لاح في الأفق الأميركي، وفي حضرة لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، تبدل مرتقب في سياسة واشنطن، عبّر عنه المرشح لمنصب وزير الدفاع روبرت غيتس، بتأييده فتح قنوات اتصال مباشرة مع إيران وسوريا، بدلاً من مهاجمتهما عسكرياً، في اختراق لصقور الإدارة الأميركية، من شأنه أن ينتج انحرافاً في مسار استراتيجيتها، وخاصة في ما يتعلق بالوضع في العراق، حيث أقر بأن بلاده لا تحقق أي نصر.ورأى غيتس، في جلسة الاستماع أمام اللجنة التي صادقت، بالاجماع، على تعيينه في هذا المنصب، أنه سيكون من المفيد فتح قنوات اتصال مباشرة مع إيران وسوريا، وإن رأى أنه نظراً لموقف إيران من الولايات المتحدة، فإنه «غير متفائل» في أن المحادثات ستنجح.
وأكد غيتس، الذي من المرجح أن يثبت مجلس الشيوخ تعيينه في وقت لاحق من هذا الأسبوع، أن على واشنطن أن تدرس «الحوافز والموانع» بالنسبة لتعاون ايران وسوريا مع الجهود الأميركية لإحلال الاستقرار في العراق، مشيراً إلى أنه يفضل إبقاء الخيارات مفتوحة بالنسبة لإجراء الولايات المتحدة مفاوضات مع خصومها.
وأعلن غيتس (63 عاما) أنه يعارض مهاجمة إيران، إلا إذا كان ذلك «خياراً أخيراً ووحيداً»، مشيراً إلى أن أي عملية عسكرية ضد الجمهورية الإسلامية سيكون لها أثر «كبير» على الأمن الأميركي. وأوضح، في رد على سؤال للسيناتور الديموقراطي روبرت بيرد: «لقد رأينا في العراق كيف أنه عندما تبدأ الحرب، فإنه يصبح من الصعب التوقع بما يحدث فيها، وانعكاسات أي نزاع عسكري مع إيران يمكن أن تكون كبيرة للغاية».
ورداً على سؤال عما اذا كان سيوافق على شن هجوم على سوريا، أجاب غيتس: «لا يا سيدي».
في هذا الوقت، أعلن أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أمس، أن استئناف الحوار بين واشنطن وطهران غير ممكن إلا إذا أقدمت الولايات المتحدة على «تبديل استراتيجيتها» في الشرق الأوسط لا تكتيكها فقط، مشيراً إلى أن توجيه «إشارة واضحة» إلى مثل هذا التغيير «يمكن أن يكون من خلال رحيل القوات الأميركية عن المنطقة».
كما أعلن السفير السوري في لندن سامي الخيمي أمس أن بلاده لن تشارك في الجهود الدبلوماسية لوقف الاقتتال في العراق قبل أن تعلن واشنطن موعداً ثابتاً لسحب قواتها من العراق.
وفي هذا السياق، شجَّّع البيت الابيض بغداد أمس على إجراء محادثات مع إيران وسوريا في المسائل الأمنية. وقال المتحدث باسمه، طوني سنو: «لم نقل إن على العراق عدم التعامل مع جيرانه، بل العكس، لقد قلنا إن ذلك (التعامل مع الجيران) أمر طبيعي، وبالتاكيد فإننا نتوقع منهم القيام بذلك».
وتزامنت تصريحات البيت البيض مع إعلان المتحدث باسم الجيش الأميركي الجنرال وليام كالدويل أمس أن قوات الجيش العراقي ستكون خاضعة كلياً لسيطرة الحكومة العراقية «الربيع المقبل أو مطلع الصيف» على أبعد تقدير، وجاء ذلك على وقع سقوط 46 قتيلاً عراقياً والعثور على 60 جثة ومقتل جنديين أميركيين في العراق.
في هذا الوقت، قدَّم العرب مبادرة تجاه العراق أمس، تميزت بوضوحها، رغم أنها تفتقر الى قوة التنفيذ، حيث دعت اللجنة الوزارية العربية الخاصة حول العراق حكومة نوري المالكي الى «حلّ الميليشيات فوراً» و«بناء القوات المسلحة العراقية والقوات الأمنية على اسس مهنية ووطنية».
وأكدت اللجنة الوزارية العربية، في بيان اصدرته بعد اجتماع دام قرابة خمس ساعات أمس، ضرورة «احترام وحدة وسيادة واستقلال العراق وهويته ورفض دعوات التجزئة والتقسيم وعدم التدخل في شؤونه الداخلية من قبل اي طرف كان لمحاولة التأثير على الأوضاع الداخلية من اجل تحقيق أهداف لا تخدم الوحدة الوطنية العراقية أو من خلال مد نفوذه السياسي أو الثقافي داخل العراق، بما يؤدي الى تكريس الانقسام والطائفية ويقود إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)