نـوّاب المعارضـة والمـوالاة «يتواجهـون» في المجلـس اليــوم... وموسـى يستعـدّ للعــودة إلى بيـروت
انشغلت الأوساط السياسية أمس بمتابعة التحضيرات للقمة العربية وما يمكن أن يحصل من اتصالات سورية ــــــ سعودية في القمة العربية، وما ستتركه من أثر على الملف اللبناني. وكانت الجهات السياسية قد تلقّت أمس إشارات الى نية القمة العربية تكليف الأمين العام للجامعة عمرو موسى استئناف مبادرته بعد القمة مباشرة، علماً بأن الجانب المتصل بموقع لبنان وتمثيله وموقفه في القمة العربية ظل محل جدل وأخذ ورد برز في مداولات وزراء الخارجية العرب وأثمر تعديلات لمنع انفجار سياسي ــــــ لبناني إضافي على هامش القمة.
وفي هذا السياق، برز سباق على الإمساك بزمام المبادرة الدبلوماسية في القمة من خلال مسارعة الرئيس إميل لحود الى تقديم موعد سفره الى الرياض الى اليوم، يرافقه الوزيران فوزي صلوخ ويعقوب الصراف، وكذلك فعل الرئيس فؤاد السنيورة لينضمّ الى الوزيرين طارق متري وسامي حداد اللذين سبقاه الى العاصمة السعودية.
وكان اعتراض رئيس الجمهورية على الورقة التي قدمها متري في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية قد أثمر تعديلات أبرزها تحويل الدعم العربي الى الدولة اللبنانية بدل الحكومة اللبنانية، وعدم الأخذ بالنقاط السبع كبرنامج عمل، والتأكيد على أن إقرار المحكمة الدولية يجب أن يتم، لكن وفق الأصول الدستورية، وهي الخطوة التي تلقتها أوساط المعارضة بإيجابية بعدما تبيّن أن الجانب السعودي أدّى دوراً في هذا المجال، ممّا يفتح الباب أمام حصر المشكلة في جانب بروتوكولي، حيث إن فريق رئيس الحكومة يريد من القمّة التعامل معه كممثل لبنان الرسمي والوحيد، وهو الأمر المتعذر مع قرار رئيس الجمهورية إلقاء كلمة باسم لبنان ستركّز على حق المقاومة وجدواها في مقاومة العدوان وفي مواجهة التهديدات الاسرائيلية، وعلى رفض شطب حق العودة للّاجئين الفلسطينيين ومنع توطينهم في لبنان أو في الدول العربية تحت أي حجة.
وكان لحود قد اتصل بالأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وأبلغه ملاحظاته على ورقة السنيورة ــــــ متري، وذكره بأن الفقرة الاولى من مشروع القرار المتعلق بالتضامن مع لبنان تشير الى “توجيه التحية لصمود لبنان ومقاومته الباسلة للعدوان الاسرائيلي الغاشم... والتفاف الشعب اللبناني حول حكومته ودولته”. فطلب لحود تعديل العبارة الاخيرة من هذه الفقرة لتصبح “التفاف الشعب اللبناني حول دولته”، مبرّراً ذلك بسببين: الأول هو أن الالتفاف والدعم يكون مع الدولة بكل مؤسساتها، وليس لمؤسسة واحدة فيها، لأن الدولة تجسّد وحدة كل المؤسسات. أما السبب الثاني فهو أن موضوع الحكومة يثير في المرحلة الراهنة إشكالات لأن ثمة أفرقاء لا يقرون بشرعية الحكومة ودستوريتها، وبالتالي فإن الهدف من وضع كلمة حكومة هو استدراج القمة الى الوقوف الى جانب فريق ضد آخر عبر استثمار هذا الأمر داخلياً. ويسري الأمر نفسه على الفقرة الثانية من مشروع القرار التي تتحدث عن “توفير الدعم السياسي والاقتصادي للحكومة اللبنانية”، فرأى لحود أن هذا الموقف هو محاولة أخرى للحكومة لاكتساب شرعية عربية، بينما أي تضامن وأي دعم لا بد من أن يقدم للدولة اللبنانية بكل مؤسساتها، فكيف إذا كان الوضع الحكومي موضع جدل وخلاف سياسي.
كذلك تناولت الملاحظات البند الخامس من مشروع القرار الذي يشير الى تبني ودعم خطة النقاط السبع التي تقدمت بها الحكومة وأخذ موضوع مزارع شبعا دون غيره في معرض المطالبة بتطبيق القرار 1701. وأشارت الى أن موقف لبنان هو تطبيق هذا القرار بكامله، وليس اجتزاء مقاطع منه أو فقرات.
وعلمت “الأخبار” أنّ الاتصالات لمعالجة الأزمة اللبنانية ستنشط بعد انتهاء أعمال القمة العربية التي يتوقع أن يصدر عنها قرار يدعو الأمين العام للجامعة العربية الى استئناف مبادرته في هذا الصدد. وقد أكد الأخير في مؤتمر صحافي مشترك عقده في الرياض مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن الجهود “سوف تستأنف فور انتهاء القمة”. غير أنه رأى أن “الإشارة الى تزايد الانقسامات في لبنان فيها مبالغة لكن الانقسام مستمر”، مؤكداً أن “هناك مشروع قرار معداً للمناقشة عن لبنان”.
من جهته، قال الفيصل إنه “لن يتم التوصل الى حل في الموضوع اللبناني إلا إذا نبعت الإرادة من اللبنانيين أنفسهم، ولن نستطيع أن نقدم أي شيء باسم اللبنانيين”. وأمل ألا تنعكس الخلافات اللبنانية على القمة وقال: “نرى فرصة للفرقاء اللبنانيين لتغليب مصلحة بلادهم على كل شيء آخر”. ودعا اللبنانيين “للجلوس الى طاولة الحوار”.
مواجهة نيابية في المجلس
في هذه الأثناء، كانت دوائر المعارضة والموالاة تتابع امس التحضيرات الخاصة باليوم البرلماني الثاني في المجلس النيابي، حيث قرر نواب 14 آذار النزول اليوم مجدداً الى المجلس والاعتصام فيه ومحاولة انتزاع فتح القاعة العامة لأجل عقد جلسة نيابية، وهو الأمر الذي فرض على الرئيس نبيه بري مراجعة ما حصل الأسبوع الماضي، فأجرى لهذه الغاية اتصالات مع كتل نيابية من قوى المعارضة، لجهة منع نواب 14 آذار من احتلال المجلس، علماً بأن ما ورده من معلومات أفاد بأن هذا الفريق يريد تسجيل حضور جديد اليوم، لكن هناك تحضيرات لتنفيذ اعتصام يحضره 70 نائباً من فريق الموالاة يوم وصول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى بيروت.
وحسب المعطيات المتوافرة فإن الرئيس بري وقوى المعارضة في مناخ النزول اليوم الى المجلس النيابي أيضاً وفي مناخ تحضير خطوة مضادة يوم وصول بان كي مون، بما في ذلك العمل على خطوات اكبر إذا ما قررت قوى الأكثرية السير في مشروع المواجهة. وأبلغ بري جهات كثيرة داخلية وخارجية أن مشروع قانون المحكمة الذي قال الرئيس السنيورة إنه سيحيله الى المجلس بعد القمة لن يجد في المجلس من يتسلّمه، وإن إقراره في هذا المجلس أمر مستحيل.