strong>بدء اجتماعات المعارضة تمهيداً لمرحلة جديدة من المواجهة والسعودية أبلغت حزب الله أنها ليست طرفاً
دخلت تركيا أمس على خط الوساطات الخارجية لمعالجة الازمة المحلية، في ما بدا أنه مؤشر على تصاعد المخاوف الخارجية من ذهاب اللبنانيين نحو مواجهات قاسية في المدى القريب. وعقد رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان اجتماعات عدة في بيروت امس أكد خلالها أنه ينوي القيام بجولة اتصالات تشمل سوريا وإيران والسعودية، لتوفير المناخ الإقليمي المناسب للخطوات المفترض الإقدام عليها سريعاً في شأن ملف المحكمة الدولية. وأعلن أردوغان استعداده للقيام بوساطة لإنهاء هذه الازمة بين فريقي السلطة والمعارضة “إن كانا يرغبان في ذلك” مشدداً على اهمية السلم الاهلي.
والتقى أردوغان الرؤساء إميل لحود ونبيه بري وفؤاد السنيورة، والنواب وليد جنبلاط وسعد الحريري ومحمد رعد.
لكن الكلام على مبادرة أو تحرك لا يتصل بوضع متقدم على الأرض، بل على العكس فإن المؤشرات الأساسية التي وردت من الرياض والقاهرة تشير الى تمسك الفريق العربي الداعم للسلطة بالوضع كما هو الآن، مع تعديلات لا تأخذ بالاعتبار أي شيء آخر، مع تشديد على حماية الرئيس السنيورة وتلقي ضمانات من المعارضة بأن الحملة لا تستهدف إزاحته شخصياً من موقعه. إلا أن فريق المعارضة لم يقرّر تعديلات في تحركه، وهو يعد لسلسلة من الاجتماعات تبدأ اليوم، لوضع برنامج تحرك يأخذ طابعاً تصاعدياً قريباً جداً، بغية دفع الامور نحو حسم المعركة على أساس تأليف حكومة انتقالية تمهد لانتخابات نيابية مبكرة. ويجري التداول في سبل الرد على احتمال إقدام حكومة السنيورة على إقرار ورقة باريس ــــــ3 من دون الأخذ برأي بقية اللبنانيين.
وفي متابعة لنتائج زيارة وفد قيادة حزب الله الى السعودية والاجتماع بالملك عبد الله بن عبد العزيز ووزير الخارجية سعود الفيصل، وهو الذي حصل الأسبوع الماضي، تحدث السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة لهيئة الإذاعة البريطانية عن الاجتماعات وقال إن المملكة أكدت موقفها الواحد ازاء جميع القوى والمجموعات اللبنانية، وان السعودية ليست طرفاً في النزاع القائم في لبنان وهي تريد الخير للجميع، وهي عندما تؤكد وقوفها الى جانب الشرعية فهي لا تقصد جهة أو مؤسسة دستورية لبنانية دون الاخرى. وقال إن الاجتماع يأتي في سياق سعي السعودية لجمع اللبنانيين جميعاً على طاولة الحوار والوصول الى حل للأزمة القائمة.
أردوغان
الى ذلك أخلي المسرح اللبناني أمس للأتراك. فأجرى رئيس الوزراء التركي جولة تركزت على فهم حقيقة مواقف الاطراف المختلفة من الأزمة القائمة، وهو حرص على إبلاغ الجميع “أن الخلافات المذهبية في لبنان ستنعكس على المنطقة ككل وأنه لا بد من تحرك جميع الأطراف في لبنان وجميع الدول في المنطقة لحل هذه المشكلة”. ورأى “أن المصالح الوطنية في لبنان تتطلب الاشتراك في القواسم المشتركة وتبني الحوار لحل هذه المشكلة، ولذلك ستجري تركيا اتصالات مع الأطراف الآخرين وسننسّق في ما بيننا”.
