موسى يعود اليوم حاملاً موافقة سعودية على تحويل مشروع المحكمة «معدّلاً» الى الحكومة الجديدة
فيما اتجهت الأنظار الى موسكو مترقبة نتائج زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لها وانعكاساتها على الوضع اللبناني، أثار بعض المواقف الداخلية المتشنجة أمس مخاوف من ان تكون المبادرة العربية الهادفة لإنهاء الازمة بين السلطة والمعارضة قد عادت الى نقطة الصفر عشية عودة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت اليوم ليتابع اللقاءات مع الطرفين بغية تنفيذ اتفاق مبدئي كان قد تم التوصل إليه الاسبوع الماضي ويقضي بتأليف حكومة وحدة وطنية على اساس ان يكون للسلطة 19 وزيراً وللمعارضة 10 وزراء وتساهم في تسمية الوزير الثلاثين، وتأليف لجنة سداسية لدرس مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وعلمت “الأخبار” ان هذه المواقف المتشنجة التي صدرت بمعظمها عن بعض اركان فريق السلطة، كان سببها حصول موسى على موافقة سعودية على مطلب رئيس مجلس النواب نبيه بري ان تدرس حكومة الوحدة الوطنية المقر تكوينها من خلال توسيع الحكومة وتعديلها، مشروع المحكمة الدولية في ضوء الملاحظات التي ستضعها اللجنة السداسية عليه، وهو مطلب كان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قد عارضه عندما نقله موسى إليه الاسبوع الماضي واقترح ان يحال المشروع مع هذه الملاحظات الى مجلس النواب، الأمر الذي رفضه بري رفضاً مطلقاً مؤكداً انه ليس في وارد تلقيه إذا لم يكن مذيّلاً بتوقيع رئيس الجمهورية بعد إقراره في جلسة دستورية لحكومة دستورية.
أولويات المعارضة
كذلك جاءت هذه المواقف رداً على إعلان المعارضة بعد اجتماع لأركانها في منزل الرئيس عمر كرامي في طرابلس “أنها في مقابل تجاهل المجموعة الحاكمة لإيجابيتها في الوصول الى تسوية سياسية وانطلاقاً من حرصها على الدفع في اتجاه انتظام الحياة السياسية وإعادة تشكيل السلطات (...) اصبح مطلبها منذ الآن هو إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة”. وإذ اتهمت السلطة بأنها “أسقطت فرصة الحوار والتشاور والوساطات التي تعاملت معها المعارضة بكل ايجابية ومسؤولية” قالت “إن مكابرة السنيورة ومجموعته الحاكمة المستندة إلى دعم خارجي فاضح لا يوازيه دعم داخلي مماثل، لن تقودها إلا الى مزيد من الارتهان لهذا الخارج”. وأضافت “انها لن تسمح للفتنة الداخلية بأن تقع مهما حيكت المؤامرات من الخارج والداخل، وهي ضمان وطني وصمام أمان لحماية البلد”. وأعلنت انها ستعقد لقاءً موسعاً “في اقرب وقت ممكن من اجل دراسة الخطوات العملية لتحقيق هذا الهدف مع استمرار الاعتصام المفتوح”.
وقال كرامي ان المعارضة لا تزال تفتح الباب أمام المبادرة العربية “ونحن نصر على حكومة الاتحاد الوطني وأنها الحد الأدنى الذي نقبل به، وحتى الآن السلطة وقوى الأكثرية الوهمية تعطل هذه المبادرة، لكن لا نستطيع أن ننتظر الى أبد الآبدين، وإذا لم يوافقوا على هذا الأمر الآن فنحن لم نعد نقبل بحكومة اتحاد وطني، لكن نريد أن ننقذ البلد، وإنقاذ البلد يتم عن طريق انتخابات مبكرة. هذا هو موقف المعارضة”.
ومساء أمس قال الوزير السابق سليمان فرنجية في حوار مع قناة «المنار” إن سقف مطالب المعارضة لم يكن متكافئاً مع حجمها «ولذلك لن نقبل بعد اليوم بالثلث المعطل زائداً واحداً، بل سنطلب عدد وزراء يمثل النسبة المئوية للمعارضة في مجلس النواب”. وتشكك في إمكانية حصول موسى على موافقة فريق السلطة على إعطاء المعارضة الثلث زائداً واحداً، معتبراً أن المبادرة العربية «اتخذت شكل الواقع السياسي الداخلي وبالتالي فهي خضعت للتجاذبات”.
