strong>الجيش يفرض حظر التجوّل بعد مقتـل 3 على يد مسلّحين وقنّـاصة... والكلّ ينتظـر الحوار السعودي الإيرانـي
رد فريق السلطة بالرصاص على إضراب المعارضة الثلاثاء. وخلال ساعات قليلة انتشر عشرات المسلحين من قوى السلطة ولا سيما تيار “المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي في شوارع العاصمة وأطلقوا النار على معارضين لهم وأحرقوا سيارات ومكتباً للحزب السوري القومي الاجتماعي، ما ادى الى مقتل 3 مواطنين وإصابة نحو 250 شخصاً بجروح غالبيتها بالحجارة كما اصيب نحو عشرين عسكرياً من الجيش اللبناني بجروح معظمها برصاص المسلحين الذين انتشروا في الأحياء الداخلية والضيقة. وتولى عناصر من أنصار جنبلاط توزيع كميات كبيرة من السلاح وتم إلباس هؤلاء ثياباً معظمها باللون الأسود ووضع فولارات شبيهة بالتي يضعها عناصر المقاومة للإيحاء بأنهم من عناصر حزب الله وحركة أمل. وأعلن جنبلاط في اتصالات متوترة مع فضائيات عربية أن ما حصل أمس هو رد على ثلاثاء المعارضة مطالباً إياها بالخروج من بيروت.
وطوال ساعات ليل امس كانت الاتصالات الجارية تنحصر في الشق الامني، وترددت معلومات بأن قوى السلطة قد تعاود تحركها الدموي اليوم، وهو ما حدا قيادة الجيش الى طلب اتخاذ إجراءات قاسية، علماً بأن فريق السلطة وضع الجيش أمام ما سمّاه “الاختبار” الاخير قبل الاعلان عن انه غير صالح لتولي الامور، وتسربت معلومات من مجالس قوى السلطة بأنها لن تتأخر في طلب النجدة الدولية إذا اضطرت الى ذلك، وسارعت الى مطالبة القوى الامنية بفك اعتصام المعارضة وسط بيروت كشرط. وهو ما ردّت عليه المعارضة بالرفض. واعتبر الجيش أن وجود هؤلاء ثابت وليس متحركاً.
ومع ان قيادة المعارضة سارعت الى اتخاذ إجراءات من النوع الذي يضبط أنصارها وتم الضغط بالقوة لسحب المئات منهم من الشوارع في بيروت والضواحي القريبة منها، قبل ان يصدر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله فتوى تحرم المواجهات وتلزم أنصاره بعدم النزول الى الشارع، ودعا الرئيسان إميل لحود ونبيه بري والنائب سعد الحريري المواطنين الى الانسحاب من الشارع نهائياً وتسليم الأمر بكامله الى الجيش والقوى الأمنية، في الوقت الذي كانت الاتصالات تجري فيه بين بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة الموجود في باريس ومع مقربين من جنبلاط والحريري، وتم الاتفاق مع قيادة الجيش على اتخاذ أقسى الإجراءات بحق القائمين بأعمال الشغب وإعلان حظر التجول في بيروت ومحيطها بدأ سريانه عند الثامنة والنصف من مساء أمس ويستمر حتى السادسة من صباح اليوم. وظل أمر تجديد الحظر مرتبطاً بوقائع اليوم، علماً بأن المدارس والجامعات قررت الإقفال اليوم، كما قررت عشرات المؤسسات الاقتصادية والتجارية عدم فتح أبوابها أيضاً.
ومع أن الإشكال بدأ أمس بعراك بين طلاب من المعارضة والموالاة في جامعة بيروت العربية الواقعة في منطقة الطريق الجديدة حيث الحضور القوي لتيار “المستقبل” إلا أنها تمددت بسرعة لافتة خلال ساعات قليلة، وبدا أن فريق السلطة وجد أنه مستعد لما حصل امس، حيث خرج مسلحون من منطقة وطى المصيطبة الخاضعة لسيطرة جماعة جنبلاط، التي اشتهرت بهذه الاعمال خلال فترة الحرب الأهلية، وفوجئ المواطنون برصاص قناصين تمركزوا على اسطح بعض البنايات في المنطقة، ومع ان قوى الجيش تدخلت بكثافة وحاولت إبعاد المتظاهرين عن نقاط الاحتكاك، الا ان عمليات اطلاق النار استمرت موقعة القتلى والجرحى الذين غصت بهم المستشفيات.
