strong>رئيس الحكومة يردّ على نصر الله وجنبلاط يدعو مجلس الأمن الى إقرار المحكمة الدّولية تحت الفصل السابع
توقف المساعي السياسية الداخلية والخارجية فتح الباب أمام تصاعد في المواجهات الداخلية بين فريقي السلطة والمعارضة. وأعرب رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«الأخبار» عن خشيته من أن تطول الأزمة ربما الى العام المقبل إذا لم تظهر السلطة استعداداً لتنازلات في اللحظة المناسبة. وأشار الى ان التحركات التي قام بها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والتي يجريها سفراء آخرون لم تقدم بعد الحلول المنطقية.
وقال بري إن آخر ما وصله من اقتراحات “مكتوبة” جاء مخالفاً للدستور، وهو تضمّن تعديلات تسحب الصلاحيات من الوزراء كما من رئيس الجمهورية، عندما طلب منع الوزير “الملك” من التصويت لمنع غلبة أي من الفريقين، وانه ابلغ موسى رفضه المسبق دون التشاور مع أحد. وقال بري ان المجلس النيابي لن ينعقد قبل حل ازمة الحكومة، وهو ابلغ هذا الموقف كل من يهمه الأمر، وهو تحدث صراحة مع الموفدين عن ضرورة إيجاد حلول تتجاوز الواقع المحلي لتلامس مباشرة المشكلة العربية العربية الخاصة بلبنان. ووصف المرجع قوى السلطة بأنها “تفتقر الى الخبرة السياسية وحسن التقدير، ما قد يدفع بالازمة في البلاد الى مراحل اصعب” وقال إنه يصعب على المعارضة الخروج من الشارع قبل تحقيق مطالبها.
ومع ان فريق السلطة واصل امس حشد المؤيدين لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع تركيز على “الجانب السني” من هذا الحشد، فإن قوى المعارضة تستعد ليوم طويل غداً الأحد وتعمل جميع قواها على حشد كبير لحفل خطابي يرتقب أن يتحدث فيه الرئيس عمر كرامي وآخرون، من غير استبعاد حضور قيادات بارزة من المعارضة للمهرجان الذي يقام بعد الظهر، وسط نقاش لرزمة تحركات جديدة مطلع الاسبوع المقبل.
وكانت المعارضة قد نظمت امس صلاة جمعة حاشدة بإمامة رئيس “جبهة العمل الإسلامي” الداعية فتحي يكن الذي قال: “هذا الحشد ليس للشيعة وليس للسنة ولا لأي طائفة، هذا حشد لكل لبنان” واتهم حكومة السنيورة بالعمالة للولايات المتحدة. وأضاف موجهاً حديثه للسنيورة: “أدعو رئيس الحكومة الى وقفة تاريخية ترضي الله عز وجل أولاً وتطفئ نار الفتنة وتخرج لبنان من النفق المظلم”. وقال: “أيها اللبنانيون.. سنة وشيعة دروزاً ومسيحيين.. إياكم ثم إياكم والانزلاق إلى الفتنة”.
وفي المقابل كان مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني يؤدّي الصلاة في مسجد الامام علي في الطريق الجديدة ويخرج منها ويدافع عن السنيورة أمام حشد خارج المسجد فقال: “إننا نقف بكل قوة الى جانبه، ونعتبر أن إسقاطه وحكومته في الشارع خط أحمر لن نسمح بتجاوزه أبداً”. ودعا الجميع للعودة إلى المؤسسات الدستورية”.

