بـري يلمّح إلى «مبـادرة جديـدة» والحص يقتـرح خمس نقـاط تشـمل الحكومة والحـوار والمجلس الدسـتوري
غداة مغادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بيروت ملقياً أوزار مبادرته على فريقي السلطة والمعارضة ليتفقا على الخلاصات التي توصل إليها لمعالجة الازمة بينهما وحذرهما من مخاطر أي تصعيد، كرر هذا التحذير من القاهرة امس فيما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يتحدث عن “مبادرة جديدة” من دون ان يكشف اي تفاصيل. لكن أوساطاً قريبة منه أكدت أنه سيتخذ قريباً مبادرة معينة من شأنها أن تكسر الجليد القائم.
فقد طالب موسى جميع الاطراف اللبنانية بوقف كل أشكال التصعيد والتوتر في ما بينها حتى لا تتفاقم الامور إلى تداعيات أخرى. وأكد أن “الجامعة العربية لا تعمل لمصلحة طرف معين في لبنان وإنما الجامعة تعمل لمصلحة جميع اللبنانيين ولا تؤمن بمذهبية ولا طائفية، والمصلحة لدينا هي مصلحة لبنان وكل الاخوة هناك”، مشيراً إلى أنه خلال زيارته للبنان التقى زعماء من كل التوجهات “ولم يدخل في ذهني أبداً موضوع الشيعة والسنة أو أي تفرقة دينية أخرى”. وأمل ألا يكون هناك تصعيد مجدداً تأكيد ضرورة “وقف التصعيد من جانب كل الاطراف هناك”.
إلى ذلك وفيما قال بري رداً على سؤال وجه إليه أمس عما بعد مبادرة موسى: “مبادرة جديدة”. طرح الرئيس سليم الحص بصفته الامين العام لـ“القوة الثالثة”، والذي لم يشمله موسى في لقاءاته، مبادرة من خمس نقاط دعا فيها رئيس الجمهورية العماد إميل لحود الى أن يعلن أن الحكومة القائمة، بعد أن فقدت شرعيتها ودستوريتها، “أضحت في حكم المستقيلة ولم تعد تستطيع سوى تصريف الأعمال بأضيق المعاني”. ودعا المعارضة إلى الانتقال الى “موقع المعارضة البنّاءة لحكومة فقدت شرعيتها ودستوريتها” وأن تستمر المساعي لتصحيح الوضع الحكومي “في منأى عن أي أعمال تصعيدية” والاتفاق على “آلية لإعادة تشكيل المجلس الدستوري”، وأن يدعو رئيس مجلس النواب إلى إحياء مؤتمر الحوار الوطني بعد توسيع إطار التمثيل فيه، ويكون على جدول أعماله قانون الانتخابات النيابية والانتخابات المبكرة والتوافق على رئيس مقبل للجمهورية والملف الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي.
موقف الأكثرية الحاكمة
وفي الوقت الذي تستعد فيه المعارضة لطور جديد من تحركها بعد عطلة الاعياد يمكن أن يشمل عصياناً مدنياً وإقفال مرافق عامة إذا لم تنجح المبادرات، تبحث الأكثرية الحاكمة في مدى دستورية الدعوة الى الانتخابات النيابية الفرعية لملء المقعد الذي شغر باستشهاد الوزير والنائب بيار الجميل، وقال مصدر في كتلة “المستقبل” لـ“الأخبار” إن “هناك بحثاً في قانونية الدعوة وفي احتمال وجود فتوى لإجراء هذه الانتخابات الفرعية دون توقيع رئيس الجمهورية الذي يصر على تعطيل الانتخابات” مضيفاً انه في حال وجود مخرج قانوني فإن مجلس الوزراء سيعمل على إجراء الانتخابات.
وأكد المصدر نفسه ان الخيارات التي تبحثها الأكثرية “لا تأتي في اطار الرد على المعارضة وليست متزامنة مع خطوات التصعيد التي تلوّح بها المعارضة وإنما لتمرير المحكمة الدولية التي تعني لنا الكثير” مضيفا “قد لا تكون لدينا خيارات اخرى الا دعوة المجلس الى الانعقاد، ونحن ندرس مدى دستورية جلسة تعقد وتقر قانون المحكمة ذات الطابع الدولي المحوّل من الحكومة، وحتى لو تطلب الأمر انعقاد الجلسة دون الرئيس نبيه بري إذا ما تغيّب، برئاسة نائب الرئيس او رئيس السن”، مؤكداً “ان البحث يرتكز على دستورية القرارات التي تخرج بها الجلسة التي ستضم نواب الغالبية”.
