معطيان بالغا الأهمية والخطورة غيّرا مسار الحرب: تفكك التحالف العشري بعد قرار البرلمان الباكستاني بالإجماع عدم المشاركة في الحرب على اليمن. وكانت لافتة مشاركة النوّاب السلفيّين في البرلمان في الإجماع، ما يلفت الى تحوّل جوهري في «المزاج» السياسي الباكستاني، الأمر الذي شكّل صدمة لدى الجانب السعودي الذي كان يرى في باكستان «دولة في الجيب». جاء ذلك بعد التبدّل الدراماتيكي في الموقف التركي عقب زيارة الرئيس التركي رجب أرودغان لطهران وتبنيه «الحل السياسي» بدلاً من العسكري.
زيارة محمد بن نايف لأنقرة قبل يوم من سفر أردوغان الى طهران كانت تهدف الى إبلاغ الايرانيين استعداد آل سعود للتخلي عن عبد ربه منصور هادي، على أن تكون المبادرة الخليجية أساساً للحوار.
اكتشف آل سعود
أن شعبيتهم متدنية للغاية
الموقف المصري كان هو الآخر مربكاً بالنسبة إلى آل سعود، وقد فسّروا كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن «جيش مصر لمصر»، على أن هذا الجيش لن يعيد تجربة 1962. السعودية التي اعتادت «تثمين» المواقف بالمال، اعتبرت كلام السيسي محاولة ابتزاز، كما هي حال دول تحالف من خارج مجلس التعاون الخليجي قبلت بالانضمام الرمزي.
اكتشف آل سعود في هذه الحرب أن شعبيتهم متدنية للغاية على مستوى العالمين العربي والإسلامي، بل وحتى في الخليج، لم يكن لهم حلفاء حقيقيون سوى البحرين لأسباب معروفة، اقتصادية وسياسية.
لا يخفي جمهور السلطة موقفه الغاضب من الأتراك والباكستانيين والمصريين، فقد خذلوا آل سعود ولم ينصروهم، بل أوصلوهم الى حائط مسدود... في الخليج المنطق هو الآتي: عمان امتنعت، والإمارات اختلفت في وقت لاحق، وقطر صمتت بشكل مريب، والكويت تفاعلت بصورة مفتعلة، ولم يبق سوى البحرين التي بقيت ولا تزال ذيلاً.
المعطى الآخر هو فشل المحاولات السعودية في إحداث انقسامات كبيرة وخطيرة في المجتمع اليمني تمهّد لحرب أهلية، أو على الأقل تؤول الى سقوط مناطق استراتيجية، وخصوصاً في جنوب اليمن، بما يتيح للسعودية احتلال أرض يمكن لحلفائها إقامة حكومة عليها والانطلاق منها نحو المفاوضات المستقبلية. تنبّه «أنصار الله» واللجان الشعبية والجيش اليمني الى الخطة تلك منذ الأيام الأولى، وعليه سقط رهان كبير من أيدي آل سعود، ما يفسّر «هستيريا» القصف الصاروخي على المناطق الجنوبية في المرحلة الثانية، إعادة الأمل، بعدما وجدت السعودية نفسها في مأزق خطير مفاده: السيطرة على الجو لم تمنع تمدّد «أنصار الله» والجيش اليمني واللجان الشعبية على الأرض.
فؤاد...