غزة ــ رائد لافي
دخلت القضية الفلسطينية في محظور “اقتتال الإخوة”، الذي فجّرته دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى انتخابات مبكرة، رغم التحذيرات المتكررة من مخاطر خيار كهذا، دعمته واشنطن والاتحاد الأوروبي، ورفضته “حماس” التي رأت أنّه دعوة إلى “حرب أهلية”، ملوّحة بإجهاضه “ميدانياً” (التفاصيل).
وتحوّل قطاع غزة خصوصاً أمس إلى ساحات حرب، أدت إلى مقتل فلسطينيين وإصابة أكثر من ثلاثين آخرين بجروح، وسط اتهامات متبادلة بين “حماس” و“فتح” بالتحضير لانقلاب، تبلور على الأرض باحتلال حرس الرئاسة وزارتي الزراعة والنقل، فيما اتهمت “فتح” القوة التنفيذية التابعة لـ “حماس” بخطف وقتل العقيد في قوات الأمن الوطني عدنان رحمي.
ومع حلول المساء، نجحت جهود الوساطة في التوصل إلى اتفاق بين الحركتين المتنافستين، برعاية الجبهتين الشعبية والديموقراطية وحركة الجهاد الإسلامي، يتضمّن: الوقف الفوري لإطلاق النار، وسحب المسلحين من الشوارع وإنهاء كل مظاهر التأزيم وعودة الأجهزة الأمنية ومسلحي «حماس» الى مواقعهم السابقة قبل الأحداث، ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة بما فيها التحريض الإعلامي، ووقف التظاهرات والمسيرات، وإطلاق سراح كل المختطفين والمعتقلين لدى الجانبين، وتأليف لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في الأحداث بدءاً بأحداث معبر رفح (محاولة اغتيال رئيس الوزراء إسماعيل هنية واقتحام المعبر من جانب أنصار حماس).
ووصف عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، كايد الغول، الاتفاق بأنه «خطوة على طريق البدء بالحوار الوطني لتأليف حكومة الوحدة الوطنية».
إلا أن الاتفاق لم يدخل فوراً حيز التنفيذ، إذ اندلع اشتباك مسلح عنيف بين عناصر الحركتين في محيط المجلس التشريعي وسط غزة، وآخر في محيط منزل القيادي الفتحاوي محمد دحلان في المدينة نفسها.
وكان عبّاس قد تجاهل تداعيات دعوته، وبدأ التحضير فعلياً لإجراء الانتخابات المبكرة خلال 100 يوم، حسبما أعلن رئيس اللجنة الانتخابية حنا ناصر بعد اجتماعه بالرئيس الفلسطيني، الذي تلقّى دفعاً أميركياً عبّرت عنه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في اتصال هاتفي بينهما، بعدما كان البيت الأبيض قد أعلن صراحة تأييده للتوجه الرئاسي الفلسطيني.
وبدت إسرائيل أكثر المتحمسين للمواجهة الفلسطينية، فتحدثت مصادر سياسية وإعلامية إسرائيلية عن استعداد إسرائيل لمساعدة أبو مازن إذا اتخذ قراراً بمواجهة حركة «حماس».
ومن المقرر أن يصل الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمال الدين إحسان أوغلو إلى رام الله غداً في مهمة وساطة تستغرق يومين.