رسم لمازن كرباج
لحــود يرفـض «شـرعنـة» حكومـة تصـريف الأعمــال والمعارضـة تواكـب باريـس ـ 3 بتحـرك واسـع


علمت “الأخبار” أن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز عرض أن يقوم وفد يضم رئيس مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان ورئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني بزيارة عاجلة الى بيروت للاجتماع بالقيادات اللبنانية من فريقي السلطة والمعارضة، لترتيب مشروع اتفاق يقوم على التهدئة وعلى تأليف حكومة جديدة بعد انتهاء أعمال مؤتمر باريس ــــــ3.
وعُلم أيضاً أن هذا الاقتراح السعودي لا يحمل أي مبادرة تفصيلية، ولا يقدم جديداً على المداولات الأخيرة، لكن الملك عبد الله أرفقه بأن السعودية تستضيف لاحقاً جميع القادة اللبنانيين (الرئيس نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة والامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون والنائب سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وغيرهم...) لترتيب هذا التوافق.
وأبلغ لاريجاني القيادة السعودية استعداد بلاده للمساهمة في أي حل، لكنه اشترط توافقاً لبنانياً لبنانياً وألا يتم الأمر من خلال ضغط خارجي فقط.
وقد وُضع قادة المعارضة في أجواء هذه الاتصالات وفهموا أن هناك محاولة أخيرة من جانب السلطة لتمرير انعقاد مؤتمر باريس ــــــ3 في أجواء هادئة. وسارع اثنان من قادة المعارضة على الأقل الى إبلاغ الحكومة الفرنسية بأن حكومة الرئيس السنيورة غير قادرة على تنفيذ أي التزام إصلاحي أو قانوني أو مالي يقر في المؤتمر، كما أبلغا السفير الفرنسي برنار إيمييه أن خروق فريق السلطة لم تعد تسمح بمنح المبادرات أي وقت إضافي.
وعلمت “الأخبار” أنه جرت مشاورات بين أركان المعارضة في الساعات الأخيرة تقرر خلالها القيام بتحرك سياسي وشعبي كبير قبل مؤتمر باريس ــــــ3 وأثناءه، وأن مواقف في هذا الصدد ستصدر تباعاً عن قادة المعارضة في اليومين المقبلين.
وكانت الاتصالات التي جرت في اتجاهات مختلفة امس قد ركزت على تحقيق هدنة سياسية داخلية تتيح عقد مؤتمر باريس ــــــ3 في مناخات هادئة، لكن ما رشح من مواقف دلَّ على أن الأزمة ما تزال توغل في التعقيد، وأن الرئيس بري ما زال يدق ناقوس الخطر مبدياً أمام زواره تشاؤماً حيال إمكان التوصل الى علاج ناجع للأزمة المتفاقمة بين السلطة والمعارضة، ومشيراً الى أن الآفاق قد سُدت أمام الحلول المرتجاة “اللهم إلا إذا حصلت عجيبة”.
في هذه الاجواء تترقب الاوساط السياسية، الموالي منها والمعارض، ما سيصدر من مواقف مساء اليوم عن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته عبر قناة “المنار” استكشاف معالم المرحلة المقبلة وما ستكون طبيعة التحرك التصعيدي الذي تستعد المعارضة للقيام به مطلع الأسبوع المقبل. وعلم ان نصر الله سيتطرق في الحوار الشامل معه الى الوضع السياسي وخطوات التصعيد المرتقبة التي ستتخذها قوى المعارضة ويشرح حقيقة الوضع داخل صفوفها، ويرد على الاتهامات الموجهة إليها، وموقف المعارضة من المبادرة العربية وسائر الافكار والاقتراحات المطروحة لحل الازمة السياسية.
لا مرسوم استقالة للحكومة
الى ذلك قال رئيس الجمهورية العماد إميل لحود لـ“الأخبار” إنه لا حل للأزمة القائمة إلا بتأليف حكومة وحدة وطنية مكرراً اعتبار الحكومة الحالية غير شرعية وأنه لن يوقع أي مرسوم أو قرار تتخذه لأن ما يصدر عن باطل فهو باطل. وأضاف: “لن أقدم على إصدار مرسوم يقضي باعتبار الحكومة مستقيلة خلافاً لما يقترح البعض لأني لا أريد أن أعطي هذه الحكومة شرعية عبر تحويلها حكومة تصريف أعمال، إذ لا أحد يمنعها من الإقدام على اتخاذ قرارات كبيرة تحت هذا العنوان على رغم الحدود الضيقة جداً لحكومة تصريف الاعمال. إن هذه الحكومة فقدت شرعيتها الدستورية لأنه استقال منها ثلث لبنان وباتت مخالفة للدستور”.