واقترح فرنجية تأليف حكومة تكنوقراط لمرحلة انتقالية إذا تعذر الاتفاق على حكومة وحدة وطنية. وأكد توافق المعارضة على قانون انتخابي «على أساس النسبية أو نصف النسبية” كذلك أعلن استعداد المعارضة للقبول بقانون انتخابي على أساس الدائرة الصغرى ما دامت البطريركية المارونية والمعارضة وجزء من الأكثرية يطالبون به. وأعلن أن المعارضة ستصعّد تحركها الديموقراطي بعد الأعياد «لكن في شكل نوعي يختلف عن التظاهر والاعتصام في الساحات”.
موقف السلطة
وفي المقابل قالت مصادر قريبة من السنيورة لـ«الأخبار” إن التصعيد الذي لجأت إليه المعارضة «غير مبرر، ولا افق له، وهو غير قابل للتنفيذ”. وأضافت “ان الحديث عن قانون انتخاب جديد وانتخابات نيابية مبكرة مستحيل اليوم، فالحكومة الحالية قائمة وهي حكومة شرعية ودستورية. كما ان الحديث عن حكومة انتقالية لا يمكن اعتباره إلا رأياً لا يلزم إلا صاحبه، ما دام الأمر لم يناقش بعد لبتّه وان الأولويات المطروحة كلها سواء من خلال المبادرة العربية أو غيرها من المشاريع التي يجري التداول في شأنها هي في مكان آخر”.
واستغربت المصادر التوقيت الذي اعتمد في هذا التصعيد عشية عودة موسى المتوقعة الثالثة بعد ظهر اليوم، وهو موعد بات ثابتاً.
وفي هذا السياق هاجم الوزير مروان حمادة المعارضة ووصفها بأنها “مجموعة انقلابية” ورأى أن مطالبتها بقانون الانتخاب والانتخابات النيابية المبكرة “إعلان إفلاس” وقال: “يحاولون التعمية على ما كانوا قد وعدوا به عمرو موسى وما عادوا عنه. فالصيغة المركبة الوفاقية للحكومة الوفاقية التي طرحها عمرو موسى حاولوا إخراجها على أنها حكومة 19+11 لا حكومة 19+10+1، خلافاً لكل ما أعلنه الأمين العام لجامعة الدول العربية. كذلك بالنسبة لموضوع المحكمة الدولية، حاولوا أن يصوروا للناس أن هذه المحكمة ستعود وتعبر من جديد عبر اللجنة السداسية لتعود إلى حكومة جديدة، ثم إلى رئيس الجمهورية الممدّد له قسراً، ثم إلى حكومة أخرى، ثم إلى المجلس النيابي، وفي هذه الأثناء تعبر إلى مجلس الأمن، أي تأجيل المحكمة الدولية ربما إلى العام 2010”، وأضاف: “بالنسبة إلينا، اقتراحات السيد عمرو موسى تتضمن في مرحلة لاحقة انتخابات رئاسية مبكرة، وبعدها البحث في قانون انتخابي، وبعد استلام الرئيس الوفاقي الجديد لرأس السلطة يصار إلى إجراء انتخابات مبكرة”.
وكان موسى قد أعلن من القاهرة أمس أنه سيتوجه اليوم إلى بيروت ومنها إلى دمشق حيث سيجري محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد. وقال إنه تحدث عن التقدم الذي أحرز على الساحة اللبنانية في المشاورات التي أجراها في وقت سابق سواء مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أو الرئيس المصري حسني مبارك. وأضاف أنه سيجتمع مع كل القوى في لبنان من أجل الوصول إلى مخرج للأزمة التي يعانيها الشعب اللبناني. وأشار الى انه اتصل هاتفياً بوزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي للتشاور في شأن الأزمة اللبنانية. وأكد تلقيه دعماً من الدول العربية للمساهمة في حل هذه الازمة التي قال عنها إنها ليست مستعصية إذا توحدت الإرادة السياسية العربية.
عريضة نيابية
وعلى صعيد آخر يتصل برفض رئيس الجمهورية إميل لحود التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى ملء المركز النيابي الماروني في المتن الذي شغر بعد اغتيال النائب بيار الجميل، يلتقي نواب 14 آذار اليوم لتوقيع العريضة التي أعدّها النائب بطرس حرب والتي تطلب من رئيس المجلس النيابي أن يضع المجلس يده على “المخالفة” التي ارتكبها لحود واتهامه بـ“خرق الدستور”. وعلمت “الأخبار” ان حملة توقيع العريضة ستنطلق اليوم وصولاً الى جمع تواقيع 26 نائباً هم خُمس المجلس. وقالت مصادر نيابية إن مفعول العريضة ومصيرها رهن بموافقة ثلثي أعضاء المجلس النيابي لتصبح نافذة وتقود الى محاكمة لحود وهو أمر متعذر في ظل فقدان ثلثي الموافقين من أعضاء المجلس.