يدخل العراق اعتباراً من فجر اليوم نفق استراتيجية الرئيس الأميركي جورج بوش الجديدة، التي رفعت شعار الأمن في العاصمة بغداد فوق كل اعتبارات العملية السياسية والاوضاع الاجتماعية للعراقيين، وتبدو كأنها انقلاب على تقرير «بيكر هاملتون»، ولا سيما لجهة الحوار مع سوريا وإيران، الذي استبدلته «الاستراتيجية» بالمواجهة، مدعومة بـ 21 ألف وخمسمائة جندي إضافي.وأكدت التسريبات والتصريحات الصادرة عن البيت الأبيض أمس الانباء عن تسوية بين بوش ورئيس الحكومة العراقية نوري المالكي تقضي بمساهمة القوات العراقية بأعداد أكبر في تطبيق الخطة الامنية، وتعهداً بعدم حماية زعيم جيش المهدي مقتدى الصدر، «أحد الأهداف الرئيسية في بغداد»، بحسب أحد مساعدي الرئيس الأميركي، وهو ما دعمه إعلان مسؤول عراقي أن المالكي خيّر الصدر بين نزع سلاح قواته أو المواجهة. (تفاصيل صـ 20 - 21)
وتتجاهل استراتيجية بوش تقرير لجنة «بيكر ـ هاملتون»، إذ تقاطعت مصادر واشنطن في اعتبار أن أحد أهداف الحملة الأمنية في بغداد «القضاء على النفوذ الايراني والسوري».
على أن مراجعة لمضمون الاستراتيجية، بناءً على دراسة وضعها أحد ملهمي بوش من المحافظين الجدد الباحث في معهد «أميركان انتربرايز» فريديرك كاغان، تشير بوضوح الى خطة قوامها أربعة مراحل «دموية»، ترفع شعار «الأمن أولا»، ويتوقع فيها الاميركيون تصاعد أعمال العنف الطائفي وحصول أعمال تهجير، من دون أن يقدم صاحب النظرية أي حل ملموس في مواجهة سيناريوهات الحرب الأهلية، سوى الاشارة الى أن «التيار الصدري» وتنظيم «القاعدة» هما الأخطر بالنسبة لوجود الجيش الأميركي في العراق.
وعلى ضوء الأحداث المتسارعة، من المتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تصعيداً سياسياً في ما يخص الكلام عن نزع سلاح الميليشيات، ويرافق ذلك خطوات ميدانية، بشكل حملات امنية، في بغداد وضواحيها، بينما يلف الغموض الأجواء السياسية، وخصوصاً بعدما عكست الفترة الماضية تراجعا في دور المرجع الشيعي آية الله السيد علي السيستاني في مواجهة لغة المذهبية السائدة في البلاد، والتي أججها إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين والملابسات التي رافقتها.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز)