strong>تجميـد التحـرّك العمّـالي والسـنيورة يجـول عربيـاً واجتمـاع تحضيـري في فرنسـا لبـاريس ـ 3
تتركز الاتصالات مجدداً خارج البلاد مع انطلاق فريق السلطة في جولة مشاورات عربية ودولية مرتبطة بالتحضيرات الجارية لمؤتمر باريس ـ3، وسط استعداد المعارضة لموجة جديدة من التحركات والاعتصامات برغم اعلان رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن تجميد التحرك حتى إشعار آخر مبدياً العتب على القوى التي دعمته لكنها لم تشارك بفاعلية في التحركات التي حصلت خلال اليومين الماضيين.
وعلمت “الأخبار” أن مجلس الوزراء الذي سيُعقد غداً الجمعة سيقرر، في إطار الانتقام من المعارضة لتسييرها تظاهرات واعتصامات الى وزارتي المال (مقر الضريبة على القيمة المضافة) والطاقة والمياه، وضع المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني والمدير العام لشركة كهرباء لبنان كمال حايك في التصرف.
وقالت أوساط المعارضة إن هذه الخطوة التي ستقدم عليها السلطة “هي بداية ضرب لمن تبقى من المسيحيين داخل الادارة بغية تصفية حسابات سياسية سوف تدفع المعارضة الى خطوات كانت مؤجلة الى وقت لاحق”. وأضافت ان العماد ميشال عون يعتبر ان هذا التصرف هو تجاوز للاستئثار بالسلطة وخرق للدستور الى ما هو أخطر بكثير”.
وأضاف عون، مساء امس، في حديث متلفز، إن “التصعيد الأكبر لن يكون في الأيام الأولى من الشهر، وإنما سيكون هناك موعد آخر للتصعيد نعود فيه إلى حجمنا الطبيعي”. وقال: “لا يمكن لحكومة تريد الخير لبلدها أن ترفض مبدأ حكومة الوحدة الوطنية حتى يتشارك الجميع في المسؤولية. لذلك، لا نعتقد أن هناك حلولاً من خلال الوساطات. الوساطات تراوح مكانها، ونحن لدينا روزنامة لتحركنا، وفي الوقت المناسب سنتخذ الموقف الملائم”.
الى ذلك كانت التطورات الجارية محور بحث في خلوة عقدها رئيس الجمهورية العماد إميل لحود مع سفراء السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، على هامش الاستقبال السنوي لأعضاء السلك الدبلوماسي العرب والاجانب المعتمدين في لبنان، أعقبتها خلوة بينه وبين السفير الروسي سيرغي بوكين، ثم خلوة بين الاخير وعدد من السفراء العرب والاجانب وفي مقدمهم سفيرا السعودية ومصر عبد العزيز خوجة وحسين ضرار.
وعلمت “الأخبار” أن السفير السوداني جمال إبراهيم الذي جال أول من امس على الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، وأبلغ الاخير رسالة من الموفد السوداني مصطفى عثمان إسماعيل يؤكد فيها انزعاجه من استمرار التصعيد المتبادل بين فريقي السلطة والمعارضة، وأنه وموسى مستمران في مبادرتهما لكنهما ليسا في وارد العودة معاً الى بيروت ما لم يلتقطا إشارة تشجعهم على ذلك.
وكان السفير ضرار قد زار رئيس مجلس النواب نبيه بري وتناول الغداء إلى مائدته وتركز البحث على ما آلت إليه المبادرات والمساعي الرامية إلى إنهاء الأزمة بين السلطة والمعارضة. ونقل ضرار موقف مصر الداعي إلى التهدئة وتجنيب لبنان الانزلاق إلى أي فتنة.
وقال بري لضرار إنه عمل ما لا يعمل من أجل إنجاح المبادرات، وخصوصاً المبادرة العربية “ولعلك لمست الروحية الإيجابية التي تعاطينا بها، لكن الأكثرية لم تقبل ذلك”. وأضاف: “ليس وارداً على الإطلاق السماح لأحد بالتلاعب أو المس بأمن الناس ومصالحهم وموقفي وموقف حركة “أمل” واضح في هذا المجال، وهو أن أي خطوات تتخذ ينبغي أن تكون مدروسة ومحسوبة وتحت سقف القانون، بحيث لا تمس بأمن الناس ومصالحهم ولا يتم أي احتكاك بالقوى الأمنية والعسكرية”.
وإذ تناول الحديث المبادرة العربية، أكد بري “اننا ساهمنا وتجاوبنا معها، وعندما شعرت بأنها لن تصل إلى نتيجة، طرحت مبادرتي، ولكن الأكثرية أردتها قبل أن تبصر النور”. وحمّل بري الأكثرية المسؤولية عن تعطيل المبادرات.
جولة السنيورة و“باريس ــــــ3”.
الى ذلك وفي اطار التحضير لمؤتمر “باريس ــــــ3” لدعم لبنان المقرر عقده في 25 من الجاري، يقوم الرئيس السنيورة بجولة عربية تشمل سبع دول هي المملكة العربية السعودية ومصر وقطر والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. وأعلن وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح أمس ان السنيورة سيزور الكويت الاسبوع المقبل، وأكد أن المحادثات ستتناول مؤتمر “باريس ــــــ3” وجهود الوساطة الهادفة الى معالجة الأزمة السياسية في لبنان. ورجحت مصادر قريبة من السنيورة أن تتم هذه الزيارة خلال يومي الاثنين أو الثلاثاء.