وقال المصدر “المستقبلي” ايضاً إن “البعض في المعارضة سيفسّر ذلك بأنه تصعيد الا انه في الحقيقة ضرورة لا بد من القيام بها، ونحن نراعي الرئيس نبيه بري الى اقصى الحدود وأكثر من غيره، ونحاول إخراجه من قميص رئيس حركة “أمل” وإلباسه قميص رئيس المجلس” مضيفا ان بري “يصر على التعطيل وان الاكثرية ستسير بهذا الحل بعد استنفاد كل الحلول الاخرى”، ولم يحدد جدولاً زمنياً لهذا الخيار. وشدد على “ان الحكومة الحالية باقية ما دامت هناك سماء زرقاء فوق لبنان”.
ومن جهته النائب الياس عطا الله قال ان “الاكثرية موافقة على مضمون مبادرة عمرو موسى ومن يعطل هو الطرف المعارض الذي لا يعلن ان ما يستهدفه إنما هو المحكمة الدولية”. وأضاف انه يؤيد “دعوة المجلس النيابي الى الانعقاد بالاكثرية القانونية وحتى لو رفض بري”، مشجعاً النواب على “عقد جلستهم فوراً”، مضيفاً ان ثمة “اجواءً نيابية مع هذا الرأي الا ان عقد الجلسة يتطلب موافقة الكتل النيابية” في الاكثرية. وأكد “ان المجلس يمكنه الانعقاد بأكثرية النصف زائداً واحداً، وإذا حضر بري يترأس الجلسة، وإلا فلتعقد من دونه”، مضيفاً “لا توقيت محدداً لهذه الخطوة التي لن تشكل عامل انقسام بين اللبنانيين إذا ما اقرت المحكمة الدولية”.
ومن جهة ثانية رأى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بعد استقباله رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي ان زيارة الاخير له هي “تعبير عن تأييده للحكومة الشرعية في لبنان” مشيراً الى انه بحث معه في ما توصل إليه بعد زيارة موسى والموفد السوداني مصطفى عثمان إسماعيل “حيث كل الأفكار مبنية على التكافؤ، ولبنان لا يستسيغ هزيمة لطرف ونجاحاً لطرف آخر بل هو مبني على أن يكون المكسب الأساس هو للبنان وأن يتم ذلك بالتوازن والتلازم. هاتان هما القاعدتان اللتان ننطلق منهما ونتمسك بهما ونعتقد أن هذه هي الطريقة الصحيحة للوصول إلى نتائج”. وكرر التأكيد أن حكومته “شرعية وتمارس صلاحياتها بحسب الدستور” ورد على تلويح المعارضة بالتصعيد بعد الأعياد بإقفال المطار والعصيان المدني فقال: “علينا أن نستمر بالانفتاح، وليس بالاعتصام والإضراب ولا بالتصعيد تحل الأمور، فلا يظننّ أحد أن قطع طريق المطار ينفع، هذا الأمر يعني قطع حبل الهواء الذي يتنفس منه اللبنانيون”.
ومن جهته خاطب رئيس كتلة “المستقبل” النائب سعد الحريري عبر الأثير مشاركين في مهرجان للأكثرية في البقاع الغربي قائلاً: “لا عودة الى الوراء، الوصاية السورية لن تعود، والمشروع الإيراني لن يمر، والحكومة الشرعية، حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، لن تسقط والحقيقة لن تسقط، والمحكمة الدولية لن تسقط”. وأضاف: “لا تعيروا أي اهتمام للكلام الساقط الذي تسمعونه، ولا تكترثوا لتهديداتهم اليائسة، إنهم في طريق مسدود”.
لا خلوة في بكركي اليوم
وعلى صعيد آخر وخلافاً للتقليد المتبع، لن يحضر رئيس الجمهورية العماد إميل لحود إلى بكركي اليوم لحضور قداس الميلاد وعقد خلوة بعده مع البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير. وعلمت “الأخبار” ان السبب هو “امتعاض” لحود من مواقف “اتخذتها بكركي في الآونة الاخيرة ولم تعبّر فيها عن وقوفها على مسافة واحدة من جميع أبناء الطائفة المارونية حسبما يجب أن تكون، وخصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان”.