عــون يؤيّـد مبـادرة بكـركي ومســيحيو 14 آذار يدرســونها... واجتمــاع أمني ــ حزبـي لضبــط التوتــراتانعكس فشل المبادرات السياسية الداخلية والخارجية مزيداً من الاحتقان السياسي في البلاد، ما استوجب استنفاراً أمنياً جديد من نوعه، واستعدادات خاصة من جانب طرفي النزاع لمزيد من المنازلات في الشارع، علماً بأن الاختراق الأبرز جاء هذه المرة من بكركي التي صدرت عنها مجموعة من المواقف كان اللافت فيها صياغة مبادرة قد تكون مدخلاً لحوار من جديد.
وقد جاءت مبادرة بكركي على شكل نداء جديد تحت عنوان ثوابت الكنيسة. ويأخذ في الاعتبار أن الموضوع الرئيسي يتعلق بشعور قوي لدى الكنيسة بعدم وجود دور مسيحي مركزي في الأحداث وان مجموعة كبيرة من المسيحيين تعمل على طريقة الالتحاق بالآخرين، وسط خشية متزايدة من جانب الكنيسة لاحتمال تمدد التوتر القائم الآن باتجاه الاوساط المسيحية ما دفع الى دعوة الاطراف المسيحية على وجه التحديد الى ميثاق شرف يتصل بمنع المواجهات وعدم اللجوء الى العنف وسيلة للتخاطب، و“عدم الانجرار الى صراع المحاور الاقليمية او الدولية، ولملمة الوضع المتفجر من خلال تأليف حكومة وفاق تؤمن مشاركة واسعة على المستوى الوطني، وتجد حلولاً لما يعاني منه المواطن، ولا سيما على الصعيدين الامني والاقتصادي، وإذا تعذر ذلك، فالسعي الى تأليف حكومة من مستقلين تعمل على إقرار قانون جديد للانتخاب على أساس الدوائر الصغرى، بغية تأمين تمثيل صحيح لكل فئات الشعب، وعلى إفساح المجال لمشاركة المغتربين في الانتخاب، وإيجاد حل لواقع رئاسة الجمهورية وتقريب موعد الانتخاب لاختيار شخص يتم الاتفاق عليه ويمكنه ان يعمل على توحيد الشعب في ظل الدولة العادلة، وعلى إطلاق مسيرة الإصلاح وإعادة بناء الدولة بكل مؤساستها، واستكمال تطبيق الطائف وتأكيد حق الفلسطينيين بالعودة الى بلادهم والعمل على حل مسألة السلاح الفلسطيني في اطار تأمين حقوقهم الانسانية وعلى حصر السلاح اللبناني في يد القوى الامنية الشرعية”.
ومع ان مجلس المطارنة عاد وناشد الرئيس نبيه بري دعوة المجلس النيابي الى الانعقاد “لعله يجد مخرجاً للأزمة التي يتخبط فيها البلد، لفت الى شلل المؤسسات الدستورية قائلاً: “إذا اصبحت رئاسة الجمهورية والحكومة موضوع جدل لا يبقى إلا مجلس النواب لكنه لا يجتمع (...) لعل العودة الى المجلس النيابي والحوار أجدى وأفعل”. ورأى “ان الإضرابات والاعتصامات المفتوحة التي تجري الآن في وسط بيروت وسواه وما يرافقها من خطب نارية لن تحل المشكلة اللبنانية”.
وقد أثار البيان ــــــ المبادرة ردود فعل مختلفة ولا سيما في الاوساط المسيحية، وكان الترحيب الأول من جانب العماد ميشال عون الذي اتصل بالمطران سمير المظلوم الذي نسّق وثيقة الثوابت معرباً له عن تأييده لها واستعداده لتوقيعها لأجل الالتزام بها، ثم جرت اتصالات لاحقة مع القوات اللبنانية للغرض نفسه، لكن قوى 14 آذار المسيحية سارعت الى الاجتماع في دارة الرئيس أمين الجميل للتدارس، وبدا أن الحاضرين قرأوا في البيان رفضاً للتحرك الشعبي وتغطية لمطالب فريق السلطة بشأن المحكمة الدولية وانتخاب رئيس جديد، لكنهم فسروا الكلام عن حكومة وفاق بأنها لا تعني الدعوة الى حكومة وحدة وطنية. لكن الرئيس إميل لحود رفض الدعوة الى تقصير ولايته وقال إن الأهم الآن هو تصحيح التمثيل النيابي والحكومي.