وسيبدأ السنيورة جولته بمصر بعد غد السبت (وقد تليها السعودية) حيث يلتقي الرئيس حسني مبارك ورئيس الحكومة احمد نظيف والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية احمد ابو الغيط. ويجري معهم محادثات تتركز على الجهود المبذولة لاحتواء الازمة في لبنان ولا سيما منها المبادرة العربية التي كان قد طرحها موسى خلال زيارات مكوكية لبيروت الشهر الماضي، الا ان جهوده لم تؤدّ بعد إلى توافق بين الحكومة والمعارضة.
تجميد الاعتصامات
وأمس وبعد رفع الاعتصام الذي نظمه الاتحاد العمالي العام أمام وزارة الطاقة على طريق النهر أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن تجميد حركة الاعتصامات أمام الوزارات والمؤسسات العامة الى أجل. وقالت مصادر الاتحاد لـ“الأخبار” إن الاجتماعات المفتوحة ستتواصل اليوم في مقر الاتحاد على مستوى هيئة مكتب المجلس التنفيذي للبحث في تعديلات طارئة على خطة الاعتصامات. ومما هو مطروح السعي الى تنظيم اعتصامات في القطاعات المعروضة للخصخصة ومنها المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والمرافق العامة. وهناك مشروع آخر يدعو الى تنظيم تظاهرة كبرى بعد الظهر في وقت تكون فيه الدوائر الرسمية والشركات قد أقفلت أبوابها لتأمين مشاركة واسعة للموظفين الذين يتعرضون للضغوط الإدارية والتهديد بالمراجعة أمام التفتيش المركزي لمنعهم من المشاركة في نشاطات الاتحاد.
باريس
وفي العاصمة الفرنسية، عُقد الاجتماع التحضيري لمؤتمر باريس ـــــــ٣ في حضور ٤٠ مندوباً مثلوا الدول المشاركة وبعض المصارف إضافة إلى صندوق النقد والبنك الدوليين والبنك الأوروبي للاستثمار.
وأفادت مصادر من داخل الاجتماع أن الوفد اللبناني طرح “البرنامج الإصلاحي” قبل أن تبدأ مداخلات المشاركين الذين شددوا على “ضرورة توافق القوى اللبنانية سياسياً”، وصولاً الى تفعيل إيجابي للمساعدات والقروض التي يمكن أن تتأتى نتيجة المؤتمر.
وقالت مصادر موثوق بها لـ“الأخبار” إن وزير المال جهاد أزعور شدد على “أن أي برنامج إصلاحي يستوجب إيجاد بيئة سياسية ملائمة”. ورداً على أسئلة عن “موجة الرفض التي تواجه ورقة الإصلاحات في لبنان”، قال إنه “لا يمكن التوصل إلى إجماع في ما يتعلق بالاقتصاد”، موضحاً أن بعض الجهات المعارضة “توافق على عدد من البنود الواردة في الورقة”، مقراً بأن “الوضع السياسي الحالي في لبنان لا يتيح أرضية صالحة لتنفيذ البرنامج” المعروض على اجتماع الخبراء. ولمّح أزعور إلى أن “حزب الله شارك في وضع نقاط البرنامج” لدى مشاركته في وضع البيان الوزاري، ذاكراً “برنامج الكهرباء” بوجه خاص. وقال إنه لا يرى اختلافات مع التيار الوطني الحر “في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية”، وأن رأي التيار “يتضمن تعليقات سياسية” أكثر منها اقتصادية.
وذكرت المصادر أن “جدلاً نظرياً” دار حول سعر صرف الليرة اللبنانية، ونقلت عن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة “أن ثبات سعر صرف الليرة أصبح مهماً جداً للاقتصاد اللبناني” بخلاف ما كان عليه إبان انعقاد مؤتمر “باريس ــــــ٢” حين شدد البنك الدولي على ضرورة تعويم العملة الوطنية. وهو ما رأى فيه مراقبون “تراجعاً من البنك الدولي عن وضع شروط من هذا النوع” دون أن يمكن التأكد من هذا الأمر.
وبحسب تسريبات فإن حيزاً مهماً من مداخلات لبنان كان في سياق “طمأنة المشاركين”. ونُقل عن سلامة “أن الوضع السياسي في حاجة لتوافق ليبدأ تنفيذ” البرنامج. وأفادت التسريبات أن الوفد اللبناني “رفض الدخول في لعبة التوقيت” لبدء العمل بالبرامج الإصلاحية، مشدداً على “أنه من دون توافق لا بد من أن يكون هناك تأخير”. وذكر مراقبون أن الوفد حاول التخفيف من حدة الوضع اللبناني، ولم يتردد خبير عربي في القول: “كانوا وفاقيين وكأنهم يخطبون ود المعارضة اللبنانية عبر مداخلاتهم”!
وأفادت المصادر أن أزعور شدد على أن الهدف هو “تحريك الاقتصاد بعد الحرب ومعالجة الأزمات الاجتماعية” التي خلفتها، سعياً للوصول إلى نسبة نمو بحدود ٥٪، من دون أن ينفي “وجود تضحيات موزعة ومشتركة حتى تكون المنافع للجميع”، ونافياً أن يكون “الالتزام بتنفيذ الورقة الإصلاحية انتقاصاً من سيادة لبنان”.