أطاحت “الفوضى الدستورية” لفريق السلطة جهود الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي لم يخرج منه أي جديد بعد التعثر الواضح الناجم عن المقابلات التي أجراها مع القادة اللبنانيين من فريقي السلطة والمعارضة، وكشفت هذه المحادثات عن فجوة كبيرة بعدما تبيّن من لقاءاته أمس أن التقدم الذي أحرزه الأسبوع الماضي قد أطاحه فريق السلطة الذي رفض مشاركة اللبنانيين الآخرين في مناقشة مشروع المحكمة الدولية.والتقى موسى امس الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري اضافة الى السفير الإيراني في لبنان محمد رضا شيباني، ويزور اليوم الرئيس إميل لحود قبل أن يعاود لقاءاته مع بري والسنيورة وقوى أخرى من المعارضة.
وشهد الاجتماع مع بري مكاشفة في ما حصل خلال الأيام التي أعقبت مغادرته الجمعة الماضي وصارحه بري بـ“أننا لا نستطيع أن نُكمل على هذا النحو نتيجة استمرار الاكثرية في ارتكاب المخالفات الدستورية التي من شأنها أن تعوق المبادرة والتوصل الى الحلول المرجوة”.
وإذ سأل موسى بري عن ماهية هذه المخالفات، أبرز له نص مشروع المحكمة الدولية منشوراً في ملحق خاص للجريدة الرسمية. وقال له إن الأكثرية باتت تعتبر هذا المشروع قانوناً وصار على مقربة من مجلس النواب، وسأله عن التعهد الذي حصل عليه من السنيورة بأن هذا المشروع لن يُنشر في الجريدة الرسمية بعدما تم الاتفاق على تأليف لجنة سداسية لتدرسه وتحيله الى المرجع المختص ليتم إقراره وفق الأصول القانونية والدستورية. وقال بري: بعدما نشروا مشروع المحكمة في الجريدة الرسمية خلافاً لما تعهدت به، فهل بات هناك مبرر للجنة السداسية التي اتفقنا عليها لكي تدرسه وتحيله الى حكومة الوحدة الوطنية ومن ثم يحال الى مجلس النواب بعد موافقة رئيس الجمهورية عليه”.
وبعد نقاش دستوري تخللته استعانة بنصوص الدستور وبعض المراجع القانونية أكد بري لموسى أنه لم يرتكب في حياته أي مخالفة دستورية ولن يفعل ذلك، وأن الاكثرية ارتكبت خطأ والكرة في ملعبها وعليها أن تتراجع عنه، وإذا كانت حريصة على نجاح المبادرة فما عليها إلا أن تسترجع مشروع المحكمة من الجريدة الرسمية الى كنف المبادرة لمعالجته في إطار اللجنة التي اتفق عليها.
وسبق وصول موسى إعلان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل تأييده للمبادرة العربية نافياً وجود مبادرة سعودية خاصة في هذا الشأن. وقال: “نؤكد على جميع الاطراف في لبنان أن تعمل على احتواء الخلافات الداخلية وضبط النفس وتغليب المصلحة الوطنية وأحكام الشرعية واللجوء الى العقل والحكمة وتجنّب المواجهات وتبني لغة الحوار لحل المسائل الخلافية”.
حرب دستورية متبادلة
من جهة ثانية التقى ثمانية من كتل نواب الأكثرية النيابية على توقيع عريضة ضد رئيس الجمهورية إميل لحود تتهمه بـ“خرق الدستور”. وأعلن النائب بطرس حرب “طلب اتهام رئيس الجمهورية بعلة خرق الدستور، لمخالفته أحكام المادة 41 من الدستور التي تنص على وجوب إجراء انتخابات نيابية خلال شهرين بعد شغور مقعد نيابي وهي الحالة القائمة اليوم”، اثر اغتيال النائب بيار الجميل. وعلمت “الأخبار” أن اتفاقاً تم بين المجتمعين يقضي بأن تجول العريضة على هذه الكتل لتوقيعها بعدما وقعها النائبان صولانج الجميل وأنطوان غانم سعياً وراء جمع تواقيع 26 نائباً، أي خُمس أعضاء المجلس على الأقل.
وفي المقابل علمت “الأخبار” أن فريقاً من نواب المعارضة قرر القيام بخطوة مضادة تقضي بالطعن بكل القرارات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ استقالة الوزراء الشيعة منها والمطالبة بمحاكمة رئيس الحكومة على مخالفته الدستور واغتصابه السلطة.