تفاعلات موقف نصر الله

إلا أن المواقف والاتهامات التي وجهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليل أول من أمس عبر كلمته المتلفزة الى المعتصمين، تفاعلت وكانت لها ردود مختلف. وبدا أن فريق السلطة اتفق على تأجيل أي كلام مباشر من جانب النائب سعد الحريري وكذلك النائب جنبلاط الذي دعا من البرتغال حيث مؤتمر الاشتراكية الدولية الى تضافر الجهود الضاغطة «من اجل تغيير السلوك السوري في لبنان ولجم التدخل الإيراني»، متهماً «حلفاء سوريا على الساحة اللبنانية بالمسؤولية المعنوية وأحياناً المادية عن الجرائم التي اقترفت”. وتمنى على مجلس الامن «ان يتخذ قراراً بإنشاء المحكمة الدولية ولو تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة”. وحذر جنبلاط من انه «إذا سقطت حكومة السنيورة، فالوضع سيتدهور لأنه لا مجال لحكومة اخرى فنحن الاكثرية، إلا إذا اختاروا نهج الحكومتين ودفعوا بالبلاد الى الفتنة”.
وطلب الحريري وجنبلاط من المسؤولين الذين يعملون تحت قيادتهما الى التعامل مع خطاب نصر الله على أنه تعبير عن مأزق المعارضة، بينما تولى رئيس الحكومة الرد مفصلاً أمام وفد من مدينة صيدا، فاتهم نصر الله “بالتحضير لانقلاب او على الاقل التهديد بالانقلاب وان لهجته تحمل كل التهديد وبذور الشقاق بين اللبنانيين”. وحذر من ان “من يشحن البلد، وهذه الطريقة في التعبير، وهذا الاسلوب بالتخوين... كل هذا يأخذ البلد الى مكان لا ينبغي ان نكون فيه”. ودعا الى الحوار والتروي قائلاً “يجب ان نتعاون مع السيد حسن لإيجاد حل للخروج من الشارع”. ومع ان السنيورة لم يرد تفصيلاً على ما ورد في كلمة نصر الله الا انه تحدث بلهجة متهكمة ورافعاً من جانبه سقف الكلام مؤكداً تمسكه بمواقفه ومواقعه. وهو الموقف الذي صدر أيضاً عن كل القيادات السياسية العاملة تحت قيادة تحالف الحريري وجنبلاط، التي قرأت في خطاب نصر الله “تعبيراً عن مأزق المعارضة”.
ورد رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد على ما قاله السنيورة قائلاً لـ“الأخبار”: “خطاب السنيورة ثلجي وتبريري يعتمد تأويل الكلام والرد على ما فهمه هو من الكلام ومطالعته وتعرضه لبعض الفقرات من خطاب السيد والرد عليها ببرودة ظاهرة تخفي توتراً وغيظاً كاملاً، وهو ترجمة لديبلوماسية الدموع التي يبرع فيها لإخفاء أخطائه وارتكاباته عبر استثارة العطف والظهور بمظهر الوادع الذي يخفي روح المكابرة والعناد”.
وكان رعد قد زار امس البطريرك الماروني نصر الله صفير على رأس وفد من حزب الله وعرض معه الثوابت التي أعلنتها الكنيسة المارونية. وأكد رعد أن هذه الثوابت فيها “نقاط كثيرة تتوافق مع تشخيصنا للأزمة”. وقال: “هناك نقاط لنا ملاحظات عليها، والمسألة الاساسية هي الآلية التي ستعتمد للوصول الى الحل عبر ترتيب الاولويات”.

رد الجيش والرد عليه

وقبل ساعات على رد السنيورة أصدرت قيادة الجيش بياناً أكدت فيه “أنها لم تتلق أمراً من رئيس الحكومة بمصادرة سلاح المقاومة الذي ينقل الى الجنوب”. لكنها اوضحت أنها “خلال الحرب الأخيرة ضبطت على أحد حواجز الجيش كمية من الذخائر وصادرتها، وتبيّن لاحقاً أنها تعود الى المقاومة التي طلبت استرجاعها، وقد أُبلِغَت في حينه من الجهاز المختص في الجيش، بأن إجراءات إعادتها تخضع لتدابير قانونية تستوجب قراراً سياسياً، الأمر الذي أدى الى الالتباس الحاصل حول حقيقة الأمر المعطى للجيش في شأنها”. وأهابت بـ“جميع المعنيين تجاوز هذا الالتباس الحاصل” واضعة نفسها “بالتصرف لتوضيح الأمر، توخياً للحقيقة وحفاظاً على الوحدة الوطنية”.
ورد حزب الله ببيان مساء أمس، فأبدى تفهمه “الموقف الحرج لقيادة الجيش بين الرئيس السنيورة وبين قول الحقيقة” لكنه قال إن بيان قيادة الجيش“يعترف بأن حاجزاً للجيش صادر شاحنة أسلحة تبيّن أنها تعود للمقاومة. ونحن نعرف أن الجيش يتصرف على أساس القرار السياسي، فهل صادرها اجتهاداً منه أم بناءً على القرار السياسي الصادر من رئيس الحكومة آنذاك؟ وتم ابلاغنا ايضاً من الجهات المختصة في الجيش بأن أي شاحنة سلاح أخرى ستصادر ولن يسمح لها بالمرور وان عليكم ان تعالجوا المسألة سياسياً مع الرئيس السنيورة، علماً بأن السلاح ما زال مصادراً حتى الآن”. ورأى الحزب أن قيادة الجيش “قالت في بيانها نصف الحقيقة وأخفت البقية”.

الوضع الأمني

وأمس لم تسجل التقارير الأمنية أي حادث يذكر وسط اطمئنان امني الى النتائج التي ترتبت على الاجتماع الذي عقد منتصف الأسبوع في وزارة الدفاع. وقال مرجع امني لـ«الأخبار» إن الهدوء مردّه الى وعي مخاطر أية مواجهة في الشارع، كما كان للإجراءات التي اتخذت أخيراً، والإنذار الذي وجهه القادة الأمنيون الى المعنيين من مختلف الأطراف، فعلها على ارض الواقع. وأضاف: إن جمهور حزب الله تلقى تعليمات بممارسة أقصى درجات الانضباط وخصوصاً ازاء تعاطي وسائل الإعلام الموالية للحكومة مع خطاب نصر الله.