strong>المعارضة أبلغت الوسطاء والمرجعيات أن الإضراب العام الثلاثاء والتظاهرات الشعبية ستشمل لبنان
تبدأ المعارضة الثلاثاء المقبل تحركاً تصاعدياً واسعاً في مواجهة فريق السلطة، سيكون منطلقَه إضراب عام مفتوح في بيروت وبقية المناطق، وسيصدر بيان اليوم يحدد تفاصيل هذا التحرك وآلياته وأهدافه التي سيكون في مقدمها فرض إجراء انتخابات نيابية مبكرة تشرف عليها حكومة وحدة وطنية أو حكومة انتقالية يكون برنامجها، حسبما حدده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وإقرار قانون انتخابي جديد، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تليها انتخابات رئاسة الجمهورية، مؤكداً أن التحرك “سيكون فعالاً وكبيراً ومؤثراً جداً” وداعياً الجميع الى المشاركة فيه.
وكانت لجنة المتابعة للمعارضة قد وضعت في اجتماع عقدته ليل أمس، اللمسات الاخيرة على خطة التحرك الجديدة، وقد وُضعت جميع الاطراف المعنية من داخلية وخارجية، وكذلك قيادة الجيش والقوى الامنية، في أجواء هذا التحرك الذي سيكون ذا برنامج تصاعدي وتتخلله تظاهرات كبرى قد تشمل تعطيل المطار والمرفأ. وستصدر نداءات وبيانات عن السيد نصر الله ورئيس “تكتل التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون وقيادات أخرى في المعارضة تدعو الجمهور الى المشاركة في هذا التحرك الذي سيتضمن بيان المعارضة اليوم تفاصيله.
ورد نصر الله على اتهام السلطة للمعارضة بأنها تريد تخريب لبنان فقال إن فريق السلطة هو من يريد هذا التخريب “بعدم استجابته وإصراره وتجاهله وخرقه الدستور” واصفاً الكلام عن أن الاعتصام في وسط بيروت يعطل الوضع الاقتصادي بأنه “كلام سخيف”. ورأى أن الثلث الضامن الذي تطلبه المعارضة “هو الذي يمنع الوصاية ويحفظ الاستقلال” مؤكداً “أن لبنان لا يحكم إلا بشراكة وطنية حقيقية بين مكوّناته الاساسية”. وأعلن أن “لا عودة الى التحالف الرباعي على الاطلاق”. وقال “إن المعركة اليوم هي معركة القرار الوطني اللبناني الحر، لأن القرار الحالي هو قرار كوندوليزا رايس وديفيد وولش وجيفري فيلتمان”.
وقال السيد نصر الله ايضاً إن “وجود اسرائيل مهدّد” وإن المشروع الاميركي لإنقاذ دولة إسرائيل يقضي بتقسيم الشرق الاوسط وصولاً الى شمال افريقيا الى دويلات طائفية ومذهبية متنازعة. وأضاف “كل الدراسات في الولايات المتحدة تتحدث عن مأزق حقيقي لأميركا وإسرائيل في المنطقة”. وأكد أن الهدف من العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز الماضي كان “أبعد من استعادة الأسيرين الاسرائيليين ونزع سلاح حزب الله وحتى القضاء على حزب الله”. وتابع نصر الله مستنداً الى كلام لوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في بداية الحرب وفيه أن “لبنان يشهد الآن مخاض الشرق الاوسط الجديد”، ان الهدف كان أن “يفتح الجيش الاسرائيلي الباب” أمام هذا الشرق الاوسط الذي تريد الولايات المتحدة منه تغيير ديموغرافية المنطقة. وقال: “لو أن المقاومة هُزمت في هذا العدوان لكانت الحرب ستتواصل وتفتح على سوريا لإسقاط النظام السوري وتقسيم سوريا الى دويلات الى جانب العراق الذي يتحضر للأسف للتقسيم”. وأضاف ان هذا المشروع “أسقط في لبنان”. وتابع ان “نتائج تطبيق الديموقراطية في منطقتنا هي وصول الوطنيين والاسلاميين المناوئين للولايات المتحدة... وبالتالي ما هو مطروح في الولايات المتحدة لإنقاذ وجود دولة اسرائيل (.. ) تقسيم المنطقة على أسس مذهبية وعرقية ودينية الى دويلات على أن تكون الدويلات متنازعة”. ورأى أن “هذا سيقوّي دولة اسرائيل (..) وسيشعر الجميع بحاجته الى الحماية الاميركية”.