وأفادت معلومات من سكان في المناطق ومن قياديين ميدانيين في المعارضة وبعض “المفاتيح” في الأحياء أن عناصر قليلة جابت في عدد من المناطق وأطلقت النيران، وعمدت الى توتير الأجواء ما ساهم في بث الشائعات، وتحولت بيروت الى مدينة للأشباح، كما أطلقت التهديدات المذهبية ضد أطراف وأخرى. وأكدت مصادر عسكرية ان الجيش يعتزم الدخول الى منطقة الطريق الجديدة والقيام بواجبه عبر اعتقال مجموعة من الاسماء المتوافرة لديه، ومداهمة المراكز التي كان يدار منها امس عمل مجموعات الميليشيات في الشارع، ومصادرة الاسلحة التي عرف مخازنها والمسؤولين عنها، وأنه لن يتراجع عن الدخول الى المنطقة لما يشكله عدم دخولها من تشجيع على تكرار اشتباكات مماثلة او اكثر دموية.
وخارج بيروت، عمد عناصر من الحزب التقدمي الى قطع الطريق الدولية عند الناعمة جنوبي بيروت وفي محلة الجية، بينما قطع أنصار “المستقبل” الطريق بين شتورا وزحلة وطريق رياق ــــــ دير زنون وعمدت قوى الجيش مساءً الى فتحها.
التحرك السعودي ــــــ الإيراني
وفي طهران أنهى أمين مجلس الامن القومي السعودي بندر بن سلطان أمس زيارته المفاجئة الى طهران، التي شملت مباحثاته فيها الملف اللبناني وخصوصاً مع نظيره الإيراني علي أكبر لاريجاني الذي نسبت وكالة الأنباء الإيرانية إليه قوله، إن “القضية اللبنانية قضية قابلة للحل وإن طريق الحل هو تحقيق مطالب غالبية الشعب اللبناني، من أجل عودة الاستقرار إلى لبنان”.
ووصف لاريجاني السعودية بـ“الدولة الهامة في المنطقة”، مشيراً الى أن إيران لديها “وجهات نظر مشتركة جيدة مع السعودية في بعض الأمور”. وشدد على أن “إرادة البلدين مبنية على عدم تأجيج الخلافات الطائفية، وان الشيعة والسنة يشكلان مذهبين إسلاميين، وهم إخوة في‌ الدين”.
من جهته قال المسؤول السعودي إنه ناقش الأزمة اللبنانية، مشيراً إلى أن نتائج مباحثاته كانت “إيجابية”. ووصف إيران بأنها “دولة كبرى في العالم الإسلامي”، وأعرب عن أمله أن تثمر جهود طهران والرياض في إطار تحقيق مصالح الأمة الإسلامية وذلك عبر اتخاذ المزيد من الخطوات العملية في هذا المجال. وشدد على المزيد من اللقاءات التشاورية بين الرياض وطهران “لمنع الأعداء من القيام بإثاره الفتن بين المسلمين، وخاصة بين السنة والشيعة”.
مصادر دبلوماسية رفضت التعليق على المباحثات ونتائجها في إطار سياسة السرية التامة بهدف إنجاح المفاوضات، فيما أكدت مصادر لـ“الأخبار” أن تفاهماً أولياً تم الاتفاق عليه بين المسؤولين الايرانيين والسعوديين، وان صفقة ما يجري الاعداد لها على نار هادئة تشمل تفاهماً متداخلاً بين الملفين اللبناني والعراقي، إلا أن المسؤولين الايرانيين ابلغوا الامير بندر بن سلطان أن مطالب المعارضة اللبنانية وحزب الله لا يمكن ان تتضمن تنازلات.
وفي باريس قال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إن بلاده لا تجري مفاوضات مع إيران لمحاولة التوسط من أجل وضع نهاية للأزمة السياسية في لبنان لكنه اشار الى ان البلدين تبادلا رسائل بشأن التعاون بين المسلمين. وأضاف “كان هناك كلام عن التعاون تحقيقاً للتضامن بين المسلمين، وإذا كانت هذه هي النية فإن الأفعال هي التي تتحدث لا الكلمات وإذا كانت إيران تستطيع عمل اي شيء لتهدئة أنصارها في المنطقة فإن هذا سيكون أفضل خدمة يمكن تأديتها من أجل التضامن بين المسلمين”.