وذكرت مصادر رسمية أن رئيس الوزراء التركي شدّد على ضرورة بدء حوار مباشر بين القوى اللبنانية كافة، وعرض القيام بوساطة لأجل ترتيب لقاء سريع بين رئيسي المجلس والحكومة. كما أبلغ فريق السلطة ضرورة عقد حوارات مباشرة بين لبنان وكل من سوريا وإيران وأنه سوف يلعب دوراً أساسياً في هذا المجال. كما سمع هو من الرئيس بري دعوة واضحة الى بذل جهد على الجبهة السورية ــــــ السعودية ــــــ المصرية لأنها السبيل الوحيد لتنفيس الاحتقان الداخلي وفتح الطريق أمام حل سريع.
ومع أن أردوغان لم يحمل مبادرة محددة، إلا أنه بحث مع المسؤولين الذين التقاهم في بنود المبادرة العربية وإمكانية حصول توافق عليها وخصوصاً في ما يتعلق بحكومة الـ19 + 10 + 1 ولجنة درس مشروع المحكمة الدولية. ولم يسمع بالمقابل أي أفكار جدية لحل الأزمة بين الأكثرية والمعارضة سوى أفكار المبادرة العربية وأنه لمس لدى الجميع ترحيباً بتحركه ورغبة في تهدئة الاوضاع والوصول الى حلول. وكشفت أن أردوغان نصح أطراف الأكثرية والمعارضة بالعودة الى طاولة الحوار للبحت في بنود المبادرة العربية والاتفاق عليها. وقيل إنه حاول تأمين لقاء بين الرئيسين بري والسنيورة قبل أن يسدي هذه النصيحة. ويبدو أن أردوغان سيدرس امكان العودة الى بيروت إذا ما زار دمشق وطهران مجدداً أو يرسل مبعوثاً يمثله في هذه المهمة.
ورداً على سؤال قال أردوغان: “كل من إيران وسوريا لا تعترض على إنشاء المحكمة الدولية، ولكن هناك بعض التساؤلات وخصوصاً حول إقرار وإطار المحكمة، واليوم تجري مناقشة توقيت تأليف الحكومة الجديدة. فهل ستؤلف الحكومة أولاً أم المحكمة؟ وهل سيشارك حزب الله مع الحكومة أم لا؟ هذه الأمور تحتاج إلى اتفاق أيضاً».
وشدد الرئيس لحود أمام أردوغان على “أن لا خيار أمام اللبنانيين إلا الجلوس على طاولة والبحث في كل المواضيع المختلف عليها، وتأليف حكومة وحدة وطنية تكون لكل الفئات كلمة فيها لمعالجة المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتوافق على إنشاء المحكمة الدولية التي نريدها غير مسيّسة”، وأشار إلى “ان الملاحظات التي أبداها على نظام إنشاء المحكمة، قانونية ودستورية وغير سياسية، لأننا راغبون في إنشاء هذه المحكمة الدولية منذ اليوم الأول لوقوع الجريمة النكراء، الا ان الرد على ملاحظاتنا جاء سياسياً”.
وأما الرئيس بري الذي اختلى بأردوغان فقد أهداه نسختين من الدستور اللبناني باللغات العربية والانكليزية والفرنسية “لكي يكون على بيّنة من الاقتراحات التي قدمت له وهي مخالفة للدستور”. وشكر له اهتمامه بالحل في لبنان وسعيه في هذا المجال، وشدد على “الرأي الثابت في التركيز على العلاقات العربية ــــــ العربية كمفتاح للحل اللبناني”.
ومن جهته اوضح السنيورة ان البحث مع اردوغان شمل “عرض جهود التهدئة والوساطة التي يقوم بها الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى” والتي لم تسفر حتى الآن عن نتائج ملموسة. وأضاف “بحثنا في الجهود الطيبة التي تبذلها تركيا”.
وتزامن وصول أردوغان الى مطار بيروت مع اعتصام نظمه نحو مئة شاب وشابة من الطوائف الأرمنية داخل موقف للسيارات مواجه لمبنى المطار حيث رفعوا لافتات احتجاج على زيارته بسبب مجازر الارمن التي ارتكبت في عهد الامبراطورية العثمانية.