من جهة أخرى تلقى البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، أمس، رسالة من المعارضة نقلها إليه المسؤول في التيار الوطني الحر جبران باسيل، أبلغته فيها وجهة تصعيدها المقرر الثلاثاء المقبل من حيث المبدأ، الذي سيكون إضراباً مفتوحاً وتظاهرات في كل لبنان، وأن المعارضة لا تريد أقل من انتخابات نيابية مبكرة. وكذلك نقل باسيل إلى صفير رسالة خاصة إضافية من العماد عون لم يُكشف عن مضمونها، وقال له إن عون، تدعمه قوى المعارضة، لا يزال عند تبنّيه ثوابت الكنيسة المارونية، وهذا الموقف لن يتغير رغم تردد الآخرين أو رفضهم.
الاتصالات ومشاريع الحلول
الى ذلك علمت “الأخبار” أن تسوية يجري طبخها بعيداً عن الاضواء ويتكتم المعنيون عليها لضمان نجاحها وكي لا تواجه المصير الذي لقيته مشاريع التسويات السابقة نتيجة إطلاق النيران السياسية عليها من عدد من الاطراف والقادة السياسيين.
وهذه التسوية تعمل المملكة العربية السعودية وإيران على ترتيبها من خلال اتصالات مباشرة بينهما ومن خلال سفيريهما في بيروت عبد العزيز خوجة ومحمد رضا شيباني ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يعقد معهما لقاءات علنية وبعيداً عن الاضواء. وأكدت مصادر واسعة الاطلاع أن أجواء التشاؤم التي يشيعها بري “هي من عدة الشغل المطلوبة لتمكين المشاورات والاتصالات الجارية من النجاح في تظهير التسوية المطلوبة”.
وكان اللافت في هذا المجال ما قاله أحد أركان 14 آذار النائب بطرس حرب في حديث إذاعي أمس من “ان المعلومات المتوافرة لديّ أن هناك مبادرة ما يعمل عليها، وهي قيد التشاور وقد بدأت بعض الاتصالات ولو كانت بعيدة عن الاضواء لإطلاقها”، وأمل “أن تنجح هذه المبادرة ولا سيما ان فيها من الطروحات ما يسمح لكل من الفريقين بالقول إنه لم ينكسر أمام الفريق الآخر، وبهذا الاسلوب يمكن الخروج من هذا المأزق الذي نتخبط فيه، وأملي أن تظهر هذه المبادرة الى النور بعدما يوافق عليها الاطراف الرئيسيون”.
وأوضح النائب حرب لـ“الأخبار” أن ما عناه بكلامه عن وجود مبادرة لحل الازمة جاء نتيجة للمعلومات التي توافرت لديه ومفادها أن الاجتماع الذي عقد في الرياض بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ورئيس مجلس الامن القومي الإيراني علي لاريجاني كان إيجابياً وتم خلاله التفاهم على عمل مشترك يعطي دفعاً للمبادرة العربية التي يقودها الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والمبعوث الرئاسي السوداني مصطفى عثمان إسماعيل، بحيث تجد حلاً لمشكلة “الوزير الملك” والتفاهم على المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وأضاف حرب انه لا يدري ما إن كانت دمشق في أجواء هذا المسعى أو جزء منه، وما إن كانت الاطراف اللبنانية موافقة عليه، لافتاً الى أن ما لديه من معلومات لا يزيد على ما أورده بهذا الخصوص.
إلى ذلك نقل بعض أصدقاء موسى لـ“الأخبار” عنه قوله “إن الاطراف اللبنانية المتنازعة توصلت الى الاقتناع الذي توصلت إليه وهو أنه لا بد من الإقرار بضرورة إيجاد المخارج اللازمة للأزمة، وليس في إمكان أحد أن يلغي الآخر”، مضيفاً: “لقد تركت وديعتي لدى طرفي النزاع وها هما يقتربان منها”.
في غضون ذلك واصل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة التحضير لمؤتمر باريس ــــــ3. وقد اتصل هاتفياً أمس بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي شدد على دعم بلاده لاستقلال لبنان وسيادته، مؤكداً أنها “تدعو إلى تسوية الأزمة السياسية الداخلية في لبنان في أسرع وقت ممكن” حسبما نقلت وكالة “نوفوستي”.
وذكرت دائرة الإعلام والصحافة في وزارة الخارجية الروسية أن لافروف والسنيورة ناقشا المسائل المتعلقة بعقد مؤتمر باريس ــــــ3 وجدد لافروف موقف روسيا “الداعم لاستقلال لبنان وسيادته ووحدة أراضيه وللجهود المبذولة لتسوية المشاكل الداخلية على أساس تحقيق إجماع كل القوى السياسية”، فيما أعرب السنيورة عن شكره لروسيا على الدعم السياسي والمساعدات التي تقدمها للبنان.
وقد اتصل السنيورة ايضاً للغاية نفسها بكل من رئيس وزراء بلجيكا غي فرهوفشتات ووزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير.