جدد الرئيس الفرنسي جاك شيراك، في حوار مع المؤسسة اللبنانية للإرسال “ال بي سي” أمس، دعمه لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، التي أكد أنها “شرعية” و“منتخبة”، داعياً اللبنانيين إلى “الواقعية” و“استئناف الحوار” لإبرام “تسويات”.وشدد شيراك على أهمية مؤتمر “باريس 3”، الذي رأى أنه “مؤتمر تضامن وأمل للبنان، الذي عرف حرباً جديدة”، معرباً عن تعاطفه مع أقرباء ضحاياها وحزنه على قتلاها، ومشيراً إلى أن هذا هو أحد أسباب التضامن.
وقال شيراك: “جمعنا ليوم الخميس (موعد انطلاق المؤتمر) الشخصيات الأكثر كفاءة لتأمين المساعدة للبنان”، الذي أوضح أنه “في حالة مادية خطيراً جداً”، مشيراً إلى أن الدين يبلغ 180 في المئة من حجم الناتج القومي. ولفت إلى أن المساعدة قد تكون على شكل هبات أو تأجيل استحقاقات.
وتطرّق الرئيس الفرنسي إلى الشأن الداخلي اللبناني، الذي قال إنه “لا يتدخل به”، فرأى أن “تصرف الذين يستغلون الظروف لخلق مصاعب اجتماعية لا يهدف إلى تشجيع الراغبين في تقديم مساعدات”، داعياً إلى معالجة المشاكل السياسية بعيداً عن الشارع.
ودافع شيراك عن الحكومة اللبنانية، التي قال إنها “جاءت نتيجة انتخابات شرعية، حتى لو لم يرض ذلك الجميع”، مشيراً إلى أنه لا حكومة في أي ديموقراطية في العالم يمكن أن ترضي جميع مواطنيها. وأضاف: “أكنّ المودة لجميع اللبنانيين، وأنصحهم بالإذعان لقواعد الديموقراطية، وإلا فلن تأخذهم الأسرة الدولية على محمل الجد، ويدفع الثمن المساكين اللبنانيون”.
وبشأن التدخلات في الشؤون اللبنانية، قال الرئيس الفرنسي: “نطمح إلى أن نفرض على الدول المجاورة للبنان أن تتركه وشأنه كدولة مستقلة وحرة”. وأضاف: “لدينا حالة خاصة هي سوريا، علينا أن نفرض عليها عدم التدخل في لبنان. وكذلك هناك إسرائيل، عليها وقف التدخل البري والجوي والبحري وإيجاد حل لمزارع شبعا”.
وحول السبيل للخروج من الأزمة اللبنانية، أشار شيراك إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية “يكون أفضل الممكن”، يُختار بحسب أصول الدستور اللبناني، الذي دعا إلى احترامه واحترام الاتفاقيات التي استند إليها. كما دعا اللبنانيين إلى “التحلي بالواقعية واستئناف الحوار والتوصل إلى تسويات” بهدف “إعطاء صورة حسنة” عن لبنان تقنع الأسرة الدولية بتقديم مساعدات، قال إن الحكومة اللبنانية تحتاج إليها بشدة من أجل تمويل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب.
وفي ما يتعلق بالتحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، شدد شيراك على أن فرنسا تتعاون مع التحقيق الدولي “بشكل كامل وبلا تحفظات”، معرباً عن اعتقاده بأن لجنة التحقيق الدولية برئاسة سيرج براميرتس، الذي أشار إلى أنه “كفوء ومحترم”، ستصل إلى نتائج ملموسة تحدد مرتكبي جريمة اغتيال الحريري، إضافة إلى جرائم الاغتيال الأخرى.
ورأى الرئيس الفرنسي أن “وجود المحكمة الدولية أمر مهم لسببين، أولهما الكشف عن المجرمين، وثانيهما جعل القتلة أكثر حذراً في المستقبل”.
وحول المصادقة اللبنانية على المحكمة الدولية واحتمال صدورها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، قال شيراك: “هذه مشكلة يجب أن تُعالج ضمن الحكومة اللبنانية، وبالتنسيق مع مجلس الأمن”.
وعن الرفض الفرنسي للحوار مع سوريا، قال شيراك: “ليس من المستحيل التعامل مع سوريا”. وأضاف: “علمتني التجربة أن القادة السوريين”، الذين قال إنهم “يمثلون أقلية”، “من الصعب تصديقهم”.
أما بالنسبة للاتصال مع إيران، فقال شيراك إن “المشكلة الأساسية مع إيران هي مشكلة التخصيب النووي، وهي مشكلة أوضح أن من المستحيل حلها إلا في إطار مجموعة الدول الست وفي إطار مجلس الأمن الدولي. وأوضح أن فرنسا أجرت اتصالات مع طهران بواسطة القنوات الدبلوماسية التقليدية، على أمل أن يكون لديها شيء “لتقوله لنا عن لبنان، لمصلحته وللإعداد لمؤتمر التضامن الدولي معه”. لكنه أضاف أن هذه الاتصالات لم تصل يوماً إلى مستوى الاتصالات السياسية الرفيعة المستوى.