عريضة للنوّاب الـ 70 تطالب بإقرار المحكمة دولياً يليها «اعتصام الثلاثاء» وبرّي يشرح «لادستورية الخطوة» رغم أنّ الجميع في بيروت يتابع نتائج الحوار السوري ـ السعودي الذي بدأ على هامش القمّة العربية في الرياض، تتجه الأنظار اليوم الى محادثات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي وصل مساء امس الى بيروت، واحتمال حصول تصعيد سياسي من جانب فريق 14 آذار الذي كان يعد لاعتصام نيابي كبير يهدف الى دفع الأمم المتحدة الى الأخذ بما أقرته حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بشأن المحكمة الدولية، ونقل الملف مباشرة الى مجلس الأمن بدل انتظار إقراره رسمياً في المؤسسات الدستورية.
وعلم أن فريق 14 آذار قرّر التوقيع على عريضة نيابية تجمع أسماء سبعين نائباً، وتتضمّن شكوى من تعطيل المجلس النيابي من قبل قوى لبنانية تعمل تحت ضغط الجانب السوري. كما تشير العريضة إلى أنّ موقّعيها يمثّلون الغالبية النيابية التي تتيح لهم مخاطبة الأمم المتحدة وإبلاغها بأن مشروع المحكمة حظي بغطاء سياسي وشعبي ودستوري من خلال الحكومة والغالبية النيابية. كذلك تطلب العريضة بأن تبادر الأمم المتحدة الى اتخاذ الإجراءات التنفيذية للمشروع.
أما الرئيس نبيه بري فقد أعد لضيفه الدولي مجموعة من الوثائق، بينها ما يشرح طبيعة عمل المجلس النيابي وسبب عدم دستورية الخطوة المتخذة من الحكومة الحالية. وسيطلعه على حيثيات الحوار اللبناني ــــــ اللبناني حول المحكمة ومخاطر إقرارها من خلال مجلس الأمن دون الحصول على توافق لبناني مسبق، كما سيعرض له مسائل أخرى تخص المراسلات التي قام بها الرئيس فؤاد السنيورة مع الأمم المتحدة، والتي تتعارض مع الكلام عن إحالة مشروع المحكمة الى المجلس النيابي، بالاضافة لأمور وعناوين أخرى، بينها القرار 1701 ومسألة الحدود بين لبنان وسوريا.
أما من جانب حزب الله، فإنّ ممثّله الوزير محمد فنيش الذي يزور بان كي مون اليوم في مقر إقامته، فسيشرح له موقف المقاومة من الوضع على الحدود الجنوبية، ويؤكّد دعمها لعمل القوات الدولية المنتشرة هناك. كما سيثير معه ملف الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى العدو ورفض حكومة إيهود أولمرت تحقيق تسوية بشأن هذا الملف. وسيعرض أيضاً موقف حزب الله من ملف المحكمة الدولية.
وفي موضوع المحكمة، ذكر مرجع سياسي لـ“الأخبار” أن الرئيس السنيورة اعترف بأنه لم يرسل مشروع المحكمة الى مجلس النواب إثر المؤتمر الصحافي الأخير للرئيس بري. وقال إن السبب كان وعداً قطعه لموسى من أجل تسهيل وساطته بين الأكثرية والمعارضة، وأعلن أنه بات في حلّ من هذا الوعد. وقد وقَّت هذا الموقف مع الإعلان عن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة لبيروت، في الوقت الذي بدأ فيه نواب الاكثرية ينفذون منذ 20 الجاري اعتصاماً سمّوه “تحذيرياً” كل ثلاثاء في مجلس النواب، متهمين بري بـ“خطف المجلس وتعطيله”، ومطالبين بعقد جلسة نيابية لإقرار المحكمة.
وأشار المرجع الى خطة تقضي بأن يعتصم اليوم نواب 14 آذار السبعون أثناء وجود بان كي مون في بيروت أو يوم الثلاثاء المقبل ليوجهوا رسالة مفادها ان الاكثرية جاهزة لإقرار مشروع قانون إنشاء المحكمة، وأن في إمكان الأمم المتحدة أن تستند الى ذلك وترفعه الى مجلس الأمن ليقره كما هو بلا تعديل. وبعد ذلك تُؤلف المحكمة وتباشر مهماتها، فتستدعي من تريد من لبنانيين أو سوريين أو غيرهم للمثول أمامها. فإذا تمنعت الدولة التي ينتمي إليها أي متهم عن تسليمه، يتم اللجوء عندئذ الى مجلس الأمن والطلب منه إقرار المحكمة نفسها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وعندها، يُطلب تسليم المطلوب تحت طائلة التدخل بالقوة ضد هذه الدولة أو تلك.
وفي هذا السياق، حذر رئيس “تيار المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية من “أن أي إقرار لهذه المحكمة تحت البند السابع معناه إعلان حالة حرب في لبنان لن يسلم منها أحد في الشمال ولا في الجنوب أو أي منطقة لبنانية أخرى”. وسأل عن موقف الحريري “في حال اندلاع الحرب في لبنان أو المنطقة بحجة إقرار المحكمة تحت الفصل السابع”، مشيراً الى “أن على الحريري مسؤولية وطنية هي حماية لبنان واللبنانيين وليس التفريط بهم”.
أصداء القمة
ونقلت مصادر مطلعة عن مسؤول في الوفد السوري لـ“الأخبار” قوله إن المحادثات السورية ــــــ السعودية ركزت بالدرجة الاولى على الوضع في العراق، وتناولت الوضع اللبناني بلمحة سريعة. كذلك نقلت عن الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أنه ليس في وارد العودة الى بيروت لاستئناف مبادرته بين الأكثرية الحاكمة والمعارضة إذا لم يلمس شيئاً جدياً يقنعه بإمكان نجاح هذه المبادرة. وقد رحب الرئيس نبيه بري بعودة موسى إذا ما حصلت، لافتاً الى أهمية أن تكون مغطاة بدعم عربي عموماً وسعودي خصوصاً. ونقل زوار بري استعداده للتعاون الى أقصى الحدود لأنه لا بديل من الحوار، وأنه يتابع نتائج اللقاءات السورية ــــــ السعودية.
وتخوّف مشاركون في أعمال القمة العربية من تصعيد سياسي اثر لجوء فريق 14 آذار الى فتح مبكر للانتخابات الرئاسية بقصد منع إعطاء الأولوية للقانون الانتخابي، بعدما برز تباين بين هذا الفريق والبطريرك الماروني نصر الله صفير، وهو ما برز امس في الاجتماع بين الأخير وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع الذي قال إن الأولوية الآن لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكان بان كي مون أعلن إثر وصوله الى بيروت أن لبنان هو أولوية بالنسبة إليه، وخصوصاً لجهة تنفيذ القرار الدولي 1701. وأشاد بالحكومة اللبنانية “في تعهدها متابعة تنفيذ القرار 1701 وتعاونها ودعمها للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان”. وشدد على “التزام الأمم المتحدة الكامل بمساعدة لبنان على تعزيز سيادته واستقلاله وأمنه واستقراره”.
وفي إشارة إلى الأزمة بين الأكثرية والمعارضة، قال إن لديه ثقة بأن الحوار والمصالحة هما اللذان سيسودان في المستقبل القريب. وأضاف “إن الحوار والتسوية هما الطريق الوحيد في اتجاه الوحدة الوطنية”، مشيراً إلى أن التصعيد ليس في مصلحة أحد. وكان بان كي مون قد التقى الرئيس لحود في الرياض قبيل توجهه الى بيروت، على أن يلتقي اليوم بري والسنيورة والوزير فنيش. وقد انضم إليه في بيروت مساعده للشؤون القانونية في الأمم المتحدة نيكولا ميشال، وسيشارك في اجتماع يعقد اليوم في السرايا الحكومية مع وزير العدل شارل رزق والفريق القضائي اللبناني المؤلف من القاضيين رالف رياشي وشكري صادر، وسيتركز البحث على نظام المحكمة ذات الطابع الدولي. وسيشارك أيضاً في اجتماع لمجلس الأمن المركزي.