وذكر الرئيس لحود انه رفض ولا يزال يرفض توقيع كل ما صدر عن هذه الحكومة من مراسيم اتخذتها منذ جلسة 11 كانون الأول الماضي بما فيها مرسوم التشكيلات الدبلوماسية الذي يحاول البعض تمريره. وقال: “لن أقدم على امر، ولن أُمرر اي امر ليس فيه مصلحة للبنان”. وشدد على أنه لن يقبل فتح سفارة فلسطينية في بيروت متمسكاً بوجوب ان يعطى الفلسطينيون حق العودة بموجب القرار الدولي 194. وقال: “لقد ابلغت هذا الموقف الحازم الى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان السيد عباس زكي الذي زارني قبل ايام ليبلغني بزيارة الرئيس محمود عباس”. وذكّر كيف أنه أصر في قمة بيروت العربية على إدراج موضوع حق العودة للفلسطينيين في متن المبادرة العربية للسلام التي أقرتها هذه القمة على رغم معارضة عدد من الدول العربية لهذا الأمر. وقال “إن لبنان لا يستطيع تحمل التوطين. وما نتعرض له الآن من ضغوط وحروب إسرائيلية وغيرها هو لأننا نرفض هذا التوطين”. وشدد على أنه “لولا انتصار المقاومة في الحرب الاخيرة لكانت إسرائيل تحتل بلدنا الآن”.
عودة السنيورة
وفي انتظار ما سيكون عليه مصير المبادرة العربية يسعى عدد من السفراء العرب والاجانب الى إقناع الاطراف بتهدئة المواقف وإفساح المجال مرة اخرى امام المسعى العربي الداعم للمبادرة العربية وخصوصاً انه يحظى بدعم واسع تبلغه الرئيس السنيورة من الملوك والرؤساء العرب الذين التقاهم خلال جولته التي أنهاها بالأردن امس وعاد منها مساءً الى بيروت، والتقى بُعيد وصوله السفير الفرنسي والسفير السعودي عبد العزيز خوجة والموفد الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون. واتصل هاتفياً بكل من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، ورئيس البنك الدولي بول وولفوفيتز ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي، ووزير خارجية كندا بيتر ماكاي، ووزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت ووزير المال الكويتي بدر الحميضي. وتركز البحث خلال هذه الاتصالات على التحضيرات التي أعدتها الحكومة لانعقاد مؤتمر باريس ــــــ3 والاستعدادات الجارية له.
وأكد موسى في بيان أصدره مساء أمس أنه “على ثقة بأن جميع اللبنانيين بكل أطيافهم مجتمعون على ضرورة نجاح” مؤتمر باريس ــــــ3. وقال إنه “لمس بالفعل من جميع القادة السياسيين اللبنانيين الذين التقاهم خلال الفترة الماضية إجماعاً على تأييد انعقاد هذا المؤتمر الذي لم يكن محل خلاف من حيث المبدأ”. وأضاف: “إنني أنتهز هذه الفرصة لأناشد جميع القادة السياسيين في لبنان من المعارضة والموالاة لتوحيد كلمتهم حول أهمية انعقاد هذا المؤتمر وطرح خلافاتهم السياسية جانباً ووضع لبنان فوق الجميع وعدم اتخاذ أي خطوات تصعيدية خلال الفترة المقبلة حتى يتوافر لهذا المؤتمر النجاح”. وأعتبر “أن نجاح باريس ــــــ3 هو نجاح لكل اللبنانيين ولا يجوز أن تضيع هذه الفرصة”.
وفي تصريح له في ليبيا قال موسى إن للمبادرة العربية “دوراً ومستقبلاً فاعلين، ومن خلال اتصالاتي أجد ان تطوراً ولو بطيئاً قد حصل في اتجاه التفاهم”. وتمنى ان يتحقق هذا التفاهم قريباً. وقال إن مهمته “نجحت حتى الآن في تحقيق توافق بنسبة 50 في المئة بين الاطراف على أُطر الحل ومراحله وعناصره”. وأضاف: “هناك عدد من التفاصيل تستلزم مشاورات وظروفاً أفضل ويجري العمل على تفاهم هادئ لإحداث تقدم نحو علاج هذه التفاصيل”.
