strong>* نصـر الله: نتحـرّك احتجـاجاً على التجاهـل * الحريـري: نريـد حـلّاً يحفـظ مـاء الوجـه للجميـع
فيما توحي التطورات الجارية أن البلاد مقبلة على أسبوعين حاسمين تدخل بعدهما في تسوية أو في مواجهة بين السلطة والمعارضة يواصل السفير السعودي عبد العزيز خوجة مسعىً لترطيب الأجواء بين عدد من قادة الطرفين بما يؤمّن انطلاقة جديدة للمبادرة العربية. وتردّد أنه التقى في خلال عطلة الأسبوع عدداً من هؤلاء القادة وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث اطّلع منه على ما لديه من معطيات تجعله يرى أن الوضع خطر.
الى ذلك بدا من خلال المواقف الداخلية وتلك المرافقة لجولة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة العربية، أن هناك توافقاً غير معلن على أمرين بين الأفرقاء الداخليين، وحتى بين الأطراف الخارجيين المتعاطين بالشأن اللبناني: الأول، تحييد مؤتمر باريس ـــ 3 المقرر عقده في 25 من الجاري عن الأزمة الداخلية بما يضمن نجاحه في مساعدة لبنان. والثاني تعويم المبادرة العربية التي يقودها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الهادفة الى إنهاء الأزمة السائدة بين السلطة والمعارضة.
فالرئيس السنيورة يواصل جولته العربية ساعياً الى تأمين حضور عربي فاعل في مؤتمر باريس ـــ 3 الى جانب الحضور الدولي، وقد حط رحاله مساء أمس في الكويت التي سيلتقي أميرها الشيخ صباح الأحمد اليوم لينتقل منها الى قطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والأردن، بعدما كان قد زار السعودية ومصر، وهو يركّز في محادثاته على شقّين، الأول مؤتمر باريس ـــ 3 ووجوب أن يكون الحضور العربي مؤثراً فيه، والثاني تطورات الأزمة الداخلية وما آلت إليه المبادرات والمساعي لمعالجتها وفي مقدمها المبادرة العربية.
وقال السنيورة أثناء وجوده في القاهرة التي يرجّح أن يعود إليها للقاء موسى في طريق عودته الى بيروت غداً الثلاثاء، إن المبادرة العربية «هي الوحيدة لحل الأزمة» بين السلطة والمعارضة.
من جهته، وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل توقع بعد استقباله نظيره الإيطالي ماسيمو داليما (الذي التقاه السنيورة أثناء وجوده في الرياض) عودة موسى الى بيروت ليستأنف مبادرته، وأكد «وقوف المملكة على مسافة واحدة من كل الفرقاء في لبنان»، وأنها لا تفرّق بين أبناء الشعب اللبناني «شريطة التزام وجوب وحدة لبنان».
أما النائب سعد الحريري، فقال عن مبادرة موسى بعد لقائه الرئيس الفرنسي جاك شيراك في قصر الإليزيه: «كنا موافقين عليها وما زلنا. ونأمل أن تكون هذه المبادرة هي التي يمكن أن توصلنا إلى حل». وأضاف: «نحن لا نسعى إلى الانتصار ولا نريد أن ينتصر علينا أحد. ونرى أن اللبنانيين جميعاً، وكل الجهات السياسية يجب أن تخرج بحفظ ماء الوجه للجميع وأن تكون المصلحة النهائية هي مصلحة لبنان». وأعلن الحريري «أن ليس لدي أي مشكلة في أي لقاء بيني وبين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله». وقال: «أنا مستعدّ للقاء السيد حسن نصر الله في أي وقت وأي لحظة يحددها». وأضاف: «مؤتمر باريس ـــ 3 ليس للموالاة ولا للمعارضة، بل هو لجميع اللبنانيين ولكل مواطن لبناني يريد أن يعود الاقتصاد إلى النهوض». وأضاف: «أدعو المعارضة إلى ألّا يكون موقفها من باريس ـــ 3 موقفاً من 14 آذار، بل موقفاً لجميع اللبنانيين». وأكد «إن يدنا ممدودة للحوار، وللجلوس على الطاولة وللحل السياسي في لبنان».
ورقة إغراقية لا إنقاذية
على أن السيد نصر الله قال في حديث إلى صحيفة «الأنباء» الكويتية تنشره اليوم، إنه يفصل بين عقد مؤتمر باريس ـــ 3 وبين الورقة الإصلاحية التي سيطرحها السنيورة خلاله. وقال: «إن عقد أي مؤتمر إقليمي أو دولي قد يؤدي إلى تقديم مساعدات إلى لبنان، وهو أمر جيد ونحن نؤيده بلا أي تردد»، وأضاف: «نحن ليس عندنا مشكلة في هذا الأمر، طبعاً بمعزل عن إشكالية دستورية الحكومة الحالية، فنحن نتحدث من حيث المبدأ»، وانتقد تسرع الحكومة في إقرار الورقة الإصلاحية ووصف هذه الورقة الإصلاحية بأنها «غير إنقاذية لا بل إغراقية بالمزيد من المديونية». وأكد حرص المعارضة على الأمن والاستقرار وعدم الذهاب الى التقاتل الداخلي والفتنة. وأعلن تمسك المعارضة بالثلث الضامن في الحكومة لتأمين المشاركة الحقيقية في السلطة. وقال: «إن تحرك المعارضة لا يهدف إلى تعطيل باريس ـــ 3، بل إلى الاحتجاج على سلوك الحكومة التي تتجاهل بقية الأفرقاء الأساسيين في المعارضة وتقرر وحدها قضايا مصيرية واستراتيجية ومستقبلية، وهي لا تملك وضعاً شرعياً ودستورياً». وأشار الى «أن الهدف الأساسي لتحرك المعارضة هو تأليف حكومة وحدة وطنية أو إجراء انتخابات مبكرة».
في غضون ذلك، نقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس عنه تخوفه من حدوث فتنة في نهاية الشهر، «إذا لم يتم تدارك الأمر قبل ذلك»، وتحذيره نواب الأكثرية من مغبّة المضيّ في فكرة عقد جلسة نيابية برئاسة نائبه فريد مكاري لإقرار مشروع المحكمة الدولية قائلاً: «لا أنصحهم بذلك لأنهم سيرون العجب».
ورجّحت مصادر قريبة من بري أن تكون الفترة الفاصلة عن الخامس والعشرين من هذا الشهر موعد انعقاد مؤتمر باريس ـــ 3 حبلى بالتطورات، فإما الجنوح نحو التسوية وإما الانفجار. وأشارت الى عدم وجود أي إشارات إلى حلحلة قريبة، وقالت إن بري كان ولا يزال يقرع ناقوس الخطر لعل هناك من يسمع ويبادر قبل هبوب العاصفة، وخراب البصرة.
ونقلت هذه المصادر عن بري قوله: «ليس من المعقول أن نركب المخاطر وندفع أثمان الخلافات والمواجهات لنعود الى الحوار وإلى التسويات المتوازنة. فلماذا لا نوفر على أنفسنا أكلاف الحروب ونبتدع فيما بيننا توافقات ومعادلات لا يستمر البلد من دونها».