تصلب السلطة
في هذه الأثناء كانت قوى المعارضة تتدارس الخطوات اللاحقة في ضوء رفض رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مبادرة اللقاء الوطني التي نقلها النائب السابق فتحي يكن، والتي استدعت امس بيانين متضاربين أحدهما صدر عن اللقاء الوطني والآخر عن رئاسة الحكومة تلاه الوزير أحمد فتفت، ما يفتح الباب أمام جولة جديدة تبدأ بعد صلاة يوم الجمعة حيث سيؤم الداعية يكن المصلين من المعتصمين في ساحتي رياض الصلح والشهداء لتبلغ ذروتها يوم الأحد في التجمع الشعبي الكبير الذي دعت إليه المعارضة ووصفته بأنه سيكون «يوماً تاريخياً ومفصلياً، يوماً تنفتح فيه الآذان الصماء والعيون العمياء، فتستجاب المطالب المشروعة بحلول المشاركة مكان الاستئثار”، وسوف يكون مدخلاً للموجة الثانية من التحركات التي سوف تنطلق مع مطلع الاسبوع المقبل إذا تعذر الحل السياسي.
وقال العماد ميشال عون: “إذا أصر رئيس الوزراء والمعسكر الذي يدعمه على الاستئثار بالسلطة، فسنصعّد الضغط الشعبي وسنشلّ الحكومة وسندخلها في غيبوبة عميقة”. وأضاف: “إذا أراد السنيورة التفاوض، فليقدم لنا اقتراحات، لكننا لن نقبل بأقل من تقاسم حقيقي للسلطة والثلث المعطل”.
وفيما بدا أن ثمة سجالاً تكتيكياً يدور بين السلطة والمعارضة، فقد انتقل الأمين العام لجامعة الدول العربية الى واشنطن وتحادث هاتفياً منها مع الرئيسين بري والسنيورة، فيما نقل السفير السعودي عبد العزيز خوجة الى بري رغبة الملك السعودي عبد الله في أن يستمر في مساعيه لرأب الصدع بين الاطراف المعنية. ونقل عن بري بعد اللقاء قوله: “لقد شغلت الموتور”. وأوضح زوار بري المعنى هذا بأنه بدأ “بخطوة أساسية تقضي بوقف الإعلام الفتّاك ووقف الشحن الطائفي والمذهبي لكي نفتح آفاقاً لإعادة الازمة الى إطارها السياسي”، وانه “تمنى على السعودية مساعدته للوصول الى رؤية متكاملة لمعالجة الأزمة”.
السنيورة: صامد
من جانبه واصل الرئيس السنيورة استقبال الوفود الداعمة له من مناطق لبنانية عدة. وخاطب زواره بالقول “سنكون بالمرصاد لمن يزرع الفتنة”. وتوجه الى المعارضة قائلاً: “أسلوب الشتائم لا يؤدّي إلى نتيجة.. نريد أن نبني وطناً لا أن نحفر خنادق، نريد أن نعيش وسيبقى لبنان لجميع اللبنانيين.. نحن مدركون أن الشارع لا يحل أي مشكلة ولا طريقة لحل المشاكل إلا بالجلوس والحوار معاً”. كما هاجم السنيورة حزب الله وسوريا وإيران دون التسمية المباشرة.
الشارع والأمن
وبينما واصلت المعارضة اعتصامها لليوم السادس ووسّعت أنشطتها في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، غابت التوترات الكبيرة عن الشارع أمس، لكن ذلك لم يمنع من عقد اجتماع سياسي ــــــ أمني في مكتب مدير مخابرات الجيش العميد جورج خوري بحضور المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وأحمد البعلبكي عن حركة امل ووفيق صفا عن حزب الله. وخصص اللقاء للبحث في كيفية تخفيف أجواء التوتر ووضع خطة أمنية تحجب أي اشتباك بين المتظاهرين من المعارضة والموالين وخصوصاً في أحياء بيروت.
وعلم أن الاجتماع شهد اتهامات وجهها ممثلا الحزب والحركة إلى قوى الأمن بتغطية مخالفات واعتداءات مناصري “المستقبل” ونقل أشخاص وأسلحة بسيارات امنية، كما انتقدا بشدة البيان الذي صدر عن المديرية أول من امس والاتهام الذي تضمّنه البيان ضد المعارضة، وهددا بالطلب الى الضباط الشيعة تسهيل نقل متظاهري الطرفين في بيروت كما بالنسبة الى احتمال طلب العماد عون بنقل مناصريه بسيارات الضباط المسيحيين، فرد ريفي بالتأكيد ان قوى الأمن الداخلي على مسافة واحدة من الجميع. وعلمت “الأخبار” أن ريفي اصدر ليلاً «أمراً برقياً» بتعليمات جديدة متشددة حيال المزيد من التدابير التي تضمن دوراً حيادياً. وقد تعهد البعلبكي وصفا برفع الغطاء عن أي متورط في أي حادث ما.
وعلم أن العميد خوري أبلغ المجتمعين انه تم توقيف ثلاثة أشخاص يشتبه في تورطهم في جريمة اغتيال الشاب أحمد محمود وأن المطاردات مستمرة لتوقيف اربعة آخرين. كما أبلغهم بتسلم الجيش عنصرين من حركة امل من المتورّطين بأحداث برج ابو حيدر وأنه ما زال يطالب قيادة الحركة بتسليم اربعة آخرين.