مراسيم 11\11\2006
وفي إطار الإجراءات الإدارية المستعجلة التي ينوي رئيس الحكومة تنفيذها كشفت مصادر حكومية مطلعة لـ“الأخبار” ان السنيورة طلب من الامين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي إعداد المراسيم التي أصدرتها الحكومة بعد جلسة 11\11\2006 التي مضى على إحالتها على رئيس الجمهورية خمسة عشر يوماً ولم تقترن بعد بتوقيعه، بسبب اعتباره الحكومة الحالية فاقدة لشرعيتها الدستورية والميثاقية منذ تلك الجلسة، تمهيداً لنشرها في الجريدة الرسمية.
وكشفت المصادر أن هذه المراسيم لن تعرض مرة ثانية على مجلس الوزراء للتأكيد عليها، طلباً للسرعة في تطبيقها وتنفيذ مضمونها حيث يمكن ذلك، ورأت المصادر أن من الضروري تطبيق مضامين المراسيم التي عيّن بموجبها أعضاء الهيئة الناظمة لإدارة قطاع الاتصالات، وبعض التعيينات الاخرى.
انتخابات المتن الفرعية
على صعيد آخر، وإيفاءً للوعد الذي قطعه رئيس الحكومة للرئيس أمين الجميل بالسعي الى إجراء الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي لملء المركز الذي شغر باستشهاد النائب بيار الجميل دون إصدار مرسوم جمهوري وتجاوز توقيع رئيس الجمهورية عليه، علمت “ألأخبار” أنه بناءً على طلب السنيورة بدأ فريق قضائي في وزارة العدل العمل على وضع دراسة قانونية ودستورية من شأنها ان تؤدي الى “تحويل صلاحية الوزير الى مجلس الوزراء” بمعنى أن قرار مجلس الوزراء سيسمح بإجراء الانتخابات الفرعية دون إلزامية توقيعه من الوزراء المختصين للداخلية والعدل والمال بالاضافة الى توقيع رئيس الجمهورية.
وعلمت “الأخبار” أنه في ظل رفض بعض رجال القانون القيام بهذا الإجراء رأى وزير العدل بعد الاستشارات الأولية، أن ذلك ممكن انطلاقاً من النظرية الدستورية الفرنسية التي تقول: “qui peut le plus peut le moinS”.
وأضافت المصادر ان هذا المخرج جاء بعدما اوصت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل باستحالة إجراء الانتخابات الفرعية من دون مرسوم جمهوري يسمح بمفاعيله بإجراء انتخابات شرعية ودستورية لملء المقعد الشاغر، وصرف المبالغ المالية التي تحتاج إليها وتشكيل لجان القيد الفرعية والرئيسة.
العريضي يرد و“الأخبار” ترد على الرد
وأمس علق وزير الاعلام على معلومات “الأخبار” التي نشرت في عدد أمس عن النقاش الذي دار في آخر جلسة لمجلس الوزراء حول ما سمي “قيوداً إعلامية” تحول دون ظهور أشخاص “لا يتمتعون بالكفاية الاعلامية والمهنية على المنابر الاعلامية”، وغير ذلك من أمور تتعلق بمسألة توقيف الزملاء الثلاثة في محطة “تلفزيون الجديد” فاعتبرها غير صحيحة.. وقال “كنت ولا أزال أتمنى على كل الزملاء الإعلاميين أن يدققوا في معلوماتهم قبل نشرها كما تقتضي الأمانة الإعلامية والمهنية والحرفية”.
وقال في بيان عمّمه امس على وسائل الاعلام إن الحديث عن “تحضير لسلة مشاريع قوانين تتناول التعديلات بالمعايير الواجب اعتمادها وإدخالها في القوانين المرعية الإجراء في قطاع المرئي والمسموع في الوقت المناسب، لم يجر داخل جلسة مجلس الوزراء على الإطلاق”. وأضاف: “كما أعلنت أكثر من مرة... ان الاعلام في لبنان لا يمكن تقييده... وأؤكد اليوم أن ليس ثمة أي توجه من هذا النوع”.
ورداً على التوضيح، تشير “الأخبار” إلى أنه سبق لها أن دققت ما فيه الكفاية بمعلوماتها قبل نشرها، وحرصت على الاشارة الى بعض المواقف والتعابير التي استخدمت بوضعها “بين قوسين”، وهي تؤكد أن لديها معلومات اضافية آثرت عدم نشرها، وهي لذلك تنشر اليوم مواقف إضافية شهدها النقاش لكل من الوزير مروان حمادة والوزيرة نائلة معوض. (راجع رد الوزير العريضي بنصه الحرفي، ورد الأخبار على الرد، في الصفحة الخامسة من هذا العدد).