strong>أول اتصـال بين مصـر ونصـر الله وبـري يتـريّث في مبـادرته والسـنيورة يتقـدّم نحـو باريـس ـ 3
علمت «الأخبار» أن القيادتين المصرية والسعودية باشرتا خطة لاحتواء احتمالات التصعيد السياسي في لبنان بعدما وضعهما الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في أجواء الفشل الذي يطارد مبادرته، والذي قد ينعكس تأزّماً في لبنان.
وبعد مشاورات مشتركة، تقرّر إحياء الاتصالات المباشرة مع أطراف المعارضة، ورفع المستوى. وبناءً عليه، طلب السفير المصري في بيروت حسين ضرار موعداً عاجلاً مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقة بين الطرفين، ونقل إليه رسالة خاصة من مبارك.
أما السعودية، فقد كرّرت بإلحاح دعوة نصر الله إلى القيام بفريضة الحج بدعوة خاصة من الملك، وإزاء تعذّر انتقال الأخير لأسباب أمنية، ألحّت الرياض على حصول لقاء خاص، وتقرّر لاحقاً أن يقوم نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم وعضو كتلة الحزب النيابية محمد فنيش بزيارة خاطفة إلى السعودية، حيث تولّت طائرة سعودية خاصة نقلهما من بيروت بعيداً عن الأضواء، وحيث التقيا هناك بالملك السعودي عبد الله. ولم يتأكد ما إذا كان حصل اجتماع بينهما وبين النائب سعد الحريري.
و فيما وضع الرئيس نبيه بري مبادرته في ثلاجة بانتظار تبدلات غير واضحة، بعدما اعلن انه لم يفهم سبب تعطيلها من قبل فريق السلطة. بينما كان يفترض بموسى العمل على تسويق حكومة بري المصغرة عربياً ودولياً، فإن النقاش المحلي اقتصر على اشارة من الرئيس فؤاد السنيورة الى انه غير آبه بالتحركات وأعلن ورقة حكومته لمؤتمر باريس ــــــ3 التي ستكون محل نقد من جانب قوى المعارضة، وعلى اعلان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان قوى المعارضة تقترب من وضع خطة للمرحلة الجديدة.
رسائل مصرية
وبينما كان الرئيس السنيورة يتوقع عودة موسى الى بيروت، كان السفير المصري حسين ضرار يقوم بجولة على القيادات السياسية شملت حتى الآن السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع وقال انه لا علم له بهذه العودة لكنه اكد انه عندما التقى موسى في القاهرة أخيراً رآه “مهتماً جداً، وهو مستعد للعودة اذا وجد مرونة في الموقف تسمح له بالتقاط الخيط ومعاودة المسيرة”. وتمنى ضرار “ان يتحلى الجميع بالمرونة المطلوبة” مؤكداً “ان المبادرة القائمة هي مبادرة عربية وتحظى بالدعم العربي والدولي المستمرين”، وقال انه لمس لدى السيد نصر الله “سياسات حكيمة”.
المفتاح السعودي السوري
الى ذلك نقل زوار الرئيس بري عنه انه ليس لديه غير المبادرة التي أجهضت قبل ان يتسنى له طرحها وهي تقضي بتأليف حكومة عشرية تضم ثلاثة وزراء لفريق السلطة وثلاثة للمعارضة وأربعة وزراء مستقلين. وقال بري لزواره امس انه كان قد أعد هذه المبادرة وابلغها الى الجهات المعنية عربياً ودولياً. وأكد بري انها “مهمة جداً” لأن كل وزير في هذه الحكومة العشرية يعد “ثلثاً ضامناً”. ورأى ان الغاية من إحباط المبادرات الواحدة تلو الأخرى وإقفال ابواب الحلول إنما هي إحداث فتنة سنية شيعية. ورأى ان المشكلة الكبيرة التي ينبغي ان يُعمل على معالجتها هي النزاع السعودي السوري، فإذا عولج هذا النزاع يتوافر المفتاح اللازم للأزمة القائمة بين فريقي السلطة والمعارضة، وحتى الآن فإن هذا المفتاح لم يتوافر.
