولا يجلس في مقاعد الوفد اللبناني.
قرار التضامن مع لبنان
وعلمت “الأخبار” أنه لن تكون هناك ورقتا عمل لبنانيتان الى القمة وان مشروع “قرار التضامن مع الجمهورية اللبنانية” قد أقره الاجتماع الاخير لوزراء الخارجية العرب. وأكدت مصادر معنية أنه لن تكون هناك مشكلة حول مضمونه الذي يحتوي أكثر من 16 بنداً.
وحسب معلومات “الأخبار” فإن القرار يوجه “التحية الى صمود لبنان ومقاومته الباسلة للعدوان الاسرائيلي والترحم على أرواح الشهداء اللبنانيين واعتبار تماسك الشعب اللبناني ووحدته في مواجهة العدوان والتفافه حول حكومته ودولته في مختلف المجالات، ضماناً لمستقبل لبنان وأمنه واستقراره” ويؤكد “التضامن العربي الكامل مع لبنان” ويشيد بدور الجيش اللبناني في الجنوب وكل المناطق اللبنانية، كما يؤكد “ضرورة تحقيق وقف إطلاق نار ثابت ودائم وإدانة الخروق والانتهاكات الإسرائيلية للقرار 1701 وتحميل إسرائيل المسؤولية عنها، ودعم وتبني النقاط السبع التي قدمتها الحكومة اللبنانية وتحميل اسرائيل المسؤولية الكاملة عن عدوان تموز، والإشادة بمؤتمر باريس 3، ومساندة لبنان في حقه السيادي في ممارسة خياراته السياسية ضمن الاصول والمؤسسات الدستورية”. كذلك يضيف القرار انه “في إطار التوافق اللبناني على مبدأ إقامة المحكمة ذات الطابع الدولي التأكيد أن الكشف عن الحقيقة في جريمة الاغتيال الإرهابية التي ذهب ضحيتها رئيس الوزراء رفيق الحريري ورفاقه وجرائم الاغتيال الإرهابية الأخرى منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة ومثول المتهمين أمام المحكمة ذات الطابع الدولي وفقاً للنظام الذي سيعتمد لها في إطار توافق اللبنانيين على هذه المحكمة التي ستُنشأ استناداً الى قراري مجلس الأمن 1644 و1664، وبناءً على طلب الحكومة اللبنانية وفقاً للأنظمة والأصول الدستورية لينالوا عقابهم العادل بعيداً عن الانتقام والتسييس”. ويدعم القرار حق لبنان في المطالبة بإطلاق أسراه من السجون الاسرائيلية وفي إزالة مئات آلاف الألغام التي خلفها الاحتلال الاسرائيلي على ارضه. ويدعو الى الحوار الوطني اللبناني لحل الأزمة القائمة ، ويؤكد على “حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم والتحذير من أن عدم حل قضية المقيمين منهم في لبنان على قاعدة عودتهم الى ديارهم وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي، أو محاولة توطينهم، يزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة ويعوق تحقيق السلام العادل فيها”.