وقال بري لزواره انه لم يطرح ان يكون الوزراء الاربعة الآخرون الذين يكملون عقد الحكومة العشرية حياديين وإنما يقترح ان يكونوا وزراء مستقلين غير محسوبين على فريق السلطة او على المعارضة، ويمكن ان يمثلوا قوى سياسية أخرى موجودة في البلد مثل القوة الثالثة والجماعة الاسلامية وغيرهما.
الى ذلك قال السنيورة على هامش اعلانه ورقة لبنان الى مؤتمر “باريس ــــــ3” المقرر عقده في 25 من الجاري “ليس هناك من بديل آخر غير الجلوس الى طاولة واحدة. يجب ان نعود ونجلس معا ونعالج مشاكلنا بعضنا مع بعض”. وأضاف: “جميع اللبنانيين مبحرون في زورق واحد فإذا تعرض لأي اخطار فستطاول الجميع، ولن تطاول فريقاً دون الفريق الآخر، ولذلك علينا جميعا الانطلاق من هذا الامر، وان شاء الله نستفيد من هذه الفرصة التي ستتاح لمساعدة لبنان”.
وبعد ان اكد ان موسى“ سيعود” قال السنيورة ان الرئيس بري “تخلى” عن مبادرته، وقال: “في الماضي كانوا يقولون ان هناك هرطقة سياسية في قضية الوزير المستقل، كيف نجده وكيف نعينه وكيف سنتفق عليه؟ فإذا كانت هناك صعوبة في إيجاد وزير واحد من اصل 30، فكيف سنجد 4 وزراء الآن؟”.
ورقة باريس ــــــ3
وقبل 23 يوماً من انعقاد مؤتمر باريس ــــــ3 المقرر في 25 كانون الثاني الجاري، أعلن الرئيس السنيورة أمس برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي سيعرض في المؤتمر ويتناول رؤية الحكومة لمشاريع إصلاح في المالية العامة، والقطاع العام، وبرامج التقاعد ونهاية الخدمة والسيناريوات المرتقبة تبعاً للمساعدات والقروض الميسّرة المنتظرة من الدول المانحة. ومع أن البرنامج يرى أن عملية استخصاص القطاع العام ستكون في صلب ديناميات خفض الدين العام، يؤكد البرنامج أن الحكومة لا تنوي صرف أي من موظفي القطاع العام وإنما ستستوحي الأنظمة والقوانين المعمول بها في إعادة التوزيع الوظيفي.
وفي سيناريوات البرنامج، ترقّب معدل نمو اقتصادي بين 4 في المئة و5 في المدى المتوسط، وفائض في الحساب الأوّلي للموازنة بواقع 8 في المئة إلى الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2011 من عجز بواقع 1 في المئة حالياً.
وإذ يعترف البرنامج بصعوبة اعتماد الضرائب مورداً كبيراً في عائدات الموازنة، بينما المطلوب تحفيز الاستثمارات الجديدة، وخفض تكلفة الإنتاج في القطاع الخاص، يلحظ البرنامج زيادة في الفوائد المصرفية إلى 7 في المئة في 2008 من 5 في المئة حالياً، وزيادة ضريبة القيمة المضافة “TVA” إلى 12 في المئة في 2008 فإلى 15 في المئة في 2010، من 10 في المئة حالياً.
ويجتنب البرنامج الإشارة بالاسم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حين يركز على إصلاحات في مجالات التقاعد وتعويض نهاية الخدمة، والإنفاق الصحي “الذي يتجاوز حجمه المؤشرات الاجتماعية في لبنان”، ويؤكد على توحيد الصناديق الاجتماعية.
بيد أن البرنامج يعد بنفقات على زيادة عديد القوات العسكرية والأمنية لملاقاة أعباء تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، وكذلك زيادة النفقات الاستثمارية وتمويل مشاريع في السنوات الثلاث المقبلة بقيمة 880 مليون دولار أميركي، ويعد بإعفاء التلامذة الفقراء من رسوم التسجيل، وتأمين الاستشفاء المجاني كلياً لذوي الأمراض المزمنة. ويربط البرنامج نجاح الإصلاح الاقتصادي بتنفيذه كلياً ومن دون اجتزاء. راجع الصفحات 9، 10 و11.